الحرة ـ خاص ـ تعتمد قدرة حزب الله اللبناني بعد وقف إطلاق النار مع إسرائيل على عدة عوامل سياسية، عسكرية، واقتصادية، فضلاً عن السياق الإقليمي والدولي. في ضوء المستجدات الحالية، يمتلك حزب الله ترسانة ضخمة من الصواريخ قصيرة، متوسطة، وبعيدة المدى، قادرة على استهداف العمق الإسرائيلي. رغم التصعيد الأخير، لا يبدو أن الحزب استخدم كامل قوته الصاروخية، مما يعني أنه ما زال يحتفظ بقدرة ردع عالية.
ويبدو إن الحزب مازال يتمتع بخبرة ميدانية كبيرة اكتسبها من مشاركته في الحرب السورية. هذه الخبرة تعزز قدرته على التعامل مع المواجهات غير التقليدية والحرب النظامية. وتتسم وحداته العسكرية بالانضباط والتنظيم العالي، ما يجعلها قادرة على التحرك بفعالية في أي تصعيد مستقبلي.
يمتلك الحزب شبكة من الأنفاق الدفاعية والهجومية على الحدود مع إسرائيل، ما يوفر له ميزة استراتيجية في المواجهات الحدودية. وهو يعتمد على تكتيكات حرب العصابات التي أثبتت فعاليتها في المناوشات الأخيرة. مازال الحزب يتمتع بدعم في المناطق الجنوبية والبقاع، رغم الأزمات الاقتصادية والسياسية في لبنان، ولا يزال يحتفظ بنفوذ سياسي كبير داخل الحكومة ومؤسسات الدولة.
ويٌعتبر الدعم الإيراني العمود الفقري للحزب، سواء من حيث التمويل أو التسليح. أما الحديث عن التوترات الإقليمية بين إيران وإسرائيل فهي ستؤثر مباشرة على حساباته الاستراتيجية، وإن التنسيق مع حلفاء آخرين مثل سوريا وحركات المقاومة الفلسطينية يزيد من قدرته على التأثير إقليميًا.
تكشف التقارير أن الشعب اللبناني يعاني من أزمة اقتصادية خانقة، وأن أي تصعيد جديد قد يفاقم الوضع، ما يضع ضغوطًا على الحزب لتجنب مواجهة شاملة. وتسعى بعض القوى السياسية اللبنانية لتحييد لبنان عن أي مواجهة إقليمية، ما قد يحد من حرية حركة الحزب. ورغم ذلك يواجه الأخير عقوبات دولية وتضييقًا اقتصاديًا يؤثر على قدرته على تمويل عملياته بشكل مباشر وغير مباشر.
ويشهد لبنان ضغوطاً من المجتمع الدولي لفرض سيادة الدولة على كامل أراضيه، مما يشكل تحديًا لنفوذ الحزب. رغم أنه يمتلك قدرة عالية على التصعيد، إلا أن الخيارات مفتوحة أمام إسرائيل في استهداف البنية التحتية للبنان إذا ما تصاعدت المواجهة، مما يجعل أي قرار للمواجهة الشاملة محفوفًا بالمخاطر.
ما بعد وقف إطلاق النار
بدون شك يسعى الحزب إلى إعادة التموضع وتعزيز جهوزيته تحسبًا لأي مواجهة مستقبلية. وربما يُبقي على مناوشات محدودة على الحدود لتأكيد حضوره دون الانجرار إلى حرب شاملة.
وإن استمرار التنسيق مع إيران و”محور المقاومة” يهدف لبناء قدرات أكثر تطورًا، مثل الطائرات المسيّرة أو صواريخ دقيقة التوجيه. وسوف يركز الحزب على استغلال الهدوء لتعزيز الدعم الشعبي داخل لبنان وخارجه. كما سيسعى إلى تجنب مواجهة داخلية مع اللبنانيين بسبب الأوضاع الاقتصادية، مع الحفاظ على صورته “كمدافع”عن لبنان في مواجهة إسرائيل.
لا يزال الحزب يتمتع بقدرة عسكرية فاعلة، ولكنه يعمل في ظل معادلة معقدة تجمع بين الاستعداد لمواجهة محتملة مع إسرائيل والضغوط الداخلية والدولية. وإن قدرته على المناورة في هذه المرحلة تعتمد بشكل كبير على التطورات الإقليمية، وخاصة العلاقة بين إيران وإسرائيل، والدور الأمريكي في المنطقة.