جريدة الحرة
كارين عبد النور
أيامٌ حاسمة تفصلنا عن الاستحقاق البلدي في بيروت. المدينة التي لا تشبه غيرها، تدخل مجدداً في اختبار ديمقراطي تتجاوز رهاناته حدود المجالس البلدية العادية، لتلامس جوهر النزاع على القرار، والمساءلة، والهوية السياسية والإدارية للعاصمة.
فبيروت ليست كغيرها من المدن، وبلديتها ليست كمثيلاتها. من خصوصية التمثيل المختلّ واحتمالات تجاوز المناصفة في مجلسها، إلى الامتيازات الواسعة الممنوحة للمحافظ كـ”سلطة بلدية بديلة”، تقف العاصمة أمام مفترق خطير يُختصر بسؤالٍ مصيري: هل يُراد لهذه الانتخابات أن تُعيد إنتاج منظومة الإفلات من العقاب؟
تجري الانتخابات في مناخ سياسي وطائفي محتقن، تخللته مناورات اللحظة الأخيرة في مجلس النواب، الذي استيقظ متأخراً على ضرورة إقرار قانون عصري للبلديات بعد سنوات من التجميد واللامبالاة. لكن الأخطر، هو ما يلوح في أفق ما بعد الانتخاب: هل سيأتي مجلس بلدي يطوي صفحة التحقيقات الجارية بملفات فساد بلدية بيروت، ويغلق الأدراج على قاعدة “عفا الله عمّا مضى”، تاركاً الأموال العامة نهباً لأحكام قد تُصدَر بلا مدّعٍ بالحق البلدي؟
السكوت الرسمي المريب، والامتناع الفاضح عن انتداب محامٍ لحماية مصالح بيروت، يدقّ ناقوس الخطر: هناك من يراهن على الوقت لتضييع الحق، وعلى الانتخابات لتبييض الوجوه القديمة بوجوه جديدة. فهل نقف متفرّجين؟ أم أن بيروت تستحق مجلساً يحاسب لا يُساير، ويستردّ لا يُسامح؟
التحدي الأبرز الذي يواجه المجلس البلدي الجديد يتمثل في مدى قدرته على إجراء تدقيق جنائي شامل للفترة السابقة، وهي الفترة التي كانت تُعتبر بمثابة “المرحلة الذهبية” لبلدية بيروت، قبل انهيارها المالي في عام 2019. إذ من الواضح أن تلك السنوات شهدت صرفاً ممنهجاً وغير مبرر لأموال البلدية في ظل إدارة المحافظ السابق والمجلس البلدي الحالي، ما يقتضي ضرورة تدقيق جنائي للكشف عن الأسباب التي أدت إلى هذا الهدر المالي الذي جعل بيروت، التي كانت تقوم بتديين الدولة، تصل إلى حالة من الإفلاس.
وقد تكشف التحقيقات عن خطة تنفيذية ممنهجة لاستنزاف الأموال عبر مشاريع لا تحمل أي قيمة مضافة للمدينة، سواء من خلال مجلس الإنماء والإعمار أو عبر البلدية نفسها، بما في ذلك عمليات تنفيع لعدد محدود من المتعهدين المحسوبين على السلطة السابقة، بأسعار خيالية لمشاريع لم تكن لها أي فائدة تذكر. ومن هنا، تُعتبر الانتخابات البلدية الحالية فرصة حاسمة للمحاسبة على هذه المرحلة، بهدف استعادة الأموال التي تم نهبها، والتي كان من الممكن أن تساهم في نهضة بيروت وأبنائها.
فهل سيتمكن المجلس البلدي الجديد من تحقيق محاسبة فعالة لهذه الحقبة؟ وهل يمتلك الشجاعة الكافية لوضع ملف الفساد على رأس أولوياته؟ وهل سيقبل المواطنون بانتخاب مجلس بلدي يفتقر إلى خطة واضحة لفتح هذه الملفات وتفعيل المحاسبة؟

حديقة المفتي حسن خالد: مشروع رمزي تحوّل إلى نموذج للهدر والإهمال
البداية مع ملف “حديقة المفتي الشهيد حسن خالد” الذي يعدّ من أكثر ملفات الهدر المالي فظاعة في سجل بلدية بيروت. فهو مشروع يحمل دلالات وطنية وتاريخية إنما تحوّل لنموذج صارخ لسوء الإدارة وغياب المساءلة. فخلال مرحلة كان فيها سعر صرف الدولار لا يزال مثبتاً على 1500 ليرة لبنانية، صُرفت مبالغ ضخمة لتنفيذ مشروع ترميم الحديقة، من دون أن تُنفذ الأعمال المقررة على الأرض. ورغم تخلّف المتعهد عن التنفيذ، إلا أنه تقاضى جزءاً كبيراً من المبلغ المخصص للمشروع، وعندما بادر إلى طلب فسخ العقد، أصرّ على احتسابه وفق سعر الصرف القديم، وهو ما وافق عليه المجلس البلدي، بالرغم من أن القضية كانت قد أُحيلت إلى النيابة العامة المالية بجرائم تتعلق بهدر المال العام.
تعقيد الملف لا يقتصر على الجانب المالي، بل يمتد إلى البعد الرمزي للحديقة (اغتيال المفتي الشهيد حسن خالد)، ما يمنحها بعداً تاريخياً ووجدانياً خاصاً لدى أبناء المدينة. هذا البعد لم يشفع لها أمام الجرافات التي أزالت أحجارها المعمّرة وقطعت أشجارها العتيقة، رغم تعهّد المتعهد بنقلها إلى حرش بيروت أو إلى إحدى حدائق البلدية. وبدلاً من الحفاظ على هذه المعالم، جرى الادّعاء بسرقة الأشجار والحجارة، بما في ذلك تراب الحديقة، في إطار ملف اتُهم فيه المتعهد باستغلال النفوذ والتنصل من التزاماته.

وعلى الرغم من جسامة المخالفات التي طالت المشروع، لم تُتخذ أي إجراءات قانونية بحق المسؤولين أو المتعهد، وبقيت الحديقة في حالة من الإهمال التام. المفارقة أن البلدية، بعد كل الهدر ذاك، تواصل البحث عن جمعية أهلية لتتولى ترميم الحديقة، وكأن المال العام لم يُهدر، وكأن الحديقة لم تكن رمزاً يستحق صوناً وتكريماً.
زراعة الأشجار في بيروت: 9.5 مليار ليرة لمشروع لم يُنفّذ
من جهته، يشكّل ملف الزراعة في بلدية بيروت نموذجاً فاضحاً لهدر المال العام، حيث تمّ رصد نحو 9.5 مليار ليرة لبنانية في مناقصة أُسندت إلى شركة “هاكون” المملوكة من رجل الأعمال، عماد الخطيب، وذلك في فترة كان لا يزال سعر صرف الدولار مثبتًا أيضاً عند 1500 ليرة. ووفق دفتر الشروط، كان من المفترض أن يتم تنفيذ أعمال زرع أشجار في مناطق محددة من العاصمة، إلا أن الواقع كشف عن عدم تنفيذ أي من الأعمال.

وعند استدعاء المتعهد إلى التحقيق، أفاد بأن الأشجار قد “يبست” داخل الأحواض بسبب عدم ريّها، ملقياً باللوم على القائمين على التنفيذ في البلدية لتقصيرهم. علماً بأن الملف قيد التحقيق أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت، الذي رفض الدفوع الشكلية وقرر المضي في جلسات المحاكمة، بعد الادعاء رسمياً على الخطيب وشركته بجرم هدر المال العام.
القصر البلدي: عقود صيانة وهمية وتحويلات مشبوهة بقيمة 400 ألف دولار سنوياً

في سياق متصل، أُثيرت شبهات كبيرة حول ملف صيانة وتنظيف مبنى القصر البلدي خلال السنوات الماضية، والذي أُسند كذلك إلى شركة “هاكون” التابعة لعماد الخطيب، بقيمة 400 ألف دولار سنوياً. ونتيجة الإخبار الذي تقدّم به المحامي علي عباس، كشفت التحقيقات أن الشركة لم تنفذ الأشغال بنفسها، بل تعاقدت من الباطن مع نجم كرة السلة السابق، فادي الخطيب، لتنفيذ الأعمال بمبلغ لا يتجاوز 20 ألف دولار سنوياً، ما يعني أن عماد الخطيب تقاضى 380 ألف دولار من المال العام دون وجه حق. هذا الملف أيضاً موضع متابعة قضائية حيث تم الادعاء فيه على الخطيب بجرائم الإثراء غير المشروع وهدر المال العام.
إشارات بيروت التوجيهية: منظومة نهب وتبديل وسرقة علنية

من بين الملفات التي تُبرز طبيعة الفساد المنهجي في بلدية بيروت، يبرز ملف الإشارات التوجيهية التي تم تركيبها في عدد كبير من شوارع العاصمة. إذ تبيّن أن اللوحات المصنوعة من معادن ثمينة قد تم تفكيكها وسرقتها، واستُبدلت بأخرى ذات جودة متدنية تتفتّت سريعاً مع مرور الوقت. وقد تم الادعاء في هذا الملف على عدد كبير من المعنيين، من بينهم المقاول جهاد العرب، مكتب “دار الهندسة”، المحافظ السابق زياد شبيب، والرئيس السابق لمجلس بلدية بيروت جمال عيتاني. ولا يزال هذا الملف عالقاً أمام قاضي التحقيق في بيروت، وسط تساؤلات جدّية عن أسباب التأخير في إحقاق العدالة.
صيانة وتزفيت طرقات بيروت: 125 مليار ليرة بلا إنجازات تُذكر

أما ملف تزفيت وصيانة الطرقات بين عامي 2017 و2019، فيمثّل واحدة من أكبر عمليات الإنفاق المريب، حيث تم صرف ما يقارب 125 مليار ليرة (ما يعادل 83 مليون دولار) على مشاريع بنى تحتية في مناطق مثل الأشرفية، صبرا، الطريق الجديدة، الحمرا وغيرها. وقد نُفذت العقود مع متعهدين معروفين، أبرزهم جهاد العرب وعماد الخطيب، وعدد من الأسماء المتكررة في ملفات الصفقات العامة.

اللافت أن هذه المشاريع لم تترك أي أثر ملموس على الأرض، ما يطرح علامات استفهام حول جدوى الإنفاق وحقيقة الكلفة التي تفوق بأشواط الكلفة السوقية الفعلية. والفضيحة الأكبر جاءت على يد المجلس البلدي في 24 أيار 2019، حيث أصدار قراراً بإجراء تدقيق جنائي مالي في الصرفيات، في خطوة وُصفت بأنها اعتراف ضمني بوجود عمليات نهب ممنهج للمال العام في تلك المرحلة.
شراكة ملغومة: 6 ملايين دولار في ملف النفايات بين بيروت وبرج حمود
ومن أبرز ملفات الهدر المالي التي تثقل كاهل بلدية بيروت، يأتي الاتفاق المبرم مع بلدية برج حمود لمعالجة نفايات العاصمة، والذي كلف ما يناهز 6 ملايين دولار، موزعة على أربع دفعات. هذه النفقات دُفعت في فترة كان فيها مطمر برج حمود مقفلاً فعلياً، حيث كانت النفايات تُنقل إلى مطمر الجديدة. الملف، العالق هو الآخر اليوم أمام القضاء، يكشف عن تلاعب صريح في الوثائق الرسمية، مع وجود محضرين مختلفين وموقّعين عن نفس الفترة الزمنية، يورد كل منهما مبالغ مدفوعة مختلفة، ما يشير إلى احتمال تزوير أو إخفاء معلومات داخل المجلس البلدي نفسه.
فيضان الرملة البيضاء: ملف نام في الأدراج لتمرير الإفلات من العقاب
في قضية تُظهر خطورة التراخي القضائي في مواجهة التجاوزات العمرانية، تبرز كارثة فيضان الرملة البيضاء، التي تقدمت على إثرها دعوى ضد صاحب مشروع “إيدن باي”، وسام عاشور، واثنين من المهندسين العاملين معه، بعد اتهامهم بتكسير “مجرور” رئيسي أدى إلى الفيضانات. الملف أحيل إلى القاضي شربل أبو سمرا، حيث تم تجميده لثلاث سنوات متتالية، ما أدى إلى سقوطه بمرور الزمن. وهذا التعطيل الممنهج يطرح تساؤلات جدية: من حمى المتهمين؟ وهل يمكن إعادة تحريك الملف لمحاسبة المتورطين؟
انهيار طريق الرملة البيضاء: إهمال هندسي أم استهتار بحياة الناس؟
دعوى أخرى وُجهت ضد المتعهد جهاد العرب وشقيقه بعد انهيار الطريق في منطقة الرملة البيضاء، نتيجة وضع أكياس ترابية بطريقة عشوائية تحت الطريق، ما جعل السيول تتحول إلى قوة مدمّرة. هذه الواقعة شكلت نموذجاً فاضحاً لسوء التنفيذ وغضّ النظر عن معايير السلامة العامة في مشاريع البنى التحتية في حين بقيت المحاسبة نائمة أو منيّمة.

مكتبة وهمية: ملايين الليرات على مجلات وكتب لم تُقرأ
تتكشف في هذا الملف معالم فساد ناعم، تجلّى في شراء بلدية بيروت لكميات كبيرة من المجلات الفنية والكتب عديمة الجدوى، بقرارات مباشرة من المحافظ السابق. هذه المطبوعات، التي كانت تُكدّس على سطح مبنى البلدية دون أي فائدة، استخدمت كمادة دعائية لتلميع صورة المحافظ السابق، هذا عدا عن الرواتب الشهرية التي كانت تسدّد لبعض الإعلاميين. ورغم تقديم الملف أمام القضاء، ورفض الدفوع الشكلية المقدمة من الأخير، فهو لا يزال قيد المراجعة بانتظار تحديد موعد لجلسة جديدة.
جسر سليم سلام: 26 مليار ليرة لمشروع مهترئ
رغم تخصيص زهاء 26 مليار ليرة لبنانية لتأهيل جسر سليم سلام و”التونيل” المحاذي له، فإن حالتهما الراهنة تعكس تدهوراً غير مبرر، أشبه بما لو كانا منشأين قبل قرن من الزمن. هذا التباين الفاضح بين الكلفة المرتفعة والنتيجة الرديئة يعيد فتح النقاش حول ضرورة إجراء تدقيق جنائي في ملف البنية التحتية في بيروت، لا سيما أن مبالغ كهذه كان من الممكن أن تنفذ مشروعاً استراتيجياً مثل نفق بحري يربط جونية ببيروت.
سلف مكتب المحافظ: نفقات كمالية مموّهة تحت بند “لوازم“
أحد أخطر ملفات الهدر والفساد ذات الصلة يتعلق بسلف كانت تصرف بشكل منتظم من قبل المحافظ السابق تحت عنوان “لوازم مكتب المحافظ”. الملف يكشف عن صرف شهري منتظم بقيمة 9 ملايين ليرة على الورود، الشوكولا والكوكتيلات. والأخطر أن إحدى الشركات التي قدمت فواتير الكوكتيلات، تبين أنها تعمل في مجال تنظيف المجاري، وليس لها علاقة بأي خدمات ضيافة. وحين استُدعي مديرها إلى القضاء، أقرّ بأنه كان يقدّم فواتير على بياض تتم تعبئتها لاحقاً داخل البلدية. الملف أُحيل إلى النيابة العامة التمييزية نظراً إلى كون المحافظ السابق قاضياً، قبل أن يختفي من أدراج النيابة وسط مطالب بمعرفة مصيره.

فضيحة الميلاد: شركة “بيست” وتجاوزات بمليون دولار
في أحد أبرز ملفات الفساد المرتبطة ببلدية بيروت، يطفو على السطح ملف شركة “بيست” التي أوكلت إليها مهمة تنفيذ زينة الميلاد في ساحة الشهداء في العام 2018. ورغم اعتراض ديوان المحاسبة ورفضه صرف المبلغ المخصص للمشروع، والذي بلغ مليون دولار أميركي، أصر محافظ بيروت على تمرير القرار. وقد اتُّخذ هذا القرار بشكل مخالف لرأي الجهة الرقابية المختصة، في سابقة تثير الشبهات حول مدى الالتزام بالأصول القانونية والإدارية. وما يزيد الوضع غموضاً هو اختفاء الملف المتعلق بالقضية من سجلات البلدية، في حين تؤكد وثائق أخرى وجود مخالفات واضحة، ما يعقّد احتمالات المساءلة والمحاسبة عن هذا الإنفاق غير المشروع.
عودة “المتعهدين”: إعادة تموضع منظّمة لنهب المال العام
إن تراكم هذه الملفات القضائية العالقة يُشكل تحدياً حقيقياً أمام أي مجلس بلدي جديد في بيروت. فالأموال التي تم تبديدها على مشاريع مشبوهة أو نفقات كمالية كان يمكن توجيهها نحو إنارة العاصمة، ترميم أبنيتها المتداعية، وصيانة طرقاتها المتآكلة. كل هذه القضايا تؤكد الحاجة إلى تدقيق جنائي شامل، يعيد تنظيم الأولويات وفقاً لمصالح سكان المدينة لا مصالح المتعهدين.
اللافت أن الأسماء ذاتها، التي ارتبطت بهذه الملفات، تعود اليوم بوجوه مختلفة للمشاركة في المشهد البلدي مجدداً. ومحاولة إعادة التموضع هذه، إنما تمثل سعياً للالتفاف على الرأي العام، واستكمال عملية النهب من داخل البلدية. وهنا تقع مسؤولية كبرى على عاتق الناخب البيروتي، الذي يُفترض أن يستفيد من دروس الماضي، ويختار قيادة تضع استرداد المال العام في صلب أولوياتها، وتعيد توجيه الإنفاق البلدي نحو تنمية حقيقية مستدامة.
لم تعد الانتخابات البلدية في بيروت مجرد استحقاق محصور بالمعادلات الطائفية أو الولاءات السياسية، بل باتت تمثل فرصة محورية لطرح سؤال جوهري: كيف يمكن استرداد أموال المواطنين التي تم هدرها؟ فبدل أن تكون البلدية أداة لتكريس الزبائنية، ينبغي أن تُستعاد وظيفتها الإنمائية الأساسية عبر مشاريع صحية وتربوية ورياضية، مثل إنشاء المستوصفات والمدارس والملاعب العامة. فبفضل صلاحياتها التنفيذية وإمكانياتها المالية، تُعد البلدية الأداة الأجدى لتحقيق إنماء عادل وشامل، شرط تحريرها من قبضة الفساد والمحسوبيات.
الملفات المتراكمة التي طُرحت تباعاً تكشف حجم الفساد المتأصل في بنية إدارة بلدية بيروت على مدى سنوات. وهو فساد أدى إلى تبديد مئات ملايين الدولارات من أموال المواطنين من دون حسيب أو رقيب. فهل يمتلك المجلس البلدي المقبل الإرادة السياسية والقدرة المؤسسية على فتح ملفات المحاسبة، واسترجاع الأموال المنهوبة، وتحقيق العدالة في قضايا لطالما بقيت طي الكتمان؟ وحدها المحاسبة الجدية كفيلة باستعادة ثقة البيروتيين، الذين ما زالوا يتطلعون إلى تغيير حقيقي يعيد لمدينتهم دورها الريادي كنموذج في الحوكمة الرشيدة والنزاهة.