الجمعة, مارس 21, 2025
17.5 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

حرائق كاليفورنيا: ما الذي حدث، وهل من الممكن أن نشهد مثلها في لبنان؟

الحرة بيروت

مع انتشار مئات المقاطع المصممة عبر الذكاء الاصطناعي والمنسوبة لحرائق لوس أنجلوس في كاليفورنيا – الولايات المتحدة، تضيع حقيقة ما يجري هناك. فتدفّق المعلومات المغلوطة وانتشارها يتطلب من يكافحه، تماماً كالنيران.

بداية لا بُدّ وأن نعلم أن المناخ في هذه المنطقة هو متوسطي، يتميز بصيف حارّ وجاف، وشتاء بارد وومطر. وقد سجلت المنطقة في الفترة الممتدة بين العام 2022 و2024 معدلات أمطار عالية بلغت حوالي 950 ملم مقارنة بـ300 ملم في الأعوام السابقة، ما حفّز نمو الغطاء النباتي، والذي بدوره تراكم فوق الغطاء النباتي السابق، ليزيد من كمية الوقود الجاهز للاحتراق في الغابات والأراضي.

إن ما حصل هو مثال واضح لسوء إدارة الغابات والكتلة الحيوية فيها، والتي أصبحت بالفعل قنبلة موقوتة جاهزة للانفجار في أي لحظة، وهذا هو الجزء الأول من الكارثة التي لم تكن لتكون بهذا السوء لولا رياح سانتا آنّا الساخنة والجافة التي تهب من الداخل نحو الساحل في أواخر الخريف والشتاء، وتزيد من سرعة انتشار الحرائق. وقد بلغت سرعتها وقت الحريق بين 80 و160 كلم/س وساهمت بنشر الشرر فوق الأشجار والمنازل الخشبية لمسافات هائلة تجاوزت عدة كيلومترات، ما فاقم الحريق وقوّض جهود إخماده والسيطرة عليه.

حتى تاريخ إعداد هذا التقرير، هناك أربعة حرائق كبرى اندلعت هناك:

  1. Palisades بمساحة أضرار 87 كلم مربع
  2. Eaton بمساحة أضرار 57 كلم مربع
  3. Kenneth بمساحة أضرار 5 كلم مربع
  4. Hurst بمساحة أضرار 3 كلم مربع

أي ما مجموعه حوالي 152 كلم مربع، ما يوازي ثمانية أضعاف مساحة العاصمة بيروت.

وبالطبع، ما كان الحريق ليكون بهذا السوء لولا سوء الإدارة في مكافحته، والتخبط الذي واجهته فرق الإطفاء التي بمعظمها كانت غير مؤهلة للتعامل مع الحرائق البرية، وواجهت الكثير من الأزمات مثل نقص عدد المتطوعين والآليات، فضلاً عن عدم توفر المياه في مخارج الإطفاء، أو انخفاض الضغط فيها كونها مصممة لحرائق الأماكن الحضرية وليس للحرائق البرية. أضف إلى ذلك عجز السلطات المحلية عن تنظيم عمليات الإخلاء وبالتالي ترك المواطنين ومئات السيارات في الطرقات، ما أعاق جهود فرق الإطفاء وأجبرها على القيام بإزالتها بواسطة الجرافات.

وهذا مثير للغرابة والصدمة في نفس الوقت، إذ لا يمكن السيطرة على حرائق بهذه الضخامة فقط من الجو. فالطائرات عانت كثيراً من الرياح العاتية والمطبات الهوائية، ولم نشاهد فرق الإطفاء المتخصصة في الحرائق البرية التي تعمل على عزل الوقود والتكامل مع فرق المكافحة الجوية إلاّ بعد مرور عدة أيام. كل ذلك حصل في بلدٍ من المفترض أن يكون مرجعاً في كيفية إدارة الحرائق ومكافحتها.

باختصار، فإن العوامل الطبيعية (رياح، تضاريس، انخفاض رطوبة الوقود وتكدسه…)، إضافة إلى العوامل البشرية (سوء الإدارة، التخبط، عدم استيعاب الصدمة…) أدّت إلى أسوأ حريق من ناحية الأضرار المادية في تاريخ الولايات المتحدة. وهو درسٌ قاسٍ تمّ تعلّمه بالطريقة الصعبة، وهو قابل للتكرار في أي بلد، ولبنان ليس بمنأى عنه حيث لا يزال حريق القبيات والمشرف وغيرها من الحرائق الكبيرة في الأذهان. ولعلّ أقرب سيناريو لما حصل في كاليفورنيا، حدث في العام 2020 في لبنان، عندما هبّت رياح حارة وجافة في أواخر فصل الخريف وتسببت بأضرار تجاوزت الـ500 هكتار من الغابات في أقل من 24 ساعة في منطقة عكار وحدها، بمعدل أضعاف ما احترق في كاليفورنيا اذا ما تم قياسها نسبة إلى مساحة لبنان الصغيرة.

في الخلاصة، إن الحرائق الكبيرة تحدث، وستحدث في المستقبل، بغضّ النظر عن الفصل سواء أكان صيفاً أم شتاءً، خصوصاً وأننا لمسنا أن شهر كانون الثاني/يناير لهذا العام يكاد يكون خالياً من المتساقطات حتى الآن، ولا نعلم ما ينتظرنا جرّاء التغيرات المناخية الحاصلة على مستوى العالم. لذلك، علينا الاستعداد جيداً، فالمقبل قد يكون أسوأ…

https://hura7.com/?p=41643

الأكثر قراءة