الثلاثاء, أبريل 22, 2025
18 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

ترامب و”امتلاك غزة”: صدمة دبلوماسية تهدّد التوازن في الشرق الأوسط

الحرة بيروت ـ خاص

أثار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب جدلاً واسعاً بعد تصريحاته الأخيرة بشأن قطاع غزة، حيث اقترح أن تتولى الولايات المتحدة “ملكية” المنطقة وإعادة توطين سكانها في أماكن أخرى. هذا الطرح، الذي وصفه بعض المراقبين بأنه صادم، يحمل تداعيات خطيرة على مستقبل القضية الفلسطينية والتوازنات الجيوسياسية في الشرق الأوسط. وبينما سعت الإدارة الأميركية إلى توضيح أن النزوح سيكون “مؤقتاً”، فإن الاقتراح أثار موجة انتقادات حادة من قِبل حلفاء الولايات المتحدة والعديد من الأطراف الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ترامب وإعادة تشكيل الشرق الأوسط

لم يكن ترامب غريباً عن تغيير المعادلات التقليدية في السياسة الخارجية الأميركية، إذ سبق له أن نقل السفارة الأميركية إلى القدس، واعترف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان المحتلة. ومع ذلك، فإن اقتراحه بشأن غزة يعتبر تحولاً جذرياً، كونه يقترح تغييراً ديموغرافياً قسرياً قد ينتهك القوانين الدولية، ويضعف فرص إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

ورغم أن ترامب لم يقدّم خطة تفصيلية لتنفيذ مقترحه، إلّا أن الفكرة تشير إلى تصوّر يقوم على بناء “ريفيرا الشرق الأوسط”، على أنقاض الدمار الذي خلّفته الحرب الأخيرة بين إسرائيل و”حماس”. ويرى أنصاره أن المشروع يمكن أن يكون فرصة لإعادة إعمار غزة وتحويلها إلى منطقة استثمارية مزدهرة، بينما يرى معارضوه أن التصريحات تهدف إلى إقصاء الفلسطينيين وتقويض فرص إقامة دولة فلسطينية مستقبلية، ما قد يؤدي إلى مزيد من التوتر في المنطقة.

ردود الفعل الدولية والعربية

أثار الاقتراح رفضاً واسعاً، خصوصاً من دول الشرق الأوسط التي رفضت بشكل قاطع فكرة استقبال اللاجئين الفلسطينيين. وأعربت كل من مصر والأردن عن قلقهما من تداعيات هذا الطرح، معتبرتين أن تهجير سكان غزة سيشكل عبئاً اقتصادياً وسياسياً وأمنياً على الدول المجاورة.

وعلى الصعيد الدولي، اعتبرت الأمم المتحدة أن أي محاولة لإعادة توطين السكان قسراً تشكل انتهاكاً للقانون الدولي. كما حذرت بعض القوى الأوروبية من أن مثل هذه الأفكار قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة وتعقيد الجهود الدبلوماسية الرامية إلى التوصل إلى حل دائم للقضية الفلسطينية.

من جهة أخرى، أبدت بعض الأوساط السياسية الإسرائيلية اهتماماً بالفكرة، حيث قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الاقتراح “جدير بالاهتمام”، في حين عبّرت المعارضة الإسرائيلية عن قلقها من التداعيات المحتملة لمثل هذا السيناريو.

انعكاسات على الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني

جاءت تصريحات ترامب في وقت حساس، حيث لا تزال المفاوضات جارية بشأن مستقبل غزة بعد الدمار الواسع الذي لحق بها جراء القصف الإسرائيلي المستمر منذ 15 شهراً. ويخشى مراقبون أن تؤدي هذه التصريحات إلى تقويض أي جهود دبلوماسية لاستمرار الهدنة بين إسرائيل و”حماس”، خاصة وأن الفكرة تتعارض مع الاتفاقيات الدولية السابقة التي تؤكد على ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وبينما اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الفكرة “جديرة بالاهتمام”، فإنها تثير تساؤلات حول الموقف الرسمي الإسرائيلي من مستقبل غزة. فبينما ترفض إسرائيل علناً إعادة تسليم القطاع إلى السلطة الفلسطينية، لم تطرح بديلاً واضحاً لإدارته بعد انتهاء العمليات العسكرية.

السيناريوهات المحتملة لمستقبل غزة

مع استمرار الجدل حول تصريحات ترامب، يبقى مستقبل غزة محل تساؤلات عديدة. فمن بين السيناريوهات المطروحة:

  • إعادة إعمار غزة تحت إشراف دولي: بعض الأطراف ترى أن الأمم المتحدة أو تحالفاً دولياً قد يتولى إعادة إعمار غزة، مع إبقاء السكان في أماكنهم.
  • إقامة منطقة حكم ذاتي بدعم عربي: هناك مقترحات بإدارة القطاع من قبل الدول العربية، بدعم من الولايات المتحدة.
  • تهجير الفلسطينيين إلى الخارج: وهو السيناريو الأكثر إثارة للجدل، حيث يُنظر إليه على أنه محاولة لتفريغ القطاع من سكانه الأصليين.

يبدو أن تصريحات ترامب ليست مجرد خروج عن النص الدبلوماسي التقليدي، بل تعكس توجهاً جديداً قد يشكل سابقة خطيرة في طريقة التعامل مع الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. وبينما يواصل الفلسطينيون التمسك بأرضهم رغم الظروف القاسية، فإن مصير غزة لا يزال مفتوحاً على احتمالات معقدة تتراوح بين إعادة الإعمار، والتهجير، والاستمرار في حالة الجمود السياسي. ويبقى السؤال المطروح: هل تشكل هذه التصريحات “بالون” اختبار لقياس ردود الفعل، أم أنها مؤشر على تغير جذري في السياسة الأميركية تجاه القضية الفلسطينية؟

https://hura7.com/?p=44106

الأكثر قراءة