الأربعاء, مايو 14, 2025
9.6 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

خبير إسرائيلي يحذّر: “حزب الله” ما زال قويّاً

الحرة بيروت

في مقابلة لافتة مع صحيفة “معاريف” العبرية، رسم الباحث الإسرائيلي في الشأن اللبناني، موشيه إلاد، صورة قاتمة لمستقبل لبنان في ظل استمرار نفوذ “حزب الله”، رغم الضربات الإسرائيلية المتكررة، والأزمات الداخلية التي تعصف بالبلاد. إلاد، الذي خدم كضابط رفيع في الجيش الإسرائيلي إبان فترة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، ويُدرّس اليوم في الكلية الأكاديمية في الجليل الغربي، يقدّم قراءة استراتيجية تعكس المزاج الأمني والسياسي الإسرائيلي تجاه لبنان، ومن ضمنه “حزب الله”.

يؤكد إلاد أن الحزب لا يزال يحتفظ بقوة تفوق قوة الجيش اللبناني بأضعاف، سواء على مستوى العتاد أو التنظيم أو الالتزام العقائدي لعناصره. ورغم خسائره المتكررة في سوريا وعلى الحدود الجنوبية للبنان، لم يتزعزع موقعه كلاعب داخلي مهيمن ولا كطرف إقليمي مرتبط مباشرة بطهران.

لكن في المقابل، يرى إلاد أن هناك مستجدات داخلية لبنانية لم تكن موجودة في السابق. فللمرة الأولى، كما يشير، هناك محاولة حقيقية لبناء “دولة واحدة بسلاح واحد”. ويصف هذه الرغبة بأنها تشبه “الحلم البنغوريوني” عند تأسيس إسرائيل، حين سعى رئيس الحكومة دافيد بن غوريون إلى تفكيك كل التنظيمات المسلحة لدمجها في جيش موحّد تحت سلطة الدولة. إلا أن لبنان، بحسب إلاد، يفتقر إلى الأساس السياسي المتين والقيادة المركزية القادرة على فرض مثل هذا القرار، في ظل نظام طائفي مشتّت.

ورغم التشكيك في نجاح هذا المسار، لا يخفي إلاد أن “حزب الله” يواجه تحدياً جديداً لا يرتبط بإسرائيل ولا بالولايات المتحدة، بل بشارع لبناني ناقم. “أكثر ما بات يخشاه الحزب اليوم هو الغضب الشعبي”، كما يردف، مشيراً إلى أن الانهيار الاقتصادي، وانعدام الخدمات الأساسية، وتقهقُر الليرة، كلها عناصر دفعت المواطنين إلى كسر حواجز الخوف، حتى في بعض معاقل الحزب التقليدية.

وهذا ما يفسّر، وفق رأيه، امتناع الحزب حتى الآن عن التصعيد أو فرض شروطه على الحكومة الجديدة، رغم أنه يمتلك القدرة على إسقاطها أو تعطيلها. ويوضح إلاد أن الحزب “يلتزم الصمت حالياً احتراماً للرأي العام”، لكنه لا ينوي التراجع عن خطوطه الحمراء الأساسية، وفي طليعتها سلاحه، وشراكته الاستراتيجية مع إيران، ورفض أي تسوية داخلية تمس موقعه الأمني.

في هذا السياق، يطرح إلاد تصوراً تقدّم به بعض السياسيين اللبنانيين، يقضي بحصر سلاح “حزب الله” في مستودعات تُشرف عليها الدولة، ولا يُستخدم إلا في حالات الدفاع الوطني الطارئة. وهو اقتراح نظري من حيث التطبيق، لكنه يفتح الباب أمام تصوّر جديد لدور الحزب، من “ميليشيا مسلّحة خارج القانون” إلى “احتياطي استراتيجي للدولة” – الأمر الذي يشبه تجارب نزع سلاح الثوار في أميركا اللاتينية، أو إلحاق فصائل شبه عسكرية في المؤسسات الرسمية، على غرار العراق.

لكن إلاد يستدرك سريعاً أن هذا التصور يبقى بعيد المنال في ظل المعادلات الحالية، لا سيما أن “حزب الله” لا يزال يعتبر سلاحه “مقدساً”، وضرورياً لردع “الاحتلال الإسرائيلي” لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا والنقاط الحدودية الخمس. كما أن هناك، بحسب قوله، “حلفاً عضوياً لا يمكن فصله بسهولة” بين الحزب والحرس الثوري الإيراني، وهو ما يجعل قرار نزع السلاح ليس لبنانياً خالصاً.

ويوجّه إلاد في حديثه سهام النقد أيضاً إلى الطبقة السياسية اللبنانية، معتبراً أن الكثير من الأحزاب، حتى تلك التي ترفع شعارات السيادة، “لم تكن حاسمة أو صريحة في مواجهة حزب الله”. ويضيف: “الحزب لم يكن ليتمكن من السيطرة على مفاصل الدولة لو لم يكن هناك من يغطيه، ويتواطأ معه، أو يستفيد من منظومة المحاصصة”.

وعن احتمال حدوث تصعيد أمني جديد مع إسرائيل، يستبعد إلاد السيناريو ذاك في المدى القريب، رغم التوتر المستمر على الحدود الجنوبية. ويتابع بأن “الحزب يخشى أن يتحول أي تصعيد إلى نقطة انفجار داخلي، في ظل رفض شعبي لأي مغامرة جديدة”. لذلك، فهو يفضّل الاستمرار بسياسة “الخطاب عالي النبرة، والفعل المدروس”.

أما في الداخل الإسرائيلي، فيعترف إلاد أن تل أبيب تتابع تطورات الساحة اللبنانية بـ”عين القلق والتربص”. فبالنسبة للقيادة الأمنية في إسرائيل، فإن لبنان ما بعد الأزمة الاقتصادية هشّ، لكنه خطير، لأن الفراغ يولّد الفوضى، والفوضى تتيح الفرص لقوى لا دولتية، سواء “حزب الله” أو جهات إسلامية متطرفة أخرى.

ويختم إلاد تحليله بالتشديد على أن لبنان اليوم يقف أمام مفترق طرق: إما السير باتجاه دولة القانون والمؤسسات، وهو ما يتطلب توافقاً داخلياً وتغطية إقليمية ودولية لتحجيم دور “حزب الله”، أو الاستمرار في النموذج القائم، أي دولة ضعيفة، ضمنها دولة مسلحة تفرض أجندتها وتمنع أي مشروع إصلاحي حقيقي.

وبين هذين الخيارين اللذين يقسمان المشهد السياسي الداخلي، يبقى الشعب اللبناني هو الضحية الأكبر. ذلك بانتظار حلول لم تتّضح إلى اللحظة. لا بل حلول لا يبدو أن أحداً مستعد لتحمّل أثمانها بعد.

رابط المقال: https://hura7.com/?p=50551

رابط العدد: https://hura7.com/?p=50468

الأكثر قراءة