السبت, فبراير 15, 2025
-1 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

بين الإصلاح والمساعدات: هل ينقذ لبنان نفسه قبل فوات الأوان؟

الحرة بيروت ـ تقرير خاص

برزت مجدداً تصريحات صندوق النقد الدولي حول ضرورة تنفيذ إصلاحات هيكلية كشرط أساسي لحصول لبنان على المساعدات المالية. يأتي هذا الموقف في وقت تعاني فيه البلاد من شلل اقتصادي ومالي حاد، ما يثير تساؤلات حول مستقبل المفاوضات وتأثير التأخير في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة على الوضع الاقتصادي والاجتماعي.

شروط صارمة للمساعدة

أكد صندوق النقد الدولي في مؤتمر صحفي عُقد يوم أمس أن تنفيذ الإصلاحات الهيكلية يُعدّ شرطاً لا غنى عنه لفتح باب المساعدات المالية للبنان. وأوضح المتحدث باسم الصندوق أن “الإصلاحات الهيكلية غير قابلة للتفاوض”، ما يعكس جدية المؤسسة الدولية في ضرورة تحقيق تغييرات جوهرية في النظام الاقتصادي اللبناني.

وتشمل الإصلاحات المطلوبة من قِبل صندوق النقد الدولي إعادة هيكلة القطاع المصرفي، تقليص العجز المالي، وتعزيز الشفافية في إدارة المال العام. ورغم أن هذه المطالب ليست جديدة، إلا أن تنفيذها يواجه عراقيل داخلية وخلافات سياسية تعيق التقدم. ووفقاً لبعض المصادر، فإن التأخير في تنفيذ هذه الإصلاحات يعود إلى عدم وجود توافق داخلي حول كيفية توزيع الخسائر المالية بين الدولة، البنوك، والمودعين.

الانعكاسات على الاقتصاد

يؤدي الفشل في الاستجابة لطلبات صندوق النقد الدولي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في لبنان، وارتفاع معدل التضخم، ما يزيد من الأعباء على الأسر اللبنانية، رغم أن الإصلاحات الموعودة، خاصة في قطاع الكهرباء، يمكن أن تقلل من النفقات العامة وتعيد ثقة المستثمرين، إلا أن بطء التنفيذ يحدّ من فعاليتها.

من جهتها، تُعدّ مسألة توزيع الخسائر المالية من أبرز نقاط الخلاف بين السلطات اللبنانية وصندوق النقد الدولي، حيث يطالب الصندوق بأن تشارك البنوك التجارية وأصحاب الثروات الكبيرة في جهود إعادة الهيكلة، وهي خطوة تواجه مقاومة من النخب السياسية والاقتصادية في البلاد. هذا التوتر يعكس صعوبة إصلاح نظام يعاني من عقود من الفساد والمحسوبية.

كذلك، طالب صندوق النقد الدولي بزيادة الشفافية في إدارة الأموال العامة، وهو مطلب يلقى دعماً واضحاً من المجتمع الدولي. وكانت بعض الجهات المانحة، مثل فرنسا والاتحاد الأوروبي، قد ربطت دعمها المالي للبنان بضرورة وضع آليات رقابة صارمة لمنع أي تلاعب أو اختلاس.

دور المجتمع الدولي

تلعب الجهات الدولية دوراً محورياً في تقديم الدعم للبنان، ولكن هذا الدعم مشروط بالإصلاحات المطلوبة. من هنا تتطلب المرحلة الحالية تنسيقاً وثيقاً بين السلطات اللبنانية والمجتمع الدولي لضمان توجيه المساعدات بشكل فعال ومراقب. ويؤكد المراقبون أن الدعم الدولي يمكن أن يسهم في استقرار البلاد إذا ما توافرت الإرادة السياسية لتنفيذ الإصلاحات.

وفي حال عدم تمكن لبنان من تلبية شروط صندوق النقد الدولي، قد تكون العواقب وخيمة، حيث سيُحرم البلد من الوصول إلى التمويل الدولي، ما يزيد من حدة أزمة السيولة ويعرقل جهود التعافي الاقتصادي. ومع ذلك، فإن الاتفاق مع الصندوق، رغم أهميته، قد لا يكون كافياً إذا لم تُرافقه إجراءات اجتماعية تهدف إلى تخفيف الأثر السلبي للإصلاحات على الشرائح الأكثر ضعفاً.

إذاً، يبقى مصير المفاوضات بين لبنان وصندوق النقد الدولي معلقاً على قدرة السلطات اللبنانية على تجاوز الخلافات السياسية وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة. في ظل الظروف الراهنة، يواجه لبنان خياراً حاسماً بين تبنّي تغييرات جذرية تفتح الباب أمام المساعدات الدولية أو الاستمرار في الانزلاق نحو أزمة أعمق. لذا، فإن التحرك السريع والجاد بات أمراً لا يحتمل التأجيل، لضمان استقرار اقتصادي واجتماعي مستدام.

https://hura7.com/?p=42447

الأكثر قراءة