جريدة الحرة ـ بيروت
بقلم أ . جوزيف صليبا
يشهد حزب الله اللبناني تحولاً غير مسبوق منذ اتخاذه قراره دعم غزة في أكتوبر 2023. هذا القرار جسّد نقطة فاصلة في تاريخه العسكري، إذ أدّى إلى تحولات جوهرية في بنيته التنظيمية والقتالية، وترك تأثيرات عميقة على منظومته التي بُنيت على مدار أربعة عقود.
أجمع محللون عسكريون وخبراء على أن “حزب الله بالمفهوم العسكري انتهى” إثر التداعيات الأخيرة. فقد تعرضت وحدات النخبة التابعة للحزب لضربات موجعة أدّت إلى اختفاء بعض هذه الوحدات كليًا وتناثر أخرى حتى باتت عاجزة عن إعادة التكوين. توقف التدريب المنهجي يشكل خسارة أكبر من فقدان الأفراد، إذ أصبحت بيئة التدريب معدومة بفعل المراقبة الإسرائيلية المكثفة، ما جعل تجدد دماء المقاتلين أمراً مستحيلاً حالياً.
تسبب الاستهداف الإسرائيلي الدقيق في تفكيك الهياكل القيادية داخل الحزب، بما فيها قتل عدد كبير من القيادات الميدانية، وأدى إلى فراغ شبه كامل في غرفة العمليات المركزية، ما انعكس شللاً عملياً في القيادة والسيطرة. ما تبقى من قيادة سياسية لم يعد قادراً على إدارة الأزمة سوى عبر تدبير الأمور مع بضعة مقاتلين باتوا في حالة ضعف مستدام.
يؤكد ضباط الحرس الثوري الإيراني أن إعادة قدرات الحزب العسكرية إلى سابق عهدها تبدو شبه مستحيلة بسبب المراقبة الجوية والاستخبارية الإسرائيلية. أصبح من المستحيل إنشاء مراكز التدريب أو تحريك الوحدات القتالية واللوجستية بأمان على الأرض اللبنانية، مما أدى إلى تآكل فعلي لمنظومة العتاد والجاهزية عند الحزب.
يعيش حزب الله، وفق المؤشرات والخبراء، أسوأ أيامه من الناحية العسكرية، فلم يعد قوة منظمة أو فاعلة، بل تحول في الواقع إلى “جيوب مقاومة” محدودة ضعيفة المبادرة. هذا المشهد يعيد تشكيل موازين القوى في لبنان والمنطقة، ويجعل مستقبل الحزب العسكري محل تساؤلات حقيقية حول قدرته على النهوض أو التعويض.
تكشف التطورات الأخيرة أن حزب الله فقد العامل الأهم في بنيته العسكرية: القيادة المركزية والانضباط التنظيمي والقدرة على التجديد. ومن غير المتوقع، حسب التقديرات الدولية والمحلية، أن يتمكن الحزب من استعادة مكانته العسكرية السابقة في ظل الظروف الحالية للرقابة والضغط المتواصل.
