في ظل التغييرات الأخيرة التي طالت التشكيلات الأمنية والقضائية في لبنان، بدأت تتكشف أمامنا كـ”حركة الأرض اللبنانية” تفاصيل قضية خطيرة كانت حتى وقت قريب محاطة بجدار من الصمت والترهيب.
فمع التبديلات في الأجهزة الأمنية ورفع القبضة التي كانت تخنق موظفي الدولة، برزت إلى العلن معلومات حساسة وخطيرة حول أسباب إقفال عدد من الدوائر العقارية، لا سيما في منطقة الزلقا، بعدما كانت شبه مشلولة بفعل سياسة ممنهجة من الترهيب والتضييق على الموظفين، فقط لأنهم قرروا عدم السكوت.
أحد رجال الدين المتابعين لهذا الملف نقل أمام مجموعة من الناشطين والإعلاميين أن عدداً من الموظفين، وبعد التغييرات الأمنية، شعروا بشيء من الحرية أتاحت لهم كشف ما كان يجري في الخفاء. وأكد أن ما حدث لم يكن مجرد خلل إداري، بل محاولة مدروسة لإسكات من اكتشفوا محاولات شراء أراضٍ بأسماء وهمية لصالح جهات شيعية وإيرانية.
وتبيّن من خلال شهادات هؤلاء الموظفين أن عمليات شراء مشبوهة طالت عقارات حساسة في مناطق استراتيجية، أبرزها بصاليم وبعبدات وأعالي المتن الشمالي، وقد تولاها أشخاص تبيّن لاحقًا أنهم مجرد واجهات لكيانات إيرانية. ووفق الإجراءات الإدارية، رُفعت هذه الشبهات إلى الأجهزة الأمنية التي طلبت حينها التريث في تسجيل المعاملات… لكن ما تلا ذلك لم يكن تحقيقًا نزيهًا، بل حملة قمعية شرسة. إذ انطلقت موجة من التوقيفات التعسفية طالت موظفين شرفاء، بعضهم تعرّض للتعذيب، ووُضع مع موقوفين متهمين بجرائم كبرى، وكأن المطلوب كان كسر إرادتهم ومسح الحقيقة. وتمّت مداهمة منازلهم، والتحقيق مع أفراد عائلاتهم، لإرسال رسائل ترهيب جماعية ومنهجية.
المعطيات التي وصلتنا تؤكد أن الأجهزة الأمنية استُخدمت كأداة قمع لحماية مشروع مشبوه، لا علاقة له بالتنمية أو الاستثمار، بل يهدف إلى تغيير ديمغرافي مموّه، من خلال السيطرة العقارية على مناطق محددة.
وفي تطور لافت، علمنا أن وزير المالية طلب مؤخرًا من وزيرة التربية نقل نحو 200 معلم إلى الدوائر العقارية لسدّ النقص الناتج عن توقيف الموظفين أو انسحابهم القسري. هذا القرار أثار تساؤلات جدية حول مؤهلات هؤلاء المعلمين لتولي مهام تقنية دقيقة، خاصة وأن غالبيتهم – وفق ما وردنا – محسوبون على الفريق السياسي المتهم بالوقوف خلف عمليات الشراء.
أمام هذه الوقائع، تحذّر “حركة الأرض اللبنانية” من أن ما يجري هو محاولة مكشوفة لوضع اليد على الدوائر العقارية، وتزوير الواقع السكاني اللبناني خدمة لأجندات خارجية، تحت غطاء صفقات قانونية ظاهرًا، ومشبوهة في العمق.
نحمّل الدولة اللبنانية مسؤولية ما جرى ويجري. وندعو إلى:
- فتح تحقيق شفاف ومستقل في كل ما حدث في دائرة الزلقا.
- الإفراج الفوري عن الموظفين الموقوفين ظلمًا وتعويضهم معنويًا ومهنيًا.
- مراجعة كل عمليات الشراء المشبوهة ومحاسبة من سهّلها أو تستر عليها.
- وقف أي تعيين في الدوائر العقارية يتم خارج معايير الكفاءة والاستقلالية.
إنّ التهاون مع هذا الملف لا يعني فقط السكوت عن فساد، بل التواطؤ في مشروع يهدد الكيان اللبناني وتوازناته.