خاص – يعقد القادة العسكريون والسياسيون الأوروبيون محادثات رفيعة المستوى خلال مارس 2025 بعد دعوات لإعادة تسليح أوروبا على نطاق واسع – وزيادة المساعدات لكييف – وسط مخاوف من تراجع مشاركة الولايات المتحدة. ففي حديثه إلى كبار القادة العسكريين في حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي، الذين اجتمعوا في باريس في 11 مارس الجاري، شدد وزير الدفاع الهولندي روبن بريكلمانز على ضرورة تعزيز دفاع أوروبا. ورغم أهمية التحالف عبر الأطلسي، قال إنه لم يعد بإمكان الأوروبيين اعتبار الحماية الأمريكية أمراً مسلماً به.
لذلك، تحتاج أوروبا إلى تعزيز بنيتها الأمنية. “ليس لدينا متسع من الوقت لإنجاز هذا الأمر على أكمل وجه. أمامنا فرصة واحدة فقط”، كما قال بريكلمانز. وجاءت الرسالة نفسها على لسان رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في البرلمان الأوروبي. وأضافت: “نحن بحاجة إلى تعزيز الدفاع الأوروبي، ونحن بحاجة إلى ذلك الآن”.
اقترحت الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي خطةً بقيمة 873 مليار دولار لإعادة تسليح أوروبا ودعم أوكرانيا. تشمل الخطة تخفيف القواعد المالية، وتقديم قروضٍ بقيمة 164 مليار دولار تقريباً للاستثمارات الدفاعية. كما اقترحت زيادة الإنفاق الدفاعي بنسبة 1.5% إضافية من الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء سنوياً على مدى أربع سنوات.
يأتي اقتراح زيادة القوات في وقتٍ يبدو فيه أن أولويات واشنطن تتغير. ويشعر القادة الأوروبيون بالقلق من أن روسيا قد لا تتوقف عند أوكرانيا، وهي مخاوفٌ يبدو أن شعوبهم تشاركهم فيها.
فقد أظهر استطلاع رأي أجرته شركة إبسوس أن (75%) من الفرنسيين و(50%) من الألمان قلقون من امتداد الصراع الأوكراني إلى مناطق أخرى في أوروبا. في المقابل، أظهر استطلاع رأي آخر أن قلة من الأوروبيين يرغبون في دفع المزيد من المال للدفاع. ويرى المنتقدون، ومنهم فيكتور أوربان رئيس وزراء المجر، أن أوروبا لا تستطيع تحمل تكاليف الدفاع عن أوكرانيا. بينما يعتقد آخرون أن بروكسل تبالغ في سلطتها.
انقسام أوروبي حول الاستثمار في الصناعات الدفاعية
ينقسم الأوروبيون حول الاستثمار في صناعاتهم الدفاعية أو الشراء من الخارج. وتُعدّ الولايات المتحدة من أبرز الموردين. ووفق ميشيل دوكلو، السفير الفرنسي السابق والمحلل في مجموعة أبحاث معهد مونتين في باريس: “إنهم يريدون الاستمرار في بيع الأسلحة للدول الأوروبية”. ويعتقد أن هذه إحدى الحجج التي تدعم التزام واشنطن، على الأقل على المدى القصير، بأمن أوروبا. وأضاف “ما أخشاه أكثر ليس انسحاب الولايات المتحدة، بل رغبتهم في أن يدفع الأوروبيون المزيد من المال مقابل الحماية الأوروبية”.
يشهد الشهر الحالي المزيد من الاجتماعات رفيعة المستوى حول أوكرانيا والأمن الأوروبي. ويُعقد اجتماع آخر في باريس في 12 مارس، يجمع القوى العسكرية الخمس الكبرى في أوروبا، إلى جانب قادة دفاع حلف شمال الأطلسي (الناتو) وأوكرانيا.
توسيع نطاق صناديق الدفاع الجديدة لتشمل الأدوية الأساسية
دعا وزراء الصحة من بلجيكا وجمهورية التشيك وقبرص وإستونيا وألمانيا واليونان ولاتفيا وليتوانيا والبرتغال وسلوفينيا وإسبانيا إلى طرح مشروع قانون للأدوية الحرجة في مارس 2025 ليتم دمجه ضمن جهود الاتحاد الأوروبي الاستراتيجية والأمنية الأوسع نطاقاً، مما يضع هذا الإجراء بشكل فعال تحت مظلة تمويل الدفاع.
وتهدف المقترحات، إلى تحويل المبادرة إلى برنامج استراتيجي كامل النطاق مدعوم بتمويل دفاعي من الاتحاد الأوروبي. وكتب الوزراء في رسالتهم: “يجب أن يعمل قانون الأدوية الحرجة كأداة قوية. ويجب أن يكون جزء من تمويله جزءاً من خطط الإنفاق الدفاعي الأوسع نطاقاً في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك الآليات المالية في حزمة الدفاع الجديدة”.
يعني ذلك أن الإنفاق الدفاعي ــ الذي قد يتم توسيعه ليشمل الأدوية الحيوية ــ بما يصل إلى 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي سيكون معفياً من حدود الإنفاق التي يفرضها الاتحاد الأوروبي لمدة أربع سنوات.
مسألة تتعلق بالأمن الأوروبي
يقول الوزراء إن اقتراحهم يتماشى مع قانون الإنتاج الدفاعي الأمريكي، الذي يعتبر سلاسل توريد الأدوية قضية أمن قومي. وتستخدم الحكومة الأمريكية هذا القانون لرسم خريطة لسلاسل توريد الأدوية الحيوية، وتحديد نقاط الضعف، وتوجيه الاستثمارات نحو تعزيز الإنتاج المحلي. كما يسمح القانون بإصدار عقود ذات أولوية، مما يلزم الموردين بإعطاء الأولوية للطلبات الحكومية.
وأكد الوزراء أن “أوروبا لم تعد قادرة على التعامل مع أمن الأدوية كمسألة ثانوية”. وأضافوا: “أي شيء أقل من ذلك سيكون خطأ فادحاً في التقدير، قد يجعل اعتمادنا على الأدوية الأساسية نقطة ضعف في أمن أوروبا”.
تعتمد أوروبا، على آسيا بنسبة تتراوح بين 60% و80% من إمداداتها في هذا القطاع. ويُشكّل هذا الاعتماد ثغراتٍ كبيرة، لا سيما في حال انقطاع سلسلة التوريد أثناء الأزمات أو النزاعات. وقد حذّر الوزراء قائلين: “قد تستغل جهات خارجية هذا الاعتماد، مما يُشكّل خطراً أمنياً كبيراً على أوروبا”.