الخميس, نوفمبر 6, 2025
23.4 C
Beirut

الأكثر قراءة

إصدارات أسبوعية

حرب المسيّرات: الناتو يعيد النظر في أمن جناحه الشرقي

جريدة الحرة

خاص ـ فرضت الطائرات المسيّرة نفسها كعنصر حاسم منذ اندلاع حرب أوكرانيا في فبراير 2022. وفي ظل تصاعد التهديدات الأمنية على الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي، غيّرت هذه التقنية قواعد الاشتباك، وكشفت ثغرات الأنظمة الدفاعية التقليدية في الدول الأعضاء، لا سيما الأوروبية منها. من ليتوانيا إلى أوكرانيا، تتسارع الإجراءات لبناء “جدار الطائرات بدون طيار”، وتشكيل تحالفات حدودية لمواجهة التهديد الروسي المتنامي.

كيف غيّرت حرب أوكرانيا قواعد استخدام المسيّرات؟

أكد “أندريوس كوبيليوس”، المفوض الأوروبي للدفاع والفضاء ورئيس الوزراء الليتواني السابق، أن السؤال حول مدى استعداد دول الجناح الشرقي في الناتو لمواجهة هجمات الطائرات بدون طيار ما زال بلا إجابة حاسمة. وقال: “ليتوانيا، الدولة الواقعة في بحر البلطيق والمحاذية لروسيا، ينبغي أن تبني جدارًا دفاعيًا باستخدام المسيّرات بالتعاون مع جيرانها”.

وتابع: “الأمر لا يقتصر على إنتاج المسيّرات أو تخزينها، بل نحتاج إلى فرق مدرّبة قادرة على تصنيعها بكميات كبيرة وسريعة، وفق متطلبات جدار الدفاع المسيّر”.

لقد غيّرت الحرب في أوكرانيا طبيعة استخدام الطائرات بدون طيار، وجعلت إتقانها ضرورة حتمية في المعارك الحديثة. فالمسيّرات تتطور وتُعدّل كل بضعة أسابيع على خطوط المواجهة، ويتعين على الدفاعات المضادة أن تواكب هذا التطور، سواء في الجو أو البر أو البحر.

وصرّح “ستيف رايت”، خبير الطائرات المسيّرة المقيم في المملكة المتحدة، بأنه “لا توجد طريقة مضمونة للحماية من هجمات المسيّرات حتى يوليو 2025، ولا يوجد سلاح واحد يمكن الاعتماد عليه بالكامل”. وأضاف: “تُستخدم الصواريخ عندما تكون الطائرات المسيّرة على بعد عشرات الكيلومترات، ثم تأتي المدافع، والليزر، والمسيّرات الاعتراضية. أما في الأمتار الأخيرة، فلا خيار سوى الشباك والحواجز. ومع ذلك، تظل جميع الأنظمة الدفاعية مرهقة بسبب الأعداد الهائلة”.

ليتوانيا في مرمى التهديدات

في 10 يوليو 2025، اخترقت طائرة بدون طيار المجال الجوي الليتواني قادمة من بيلاروسيا، الحليف الرئيسي لروسيا، وتحطّمت قرب الحدود، بينما كان كبار المسؤولين يتوجهون إلى الملاجئ، بحسب التقارير. وعلّق كوبيليوس: “هذا الحادث يُظهر أن خطر تسلل المسيّرات إلى الأراضي الليتوانية حقيقي للغاية”. وسارعت فيلنيوس إلى تقديم “احتجاج شديد اللهجة” إلى مينسك، فيما صرّح وزير الخارجية الليتواني كيستوتيس بودريس: “رسالتنا واضحة: هذا تهديد خطير”.

مفهوم “جدار الطائرات بدون طيار”

رغم أن مفهوم “جدار الطائرات بدون طيار” ليس جديدًا، إلا أن تفاصيله التطبيقية على طول الجناح الشرقي لحلف الناتو لا تزال غير واضحة. وأعلنت وزيرة الداخلية الليتوانية، أغني بيلوتايتي، في مايو 2024، أنه سيتم إنشاء “حدود مسيّرات” تمتد من النرويج إلى بولندا. وأوضحت أن هذه الحدود ستدمج المسيّرات مع الحواجز المادية وأنظمة المراقبة لحماية الدول من الاستفزازات المعادية.

وسيعتمد “الجدار” على تقنيات مضادة للمسيّرات، وفق ما قاله إد أرنولد، الباحث في الأمن الأوروبي في معهد الخدمات الملكية المتحدة (RUSI)، موضحًا أن الهدف من الاستراتيجية هو “منع روسيا من العمل بفعالية في منطقة محددة”. وأشار إلى إمكانية نشر مسيّرات على الحدود في مواقع مخفية، ودمجها بالمدفعية الثقيلة.

أما في أوكرانيا، فأعلنت وزارة الدفاع عام 2025 أن الرئيس فولوديمير زيلينسكي أطلق مشروعًا واسع النطاق يُعرف بـ”خط الطائرات المسيّرة”، سيُبنى على مساحة عرضها 15 كيلومترًا، ويشمل طائرات بدون طيار، وأنظمة حرب إلكترونية، ومركبات متنوعة، ومعدات دعم لوجستي.

مبادرات لتعزيز دفاعات الناتو

تشهد منطقة الشرق الأوروبي العديد من المبادرات لتقوية دفاعات الناتو. فقد وقّعت دول البلطيق الثلاث—لاتفيا، ليتوانيا، وإستونيا—اتفاقية في يناير 2024 لتعزيز حماية حدودها البرية مع روسيا وبيلاروسيا، ضمن خطة تُعرف بـ”خط دفاع البلطيق”. أما بولندا، فتنفذ برنامجها الخاص المعروف بـ”درع الشرق”، بينما تواصل دول الناتو نشر الألغام والكتل الخرسانية، المعروفة بـ”أسنان التنين”، في مواقع استراتيجية قريبة من الحدود الروسية.

رغم هذه التحركات، رفضت المفوضية الأوروبية تمويل جدار الطائرات المسيّرة، ما دفع رئيس الوزراء الليتواني، جينتوتاس بالوكاس، إلى التصريح بأن بلاده ستبني قدراتها الدفاعية وطنيًا. وقال: “أوروبا كبيرة، والمصالح تختلف. ما نراه نحن نقطة حساسة وملحة، لا يُنظر إليه بالضرورة بالطريقة نفسها في بروكسل”.

https://hura7.com/?p=62168

الأكثر قراءة