خاص – الحرب في أوكرانيا ضد روسيا، أو في قطاع غزة، أو التوترات بين الصين وتايوان هي مصادر الصراع في العالم التي لا تشي بالانحسار في الوقت الراهن. ولكن متى تصبح الحرب تهديداً عالمياً؟
يتزايد عدد الصراعات في العالم: فقد قدرت “بيانات مواقع وأحداث الصراعات المسلحة” (ACLED) العام 2024 أن عدد الصراعات العالمية تضاعف خلال السنوات الخمس الماضية. وتعتبر أوكرانيا، حيث يحاول الجيش الروسي إخضاع البلاد منذ نحو ثلاث سنوات، وقطاع غزة، أكبر مناطق الصراع. وبحسب (ACLED)، تعتبر منطقة الشرق الأوسط المنطقة الأكثر تضرراً عندما يتعلق الأمر بالصراعات.
ويعتقد خبراء مختلفون حول العالم أيضاً أنه من الممكن أن تحدث حرب عالمية ثالثة خلال السنوات العشر المقبلة: ففي فبراير 2025، أجرى مركز الأبحاث “المجلس الأطلسي” استطلاعاً لآراء حوالى 360 خبيراً حول العالم حول ما إذا كانوا يستطيعون تصور مثل هذا الصراع الدولي خلال السنوات العشر المقبلة: وأجاب 40% من المشاركين في الاستطلاع على السؤال بنعم، بينما قال 60% لا.
متى بالضبط نتحدث عن الحرب العالمية؟
وفقاً للوكالة الفيدرالية للتعليم المدني، هناك معياران حاسمان: على وجه التحديد، الحرب العالمية هي صراع عسكري له أهمية عالمية بسبب نطاقه والموارد المتاحة. وفي الوقت نفسه، فإن نتائج مثل هذه الحرب يجب أن تستلزم إعادة تنظيم جذرية للعلاقات والتوازنات بين الدول. ويشعر الناس في كافة أنحاء العالم بالخوف من اندلاع حرب كبرى. لكن خطر الصراع العنيف ليس هو نفسه في كل مكان.
إن فكرة احتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة تسبب القلق لدى كثير من الناس. ففي حين تعمل بعض الدول على تعزيز قدراتها العسكرية، هناك دول تعتبر ملاذات آمنة بسبب موقعها الجغرافي وحيادها السياسي واستقرارها الاجتماعي. إن إلقاء نظرة على مؤشر السلام العالمي لعام 2024 يظهر الدول التي تتمتع بالسلام بشكل خاص والتي يمكن أن تكون بمثابة أماكن لجوء في أوقات الأزمات.
تصدرت أيسلندا مؤشر السلام العالمي لسنوات عديدة وتعتبر الدولة الأكثر أماناً في العالم. إذ لا تمتلك الدولة الجزيرة الاسكندنافية جيشاً خاصاً بها وتتبع سياسة خارجية محايدة تماماً. وعلى الرغم من أن أيسلندا عضو مؤسس في حلف شمال الأطلسي، إلا أنه لا توجد فيها منشآت عسكرية دائمة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن العزلة الجغرافية في شمال الأطلسي توفر حماية طبيعية ضد الصراع. فبفضل مصادر الطاقة الحرارية الأرضية ومخزون الأسماك الغني، يمكن لأيسلندا ضمان مستوى عالٍ من الاكتفاء الذاتي حتى في حالة الأزمات العالمية.
كما أن نيوزيلندا بعيدة جغرافياً عن مناطق الأزمات العالمية. وتظل الدولة الجزيرة الواقعة في نصف الكرة الجنوبي بعيدة إلى حد كبير عن الصراعات العسكرية وتعتمد على الحلول الدبلوماسية. وتضمن الزراعة القوية والاقتصاد المستقر أيضاً مستوى عالياً من القدرة على الصمود في مواجهة الأزمات العالمية.
اتبعت سويسرا سياسة الحياد منذ قرون. وعلى الرغم من أن البلاد محاطة بعدة دول أوروبية، فإن جبال الألب تحميها من الغزوات المحتملة. علاوة على ذلك، تتمتع سويسرا بشبكة كثيفة من المخابئ الوقائية، وإمدادات ذاتية الاكتفاء من الطاقة، واقتصاد متطور للغاية، مما يجعلها قادرة على الصمود في أوقات الأزمات.
ثلاثة عوامل حاسمة
أيرلندا هي إحدى الدول الأوروبية القليلة التي ليست عضواً في حلف شمال الأطلسي. وتتبع البلاد سياسة خارجية مستقلة، وامتنعت إلى حد كبير عن المشاركة في الصراعات الدولية. فبفضل موقعها الجغرافي غرب بريطانيا العظمى واقتصادها المستقر، يمكن لأيرلندا أن تكون ملاذاً آمناً.
وتُعتبر كندا واحدة من أكثر البلدان أماناً في العالم وتتمتع بموارد طبيعية هائلة. وعلى الرغم من أن البلاد عضو في حلف شمال الأطلسي، إلا أنها تنتهج سياسة خارجية دفاعية. فبسبب الكثافة السكانية المنخفضة والطبيعة الواسعة، هناك العديد من المناطق التي يمكن أن تكون بمثابة أماكن لجوء في حالات الطوارئ. ورغم أن الصراع العالمي قد يخلف عواقب غير متوقعة، فإن البلدان التي تتمتع بالحياد السياسي والعزلة الجغرافية والاقتصاد المستقر هي الأكثر حماية.
الحكومة الهولندية توصي المواطنين بالحصول على معدات طوارئ
أكد وزير العدل والأمن الهولندي، ديفيد فان ويل، في الخامس من مارس 2025 أن المواطنين بحاجة إلى الاستعداد لإدارة شؤونهم “بدون الحكومة المركزية” في حالة حدوث “صراع حقيقي”. حيث أصدر فان ويل توصية لجميع المواطنين بتجهيز مجموعات طوارئ تكفي لمدة 72 ساعة في حالة وقوع كارثة طبيعية أو هجوم إلكتروني أو حرب.
وذلك يعد تحديثاً للنصيحة الحالية بضرورة الاحتفاظ بمجموعة أدوات تكفي لمدة 48 ساعة على الأقل. ومن بين العناصر التي يُنصح المواطنون بامتلاكها النقود والأطعمة المعلبة والمياه والبطاريات.
أظهرت دراسة حديثة أجرتها شركة الأبحاث Ipsos I&O أن 25% من سكان هولندا يمتلكون مجموعة أدوات طوارئ. وهي زيادة كبيرة عن عام 2024، عندما كان 15% فقط من الهولنديين يمتلكون مجموعة الأدوات تلك. وتظهر الأرقام أن النصائح التي قدمتها الحكومة الهولندية تؤتي ثمارها.
وجد 17% فقط من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع أنه ليس من الضروري امتلاك مجموعة أدوات طوارئ. وذكروا السلامة وانقطاع الكهرباء والفيضانات كأسباب رئيسية لامتلاك تلك المجموعة.
وحث فان ويل على زيادة الوعي بأهمية الدفاع المدني، إذ يقارن ذلك بالعقلية السائدة أثناء الحرب الباردة. وتابع قائلاً: “في ذلك الوقت، كنا نعرف ما يجب علينا فعله في اللحظة التي ينطلق فيها إنذار الطوارئ”، مضيفاً أن الدفاع المدني “تفكك” بعد سقوط جدار برلين ومعه “القدرة المدنية الكاملة على الصمود”. وأكمل: “إن الالتزام بالمرونة المدنية لابد أن يزداد بنفس المعدل في مختلف أنحاء أوروبا”.
كما أوضح فان ويل: “إننا ندرك أن العالم يتغير بشكل جذري”. وأضاف أنه في حالة نشوب “صراع حقيقي”، فإن الحكومة الوطنية قد تركز في المقام الأول على “نشر القوات المسلحة والدفاع عن بلادنا”. وفي هذه الحالة، سوف يحتاج السكان لأن يكونوا قادرين على “إدارة أمورهم لفترة من الوقت دون الحاجة إلى الحكومة الوطنية، التي تبذل كل ما في وسعها”.
ستنشر الحكومة الهولندية معلومات مفصلة حول ما توصي المواطنين بالاحتفاظ به في منازلهم في مجموعات الطوارئ الخاصة بهم. وفي الوقت نفسه، قال فان ويل إن الاستعدادات جارية لتعزيز خمسة قطاعات: الغذاء والمياه، والكهرباء، والرعاية الصحية، والبنية التحتية، فضلاً عن الحكومة نفسها.