خاص – أجرى كبار السياسيين الألمان مناظرات قبل الانتخابات التي ستجرى في 23 فبراير 2025، حيث ركزوا على التهديدات العسكرية والأمن الأوروبي. وانطلقت المناقشة بسرعة، حيث ركز المنسقون المحادثة على التهديد العسكري والأمن القاري. حيث كشف استطلاع رأي حديث أن 45% من الألمان يعتبرون السلام والأمن القضية الأكثر أهمية في الفترة التي تسبق التصويت الانتخابي.
تقول وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، إن خطر الحرب أصبح بازدياد بعد تدهور العلاقات مع الحلفاء الأوروبيين في أعقاب تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. فقد دفعت رغبة الرئيس الأمريكي في إنهاء حرب أوكرانيا المستمرة منذ ما يقرب من ثلاث سنوات على أوكرانيا بأي ثمن، بما في ذلك تنفير حلفاء الولايات المتحدة عبر الأطلسي منذ عقود، العديد من الزعماء الأوروبيين إلى التشكيك في أمنهم وإعادة تقييم موثوقية واشنطن.
أضافت بيربوك: “حتى الآن حصلنا على دعم قوي من الأمريكيين، وإذا لم يعد الأمر كذلك، فإننا نحن الأوروبيين يجب أن نعمل على تأمين سلامنا بشكل أقوى، ويمكننا أن نفعل ذلك إذا وجدنا قوة الديمقراطيين”.
وأشار ماتياس ميرش، الأمين العام للحزب الاشتراكي الديمقراطي SPD، إلى أن الحكومة الألمانية لم تكن مستعدة بشكل سيئ، لكن السؤال الرئيسي هو كيف ستتفاعل أوروبا. وتابع ميرش: “هل أوروبا قادرة على الدفاع عن نفسها؟ هذه أيضاً مسألة تمويل. كيف نتخذ موقفنا، لا ينبغي أن يكون هناك سلام مفروض على أوكرانيا”. واختتم قوله بأن “مسألة كيفية تجهيزنا مالياً هي مسألة مستقبلية. وستكون مسألة إصلاح نظام كبح الديون قضية رئيسية”.
الحزب الديمقراطي المسيحي (CDU): الحكومة الحالية معزولة
يقول كارستن لينمان، الأمين العام لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي CDU إن “حزبه، بالاشتراك مع حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي CSU، سوف ينتهج سياسة تحديد أولويات جديدة واستعادة ألمانيا كواحدة من اللاعبين الرئيسيين على الساحة الدولية. وأضاف: “الحكومة الحالية معزولة ولم تتولَّ دور القيادة. وسيتوجه ماكرون وستارمر إلى ترامب، وعلينا نحن في ألمانيا أن نتولى دور القيادة مرة أخرى”.
وتابع السياسي من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU): “ليس من الأعلى إلى الأسفل ولكن مع فرنسا وبولندا واتحاد أوروبي قوي وبعد ذلك سنحدد الأولوية وهي القدرة الدفاعية لألمانيا وأوروبا”. وأكد ألكسندر دوبريندت من حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي أن “الحكومة الحالية بقيادة المستشار أولاف شولتز ليست مجهزة للتعامل مع التطورات العالمية الحالية”.
وأكمل: “إن الولايات المتحدة تعيد التموضع، وقد ينشأ فراغ في أوروبا، والسؤال الحاسم هو ما إذا كنا سنملأ هذا الفراغ الأمني أم بوتين. لا ينبغي لنا أن نسمح بحدوث ذلك، ولهذا السبب ينشأ هذا السؤال حول بنية أمنية جديدة”. وتدخل زعيم الحزب الديمقراطي الحر (FDP) كريستيان ليندنر في الأمر، مؤكداً على ضرورة أن تتبنى برلين موقفاً متشدداً وتعكس صورة القوة. وأضاف ليندر: “إن سياسة القوة التي تمارسها الصين وروسيا والولايات المتحدة موجهة ضد النظام الدولي القائم على القواعد والتعددية، وهو ما يعني أن علينا أن نسلح أنفسنا”.
وتابع: “لقد انتهى زمن المناشدات الأخلاقية والسياسة الخارجية النسوية. لقد كانت القوة الجيوسياسية لبلادنا تستند دائماً إلى قوتنا الاقتصادية. لم يعد لدينا ذلك، وعلينا استعادته. إن دولتنا تفشل في أداء مهامها الأساسية، بما في ذلك الأمن ولكن أيضاً التعليم والبنية الأساسية، ويجب أن يتغير ذلك”.
حزب “البديل من أجل ألمانيا” AFD يدعم ترامب ويرفض إرسال أسلحة لأوكرانيا
تعتقد زعيمة حزب “البديل” اليميني المتطرف، أليس فايدل أن “خطر الحرب نما بشكل كبير”. وأشارت إلى “أن حزبها يشاطر ترامب معتقداته ويدعو أوكرانيا إلى تنفيذ السلام والتفاوض مع موسكو منذ بداية الحرب، وهو الاقتراح الذي رفضته حكومة شولتز بشدة”.
ثم انتقدت فريديرتش ميرتس لموقفه من استمرار تسليم الأسلحة إلى كييف. وكان ميرتس قد دعا في السابق برلين إلى إرسال صواريخ توروس إلى أوكرانيا لتعزيز قدراتها الجوية ضد روسيا. وترى فايدل أن هذا النهج “تصعيدي وخاطئ”… وأن “ألمانيا لا ينبغي لها أن تتدخل على الإطلاق، حتى لو كان ذلك بتسليم الأسلحة أو نشر الجنود أو تقديم المساعدات المالية”.
وتابعت فايدل: “يتعين علينا أن نضع حداً لهذه القضية لأن خطر التصعيد لا يزال قائماً”. وأعلنت زعيمة حزب “البديل”، التي تحتل حالياً المركز الثاني في استطلاعات الرأي مع قاعدة دعم تقدر بنحو 20%، أنها “ستدعم ترامب في جهوده”.
بدوره، أكد لينمان أن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي CDU يريد جعل أوروبا قوية مرة أخرى، معتبراً أن القوى الأوروبية يجب أن تتحدث كقوة واحدة وتظهر الوحدة الكاملة. وتابع: “لن نتعامل مع السيد بوتين بمعزل عن الآخرين. بل سنعمل بدلاً من ذلك على توحيد جهودنا مع أوروبا بأكملها، مع فرنسا، وبولندا، والسيد ستارمر، والبريطانيين من أجل خلق أوروبا القوية، ثم الجلوس على الطاولة مع الأوكرانيين بصوت واحد”.
وهاجم الاتحاد الديمقراطي المسيحي CDU، حزب “البديل” متهماً أياه بدعم الرئيس بوتين. ثم أكد أن فايدل تقف وراء الأخير بينما يقف الاتحاد الديمقراطي المسيحي وراء أوكرانيا. وردت فايدل: “من غير الصواب أبداً أن ننظر إلى هذه الحرب من منظور أبيض وأسود. فالحرب غير قانونية بموجب القانون الدولي، ولكن لها تاريخ تم تجاهله. وكررت أنه “لابد أن نأتي إلى طاولة المفاوضات لإنهاء الحرب في أسرع وقت ممكن”.
واتهمت بيربوك كلاً من فايدل وسارا فاجينكنيشت بعدم زيارتهما لأوكرانيا أو رؤية الضحايا الذين يعانون من هجمات بوتين. فردت فايدل على ذلك متهمة بيربوك بالمساهمة في تفاقم الوضع المتردي بالفعل خلال فترة توليها منصبها. أما فاجنكنيشت، فكانت تعارض تسليم الأسلحة وتؤيد إجراء مفاوضات السلام منذ بداية حرب أوكرانيا في فبراير 2022. وتؤكد أنه أصبح من الواضح أن محادثات السلام ممكنة.
وأوضحت فاجنكنيشت أن “الأوروبيين لم يدعمواً أبدا سوى الأسلحة والحل العسكري، ولهذا السبب لم يجلسوا على الطاولة”. من ناحيته، يقول يان فان آكين، أحد المرشحين البارزين لحزب اليسار المتطرف، إن حلف شمال الأطلسي لديه مشكلة لأنه، على عكس الاتحاد الأوروبي، ليس مجتمعاً للقيم.
وأضاف فان آكين: “يجب علينا أن نفكر في الأمن من منظور أوروبي؛ فمن الخطأ التركيز بشكل أحادي على الأسلحة وحلف شمال الأطلسي… الحلف بدون الولايات المتحدة سيكون أفضل”. لكن ليندنر من الحزب الحر الديمقراطي FDP أبدى اختلافه مع هذا الرأي، قائلاً إن “الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى الردع النووي للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي”. وكرر ليندنر رغبته في بدء حقبة جديدة من الدبلوماسية عبر الأطلسي تهدف إلى التقريب بين أوروبا والولايات المتحدة. وختم حديثه بالقول: “لقد أصبح الصديق في واشنطن معقداً، لكنه لا يزال صديقاً”.