الأربعاء, مايو 14, 2025
12.1 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

بين مُعَسْكَرين… أين الليبراليّون؟

جريدة الحرة

زياد الصَّائغ، باحث في الشؤون الجيو-سياسيّة

من أوكرانيا إلى فلسطين، مع  تداعِيات الحروب المتنقِّلَة، الكونُ مُربك. السِّباق محمومٌ بين استِدامة الصِّدامات الدّمويّة، معطوفَةً على ارتجاجاتٍ اقتصاديّة، وتصدُّعاتٍ اجتماعيَّة، وزلازل ثقافيَّة، وتشوُّهاتٍ دينيَّة. السِّباق محمومٌ بين استِدامة هذه الصّداماتِ الدّمويّة من ناحِية، ومحاولات الاستِثمار في مبادرات هدنة أوّليّة، تؤسِّس لإمكانيَّة سلامٍ ثابت، من ناحيَةٍ أُخرى.

الإرباكُ الكونيُّ، المُشَار إليهِ أعلاه، قائِمٌ في غيابٍ هائل للأَخْلاق عن الشأنِ العامّ، أضِف إلى ذلك تعميمُ الشحِّ في من يتسلَّم مهامّ هذا الشأن العامّ، بالاستِناد إلى معايير رجالاتِ الدَّولة ونسائها. غيابُ الأخلاق يَقْتاتُ من تدميرِ المفاهيم المُطلِقة للسّياساتِ العامّة والحوكمة الرَّشيدة. الشِحُّ في رجالاتِ الدّولة ونسائها يغتذي بالشَّعْبويَّة، وقنّاصي/اتِ الفُرَص، ومعسكِري الأديان، وعصبيّي الأيديولوجيَّات. حتَّى إنَّ تتفيه السّياسة، على عكس ما هي خدمة الشأن العامّ للخير العامّ، حتَّى إنّ هذا التتفيه بات تراندًا يَبْلُغُ إلى توسيع رُقْعة تحالف الديكتاتوريَّات الأوتوقراطيّة والثيوقراطيّة، من مُنْطَلَق مواجَهَة ما اصطُلِح على تسميتِه بهيمنة الغرب.

ليس سَهْلًا العُثُور على رُقْعةٍ هادِئة تنبُت في حناياها مُبادرة هادفة فاعِلة. المركنتيليّة، رَبْطًا بالتفوقيّة، يتسيَّدان كلّ الرُّقَع. كلّها، حتَّى تِلك التي تُصّر على تشييد عمارة سرديَّة مؤَنْسَنة، ترتقي بالتنوّع إلى مستوى أنّه جوهَرُ الخليقة، ما يستدعي التصدّي لكلّ أشكالِ التّنميط الثّقافي بكامِل تشكُّلاتِ كلّ حضارة، خصوصاً تلك أمْسَت في مربّعِ تصحّرٍ أو قُصُور عن التأثير في هذا التوجّه الانحِداريّ.

التوجّه الانحِداريّ، الذي فصّلنا مضامينُه من باب الافتِقار إلى رؤيةٍ تُعيد للإنسان بكرامتِه الحقّ بالعدالة دون استنسابيّة، كما للمجتمع الدّولي بتعدّديّة تشكّلاتِه، القُدْرة على العَوْدة إلى لُغَةِ تسالُمٍ من أساسها الإنسانُ الكونيّ، وفي هذا الأخير تنقيَة للعَوْلَمة الضرورة من شوائب الامتِثال لفرائِض الأقْوَى ونزواتِه، هذا التوجّه الانحداريّ كارثيّ. كلُّ أقوى معنيٌّ بتقديم مُسَاهمة إيجابيّة لِعالمٍ أكثر استِقرارًا، وإلّا يُمْسي هذا الأقْوَى مُنْحازًا لَتفَاوضٍ مصلحيّ، قد ينحو فيه إلى تبريد موضوعيّة تبريدًا لتوتّرات موضعيّة.

التبريد الموضعيّ المؤقّت انتِهازيةٌ تافِهة. استِئصال العابثين بالعدالة والسّلم الإقليميّ والدّوليّ وَحْدَه ضمانة. كُلّ العابثين دون استثناء.

من هُنا، من المُلّح إطلاقُ البَحْث المُعمّق في مفاهيم تتطلَّب تحديدًا مجدّدًا من مِثْل الأكثريَّة، والأقليَّة، والدّيموقراطيّة، والتعدّديّة، والأيديولوجيّة، والاقتِصاد الحرّ، والأطراف المافوق دولتيَّة، والجريمة المنظّمة، والتّحالفات العسكريّة العابرة للحدود، وتطولُ السّبْحَة. النّظام العالميّ مهتزُّ الأركان، إلى حدِّ أنّ ثمّة من بات يدعُو فيه إلى تسويَةٍ ما مع توتاليتاريّة هُنا أو هُناك، مموّهًا بُنيَة هذه التّسوية بأنّها خيارٌ شُجاع. الحِوار حِكْمة، لكِنْ بين مُعَسْكَرَي الدّمار والبِناء ثمَّة ما يرتقي إلى تباعُد مسافاتِ سنين ضوئيَّة.

الخِشْيَة تكمُن في تسويقِ الاحتِواء انتِصارًا لديبلوماسيّة السَّلام. الاحتِواء، أيّ احتِواء لأيّ تطرّف، مَقْتَلة. كلِّ تطرُّف دون استثناء. المُفاضَلَة هُنا تورّطٌ في الجريمة. الجدوى الوحيدة تتبلور حتى يُقرّر الليبراليُّون/ات أن يستعيدوا زمام المُبادرة.

https://hura7.com/?p=51740

الأكثر قراءة