الحرة بيروت
في استعراض بدا أشبه بعرض عسكري “ميليشيوي” في قلب بيروت الشرقية، جابت مجموعة “جنود الرب” شوارع الأشرفية والحازمية يوم الجمعة العظيمة، بلباسها الأسود وصلبانها المعلّقة، وسط صمت رسمي وسياسي لافت. لكن خلف طقسية المسيرة، ظلّ شبح جريمة لم يبرد دمها بعد: مقتل رولان المر، الكادر في حزب “القوات اللبنانية”، برصاص أُطلق من أحد أفراد هذه المجموعة قبل أكثر من شهرين.
في 20 شباط 2025، دوّى إطلاق نار في كرم الزيتون بالأشرفية، أودى بحياة المر، وسط روايات أمنية تؤكد أن المجموعة المعتدية “معروفة بالأسماء والانتماء”. وإذا كانت الجريمة أثارت عاصفة غضب آنية، فإن غياب أي تطورات لاحقة، وضعف المتابعة السياسية يطرحان علامات استفهام مقلقة: لماذا اكتفى حزب “القوات” باتصال يتيم بوزير الداخلية السابق، بسام مولوي، يطالبه بـ”وضع حدّ نهائي لهذه الظاهرة” وبإخبار أمام النيابة العامة المختصة ضدّ الجمعيّة والمنتمين إليها، دون أن يسجّل، علناً على الأقل، ضغطاً لتسليم الفاعلين والمحرّضين، إن وجدوا؟
في الخلفية، يظهر إسم رئيس مجلس إدارة بنك “سوسيتيه جنرال”، أنطون الصحناوي، المموّل الرسمي للجماعة الذي لم يعلّق علناً على الجريمة، ليعزّز صمته، مقروناً بعلاقاته المعروفة، الشبهات حول وجود غطاء سياسي – أمني يسمح لهذه الجماعة بالتحرك فوق القانون.
ليست هذه الحادثة سابقة في سجلّ “جنود الرب”، حيث ارتبط اسمها بسلسلة من التعديات، بدءاً من الاعتداءات على متظاهرين وصحافيين، وصولاً إلى فرض “وصاية أخلاقية” على بعض أحياء بيروت الشرقية. وقد ظهر قادتها مراراً يهدّدون ويعنّفون ويستعرضون قوتهم، دون أن يُحرّك الأمن ساكناً.
التهديد هذه المرة لا يأتي من خارج الشارع المسيحي، بل من داخله، وسط تواطؤ صامت، وارتباك سياسي، وغياب كامل للمؤسسات. فهل نحن أمام مشروع تنظيم مدني – ديني مسلّح، يُترك عمداً خارج نطاق المحاسبة؟ وهل تتحول الأشرفية تدريجياً إلى “ضاحية أخرى” بحلّة طقسية مختلفة؟
الأسئلة كثيرة، لكنها تبدأ من هنا: من قتل رولان المر؟ ومن يمنع معاقبة القاتل؟
رابط المقال: https://hura7.com/?p=50499
رابط العدد: https://hura7.com/?p=50468