السبت, يناير 18, 2025
-0 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

تعزيز الشفافية والمساءلة في لبنان: شرط أساسي لإدارة المساعدات خلال الأزمات

الحرة بيروت ـ خاص

“لا نهوض للبنان في هذه المرحلة من الأزمات والتعافي إلا بالشفافية والمساءلة في إدارة المساعدات، لتتحول من استجابة إنسانية إلى مسار مستدام للتنمية والإصلاح”.

هذا ما ركّزت عليه النسخة الثالثة من المؤتمر السنوي لمكافحة الفساد، الذي نظمته الشهر الحالي جمعية الشفافية الدولية – لبنان، تحت عنوان “الأزمة، المساعدات، والمساءلة – تعزيز الشفافية في المساعدات الإنسانية والمشتريات العامة.”

يأتي هذا المؤتمر كجزء من مشروع بناء (تعزيز النزاهة والمساءلة الوطنية)، المموّل من بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، حيث ركّز على تعزيز الشفافية في قطاع المساعدات الإنسانية ومعالجة مخاطر الفساد في المشتريات العامة، لا سيما في أوقات الأزمات والتعافي.

في هذا السياق، شدّد المدير التنفيذي لجمعية الشفافية الدولية – لبنان(TI-LB) ، جوليان كورسون، على أهمية الالتزام بالنزاهة في ظل الأزمة الإنسانية في لبنان، ونوّه بخبرة فريق عمل المنظمة وجهوده الكبيرة وجهوزيته لمراقبة وتعزيز الشفافية في تقديم المساعدات في لبنان لضمان المساءلة واستدامتها، والتأكد من وصولها إلى الفئات المستحقة. كما أوضح كيف أن منصات المنظمة، مثل”LAMP”  (منصة مراقبة مساعدات لبنان) و”إخبار” و”مدرسة الحوكمة”، هي أساسية في دفع عجلة الإصلاح من خلال تمكين المواطنين ومنظمات المجتمع المدني، بالإضافة إلى الشركاء الوطنيين والإقليميين والدوليين.

ويرى كورسون أن ما تحقق خلال الأزمة في مجال الشفافية يُعتبر خطوة متقدمة، حيث كانت هذه المرة الأولى التي تعمل فيها مؤسسات الدولة على نشر البيانات ذات الصلة. كما أشار إلى أن هذه الخطوة لا تشكّل سوى البداية فقط، داعياً إلى مواصلة الإصلاحات من خلال تدريب الموظفين تقنياً ورفع مستوى كفاءاتهم، بالإضافة إلى تعزيز الالتزام السياسي المستمر بتبني الشفافية كنهج أساس في المؤسسات العامة.

ولتحقيق ما تقدّم، يجب العمل على:

  • تطوير كفاءة القطاع العام: من خلال تعزيز المكننة والتحول الرقمي في العمل الحكومي، وتطوير قدرات الموظفين بما يتماشى مع المتطلبات الحديثة لمعايير الشفافية.
  • تعزيز الالتزام السياسي بالشفافية: من خلال الضغط على المستوى السياسي لجعل الشفافية أولوية أساسية خلال فترات الأزمات والتعافي.
  • دور الحكومة في التنسيق والرقابة: من خلال تعزيز دور الحكومة كجهة مركزية لتنسيق المساعدات، الرقابة عليها، وضمان التوزيع العادل. هذا إضافة إلى تطوير المنصة الموحدة لتشمل جميع أنواع المساعدات، بما فيها المساعدات النقدية، إلى جانب متابعة مرحلة إعادة الإعمار.
  • تمكين الهيئات الرقابية: وذلك من خلال التعاون مع الهيئات الرقابية، مثل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وغيرها، وتعزيز دورها. إضافة إلى توفير جميع المتطلبات اللازمة لتمكين هذه الهيئات من تفعيل دورها وتحسين أدائها في المرحلة المقبلة.

من جهته، تناول رئيس هيئة الشراء العام، الدكتور العليّة، أهمية الالتزام بقانون الشراء العام حتى خلال الأزمات، مع تسليط الضوء على الحاجة إلى تعديل القانون ليشمل آليات واضحة ومحددة للتعامل مع حالات الطوارئ. وأشار إلى ضرورة وضع تعريف دقيق للشروط التي تُصنّف حالة ما كطوارئ، مؤكداً أن بعض الخروقات للقانون خلال الأزمات قد تكون مبررة ومعللة.

كما شدّد على أهمية إخضاع المشتريات التي تتم في هذه الفترات للتدقيق والمساءلة بعد انتهاء الأزمة، لضمان الشفافية والحفاظ على المصلحة العامة. وأضاف أن الظروف الاستثنائية قد تفرض اتخاذ تدابير خارج الإطار القانوني المعتاد، ما يتطلب إدراج هذه الاستثناءات ضمن القانون بشكل منظّم لضمان تطبيقها في حدود الضرورة فقط. ودعا العليّة إلى تطوير النصوص القانونية بما يضمن مرونة القانون دون الإخلال بمبادئ الشفافية والمساءلة.

ومن التوصيات التي ركزت على تحسين نظام الشراء العام خلال الأزمات:

  • تعديل قانون الشراء العام: ضرورة تطوير القانون ليشمل آليات واضحة ومحددة للتعامل مع حالات الطوارئ ووضع تعريف دقيق للشروط التي تُصنّف حالة معينة كطوارئ. إضافة إلى تنظيم الاستثناءات التي تُتخذ في الظروف الاستثنائية ضمن إطار قانوني يضمن تطبيقها عند الضرورة فقط.
  • تعزيز المساءلة والشفافية: إخضاع المشتريات التي تتم خلال الأزمات للتدقيق والمساءلة بعد انتهاء الأزمة لضمان الشفافية والحفاظ على المصلحة العامة، مع الالتزام بالعلانية في جميع خطوات الشراء، والإفصاح عن الذمم المالية كوسيلة أساسية لتعزيز النزاهة.
  • معايير الشراء العام في الأزمات: ضمان أن يكون الشراء بقدر الحاجة فقط، مع تحديد دقيق للاحتياجات. أضف إلى ذلك الالتزام بالمساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المتقدمين، ومعالجة تضارب المصالح بشكل فعال قدر المستطاع خلال الأزمة، كما وضع آليات سهلة للإبلاغ عن شبهات الفساد، وتجنب العشوائية في العمليات من خلال التخطيط المسبق للازمات.
  • الرقابة الاستباقية والتخطيط: تعزيز آليات الرقابة اللاحقة في حالات الطوارئ وتقديم أسباب واضحة لكل عملية شراء حصلت أثناء حالات الطوارئ.
  • التطبيق الرقمي للشفافية: اعتماد الأدوات الرقمية لتعزيز شفافية العمليات وضمان سهولة تتبع المشتريات، كما تطوير منصات موحدة لتوثيق ومتابعة المساعدات وضمان استخدامها بكفاءة.

يمثل هذا المؤتمر خطوة محورية نحو تعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة المساعدات والمشتريات العامة خلال الأزمات في لبنان. فمن خلال التوصيات التي تم استعراضها، يظهر بوضوح أن الالتزام بالنزاهة وإعادة بناء الثقة بين المواطنين والمؤسسات والمجتمع الدولي، هو أساس النهوض بمستقبل أفضل. إن التحرك نحو إصلاحات شاملة تشمل تطوير القوانين، تعزيز الكفاءة المؤسسية، وتبنّي الحلول الرقمية، يشكل خارطة طريق ضرورية لتجاوز تحديات المرحلة الحالية وتحقيق الشفافية.

https://hura7.com/?p=40076

الأكثر قراءة