DW – في أعقاب تجميد المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا وتبادل المعلومات الاستخباراتية معها، أكد رئيس جهاز المخابرات الألماني (BND)، برونو كاهل، أن وكالات الاتحاد الأوروبي تعمل على إبقاء كييف “على اطلاع قدر الإمكان”. حيث أنه واثق من أن تبادل المعلومات الاستخباراتية مع الولايات المتحدة سيستمر، على الرغم من تغيير مسار السياسة الخارجية في واشنطن.
وفي أول تصريح عام له منذ تولي الرئيس دونالد ترامب منصبه، قال كاهل إن حماية أوكرانيا من روسيا هي شيء “يجب على الغرب تحقيقه معًا”. وأضاف: “نأمل بشدة أن يقف الأمريكيون إلى جانبنا قريباً مرة أخرى للمساعدة في حماية أوكرانيا من العدوان القادم من الشرق”.
ماذا قال كاهل عن التهديد الذي تشكله روسيا للاتحاد الأوروبي؟
في رده على الأخبار التي تفيد بأن الولايات المتحدة فرضت قيوداً على تبادل المعلومات الاستخباراتية العسكرية مع أوكرانيا، أجاب كاهل بأن جهاز المخابرات الألماني يضاعف جهوده الآن للعمل مع أجهزة الاستخبارات الأخرى في الاتحاد الأوروبي “لنرى ما يمكننا القيام به لإبقاء أوكرانيا على اطلاع قدر الإمكان وتجهيزها حتى تتمكن من الدفاع عن نفسها”.
وحذر من أن النهاية السريعة للحرب التي يسعى ترامب إلى تحقيقها “ستمكن الروس من تركيز طاقاتهم ضد أوروبا”. وتابع: “لقد شهدنا عمليات تأثير هجينة، بما في ذلك خلال الانتخابات التي جرت في أوروبا، وصولاً إلى أعمال التخريب… بطريقة غير مسبوقة في الماضي القريب”. وأشار كاهل إلى تحذيره السابق من أن روسيا ربما تسعى إلى اختبار “موثوقية المادة الخامسة من ميثاق حلف شمال الأطلسي “، أو بند الدفاع الجماعي الذي يدعم التحالف. “نأمل بشدة ألا نواجه معضلة اختبارها. ولكن علينا أن نفترض أن روسيا تريد اختبار وحدة الغرب”.
تأثير سياسات ترامب على الأمن
وأضاف كاهل أن اتباع إدارة ترامب لنهج مختلف تجاه كل صراع تقريباً يعني أن المخاوف بشأن الأمن الدولي “تتزايد، بدلاً من أن تتناقص”، خاصة مع تكثيف روسيا للتجسس على أوروبا ودول أعضاء في حلف شمال الأطلسي. ورفض كاهل فكرة أن اتخاذ موقف أكثر ودية تجاه روسيا داخل البيت الأبيض يعني أن ألمانيا ستتوقف عن تبادل المعلومات حول روسيا مع الولايات المتحدة.
وذكر: “نتحقق جميعاً من هواتفنا كل صباح لنرى ما حدث خلال الليل، لذا لسنا بمنأى عن المفاجآت، حتى تلك المفاجئة”. كما استشهد بالثقة التي بُنيت على مدى عقود بين مسؤولي الاستخبارات، وأكد: “لدينا مصلحة في الحفاظ على علاقات العمل هذه”.
تبادل المعلومات الاستخباراتية أساسي لمنع الهجمات الإرهابية
شدّد كاهل على أن تبادل المعلومات الاستخباراتية أساسي لدرء تهديدات الإرهاب الدولي. وجاءت تعليقاته منسجمة مع ملاحظات خبراء آخرين، مفادها أن هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة كانت جزئياً سبباً في انهيار تبادل المعلومات الاستخباراتية، سواء بين الوكالات الأمريكية أو على الصعيد الدولي.
وأوضح: “لا تستطيع أي دولة مواجهة جميع التهديدات بمفردها. ولهذا السبب يعتمد أصدقاؤنا على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي اعتماداً كبيراً على معلوماتنا، تماماً كما نعتمد نحن على معلوماتهم”. وأكمل بأن قدرة الإرهاب الدولي على “تصدير الإرهاب إلى أوروبا مرة أخرى من خلال لاعبيه الرئيسيين، مثل تنظيم داعش والقاعدة” لم تتضاءل، ولكنها “عادت للأسف”.
كما أكد كاهل أن تبادل المعلومات الاستخباراتية ليس ضرورياً فقط بما خص الصراعات العلنية. وضرب مثالًا بخلية NSU الإرهابية اليمينية المتطرفة التي عملت في ألمانيا في أوائل القرن الحادي والعشرين، موضحاً أن هذه الممارسة كانت أساسية عندما “اتضح لاحقاً أن العديد من الحوادث الفردية الصغيرة لها سياق أوسع”.
ودعا كاهل المشرعين إلى منح وكالات الاستخبارات الألمانية المزيد من الصلاحيات، مثل السماح لها بنقل معلومات معينة إلى الجيش (البوندسفير). “قد لا تصدقون، لكن الأساس القانوني لذلك لا يزال مفقوداً”، كما قال. وقد باءت محاولات متكررة من حكومتي المستشارة السابقة أنجيلا ميركل والمستشار المنتهية ولايته أولاف شولتز بالفشل في هذا الصدد. ولفت كاهل إلى أنه يأمل في أن يتمكن المستشار المستقبلي المحتمل فريدريش ميرتس، الذي كان متشدداً بشكل خاص بشأن روسيا، من تمرير التشريع في البرلمان.