المركزية – في تطور لافت في مجريات الحرب الدائرة بين إسرائيل وحزب الله منذ الثامن من أيلول/سبتمبر الماضي، أقال أمس رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وزير الدفاع، يوآف غالانت، قائلاً: “العلاقة بيني وبينه تصدّعت، وهناك فرق واضح في المواقف بما خصّ إدارة الحرب”.
وأعلن نتنياهو تعيين وزير الخارجية، يسرائيل كاتس، بدلاً من غالانت في حين سيتولى جدعون ساعر حقيبة الخارجية خلفاً لكاتس.
وفي 18 أيلول/سبتمبر الماضي، أعلن غالانت أن مركز ثقل الحملة العسكرية الإسرائيلية “ينتقل إلى الشمال”، واصفاً ذلك بأنه “بداية مرحلة جديدة في الحرب تتطلب الشجاعة والتصميم والصمود”. وينظر الآن إلى غالانت على أنه كان استشرافياً وراهن على قدرة إسرائيل على استعادة زمام المبادرة. فإلى أي مدى تشكّل إقالة غالانت المقرّب من الإدارة الأميركية الحالية مؤشراً يدلّ على نيّة إسرائيلية تصعيدية خصوصاً ضدّ حزب الله؟
يرى العميد المتقاعد ناجي ملاعب أن هناك مشكلة بين المستوى السياسي والعسكري في إسرائيل، حيث بدأت هذه الإشكالية مع عضوي الكابينت أيزنكوت وبيني غانتس اللذين كانا مختصَين بحرب غزة. وخلال هذه الحرب وجّها إنذاراً إلى نتنياهو مفاده أن الجيس الإسرائيلي لا يستطيع أن يكمل هذه الحرب من دون أن يعرف ما هي مهامه. وفي فحوى الإنذار سألا نتنياهو عن خطته، وحين لم يجب لوّحا بتقديم استقالتهما خلال شهر. وهذا ما حصل فعلاً.
ويضيف ملاعب: “استطاع نتنياهو أن يكسب رضا المعارضة عندما جهّز إسرائيل للاستعداد لحرب الشمال، فقام باستدعاء لواء من النخبة حيث اعتبر أن بإمكانه تمشيط الأرض على مسافة معينة حتى تتمكن الدبابات من الدخول إلى القرى الجنوبية”.
وعن الخطة التي وضعها نتنياهو، يرى أن الفرق الخمس التي قام نتنياهو باستدعائها لم تستطع أن تضع أي خط دفاعي. لافتاً إلى أن الدبابات التي شاركت في المعارك لم تستطع أن تتقدم 5 كيلومترات على الأقل. مضيفاً: “بسبب هذا الفشل قدّم رئيس الأركان اقتراحاً لنتنياهو بإنهاء العملية البرية على لبنان خلال أسبوع أو اسبوعين طالما أنه تمّ تحقيق الكثير من الأهداف. غير أن نتنياهو لم يوافق على الاقتراح”.
ويلفت ملاعب إلى تقرير نُشر في إسرائيل منذ عدّة أيام يشير إلى أن نسبة الطلقات الصاروخية والمسيّرات التي أطلقت من قِبل حزب الله باتجاه شمال اسرائيل خلال سنة هي بمعدّل 270 قذيفة في الشهر، وأنه خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي تمّ إطلاق 1251 مقذوفة، أي ما يعادل أربعة أضعاف ما كان يُطلق سابقاً. ما يعني أن إسرائيل لم تحقق أهدافها بعد، كَون الحزب ما زال قادراً على إطلاق صواريخه باتجاه القرى الشمالية الإسرائيلية.
هذا ما أدّى إلى حالة من التململ لدى الجنود الإسرائيليين، فرفعوا الصوت باعتبار أن خطة نتنياهو لم تنجح وأن قدرات الجيش باتت تُستنزف على الرغم من الإنجازات التي حققها من خلال تدمير 29 قرية حدودية وتحويلها إلى أرض محروقة.
أما عن تزامن إقالة غالانت مع انشغال الولايات المتحدة بالانتخابات الرئاسية، يقول ملاعب: “سنحت الفرصة لنتنياهو بأن يكمل حربه على لبنان إلى حين استلام الرئيس الأميركي الجديد منصبه، ما يشير إلى أن كل من سيقف بوجه خطته ستتمّ إزاحته. وليس مستبعداً أن يكرّر ما فعله بغالانت مع كل من رئيس الأركان ورئيس الشاباك. أما الهدف فهو محاسبتهم على الأخطاء التي ارتكبوها في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 “.
هذا ولا يستبعد أن يكون هناك نية على المستوى السياسي للقضاء على المستوى العسكري كي يتمكن نتنياهو من متابعة ما بدأه. فوزير الدفاع الجديد محسوب على المتشددين وهو خبير وضليع في الأمور السياسية. أما مهمته فهي الاهتمام بتسليح الجيش والإشراف عليه شخصياً. غير أن من يقوم بوضع الاستراتيجية القتالية للجيش الإسرائيلي هو رئيس الأركان الذي يقوم بدوره برفعها إلى مجلس الوزراء.
ختاماً، وعن تداعيات الحرب الإسرائيلية مستقبلاً على لبنان، يشير ملاعب إلى أن الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، لم يستلم بعد زمام الأمور في الولايات المتحدة، وبالتالي، لا يستطيع أن يقف بوجه نتنياهو ولا بوجه الإدارة الأميركية الحالية. محذراً من الأيام الصعبة التي تنتظر اللبنانيين حيث من المتوقع أن يشهدوا المزيد من التصعيد والدمار بانتظار تسلّم ترامب الإدارة الجديدة في العام 2025.