خاص – في أعقاب إعادة انتخاب الرئيس دونالد ترامب وتصريحه بشأن حلف الناتو – “إذا لم تدفعوا فواتيركم، فلن ندافع عنكم” – إلى جانب تصريحات نائبه، جيه دي فانس، في مؤتمر ميونيخ للأمن واجتماعهما المتوتر في المكتب البيضاوي مع زيلينسكي، أصبح رد الفعل القوي من دول الاتحاد الأوروبي أمراً لا مفر منه.
الركائز الرئيسية للخطة
أوضحت الولايات المتحدة أن حلفاء الناتو الذين يفشلون في تلبية عتبة الإنفاق الدفاعي البالغة 2% لا يمكنهم توقع الحماية الأمريكية، مما يلقي بظلال من الشك على انطباق المادة 5 من معاهدة واشنطن على بعض الأعضاء. ولا يهز هذا التحول في السياسة حلف الناتو والاتحاد الأوروبي فحسب، بل يشير إلى تحول في المشاركة العسكرية الأمريكية في أوروبا. إذ ستقرر واشنطن الآن أين تخطط وتتدرب بناءً على ميزانيات الدفاع، مما قد يقلل أو يعيد تموضع وجودها في القارة.
صرحت أورسولا فون دير لاين في مارس 2025: “نعيش في أخطر وأخطر الأوقات. لا داعي لوصف جسامة التهديدات التي نواجهها، أو العواقب الوخيمة التي سنتحملها في حال وقوعها. وأوضحت فون دير لاين أن الخطة تعتمد على التمويل العام من الميزانية الوطنية، والممول من خلال الديون.
وترتكز الخطة على خمس ركائز أساسية:
أولاً: تؤكد على المرونة المالية من خلال تخفيف ميثاق الاستقرار والنمو.
ثانياً: تُقدم خطة قروض SAFE بقيمة 150 مليار يورو لدعم الاستقرار المالي.
ثالثاً: تُشجع على استخدام أذكى لأموال الاتحاد الأوروبي غير المُنفقة لتحقيق أقصى قدر من كفاءة الموارد.
رابعاً: تسعى إلى تعبئة رأس المال الخاص، وتشجيع المزيد من الاستثمارات من مصادر غير عامة.
خامساً: تتصور دوراً جديداً لمجموعة بنك الاستثمار الأوروبي (EIB)، مما يعزز مساهمتها.
ووفقاً لمفوض الاتحاد الأوروبي، يمكن لمبادرة ReArm Europe تعبئة ما يصل إلى 800 مليار يورو. ولتحفيز الدول على الاستجابة بفعالية، سيقترح الاتحاد تفعيل بند الانسحاب الوطني من ميثاق الاستقرار والنمو، وسيوفر تسهيلات قروض بقيمة 150 مليار يورو يمكن للدول الأعضاء من خلالها توجيه استثماراتها إلى القدرات الدفاعية الحيوية. وبفضل هذه القروض، يمكنها شراء أنظمة دفاع وذخيرة جديدة، تلبي احتياجاتها وضرورياتها. حيث ستؤدي الزيادة المشتركة في الطلب بالتالي إلى تعزيز خفض تكاليف المشتريات.
تدابير وحوافز إضافية لدعم الأعضاء
ذكرت فون دير لاين أنه سيتم النظر في تدابير وحوافز إضافية لدعم الدول الأعضاء في تعزيز الاستثمار في هذا المجال، بما في ذلك من خلال برامج سياسة التماسك. ويمكن أن يكون لبرنامج ReArm Europe شقين:
الأول: تهيئة الظروف المواتية لتدفق رأس المال الخاص إلى قطاع الدفاع.
الثاني: توسيع نطاق اختصاص بنك الاستثمار الأوروبي ليشمل مشاريع الدفاع بهدف سد الفجوة بين الأولويات العامة والمؤسسات الخاصة.
ومن بين هذه الأهداف، الرغبة في تقليص الفجوات بين الدول الأعضاء من خلال تطوير فهم مشترك لأكثر استثمارات القدرات والأولويات إلحاحاً. كما أن ثمة سعياً لخلق التزام طويل الأجل واتفاق واضح بشأن الحوكمة، إلى جانب ضمان استخدام الدول للأموال والحوافز بأكثر الطرق كفاءة.
الانتقادات وردود الفعل
كانت ردود الفعل الفورية مختلفة بين أعضاء المؤسسات الأوروبية. إذ انتقد أعضاء البرلمان الأوروبي استخدام المفوضية للمادة 122 من المعاهدة، والتي يُفهم على نطاق واسع أنها توفر بنداً عاماً للتضامن لاعتماد التدابير في الأزمات وتعطي الأساس القانوني للتدابير التي اقترحتها المفوضية.
وينبع الانتقاد من حقيقة أن عملية صنع القرار قد استبعدت البرلمان الأوروبي. علاوة على ذلك، تم استخدام هذه المادة في حالات طوارئ قليلة جداً، مثل جائحة كوفيد-19. ووفقاً لبعض أعضاء البرلمان الأوروبي، فإن هذا التجاوز يعد خطأ، لأنه يفتقر إلى الشرعية الديمقراطية وقد يؤثر على ثقة المواطنين – والدول الأعضاء – في إجراءات الاتحاد. في الوقت نفسه، يتفق أعضاء آخرون على ضرورة التصرف بسرعة وسرعة للرد على الموقف.
ودعا حلف شمال الأطلسي (الناتو) الحلفاء إلى زيادة الإنفاق الدفاعي، مقترحاً زيادةً بنسبة 30% في أهداف القدرات – أي نطاق القوات والقدرات التي يعتبرها الناتو أساسيةً لمهمته – لتعزيز موقعه وتحديث أنظمته، مع التركيز على إعادة بناء ترسانة هجومية للردع.
تُزوّد الولايات المتحدة معظم الباليستيات الميدانية، وقد يُشكّل تراجع اهتمامها بالدفاع عن حلفائها الذين لا يستوفون عتبات الإنفاق تحديات. إذ لم تُحقق بعض الدول هدف الميزانية البالغ 2%، لكن الركيزة الأولى لمبادرة “إعادة تسليح أوروبا”، والمرتبطة بميثاق الاستقرار والنمو، تهدف إلى زيادة الميزانية بنسبة 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي للمساعدة في سد الفجوة.
وتُشير خطة “إعادة تسليح أوروبا” إلى تحول كبير في نهج الاتحاد الأوروبي تجاه الدفاع الأوروبي، مُسلّطةً الضوء على دراسته الجادة لإنشاء سوق دفاعية موحدة في نهاية المطاف، مما سيعكس نهجاً جديداً كلياً للأمن الأوروبي. وفي نهاية المطاف، اقترحت “إعادة تسليح أوروبا” إجراءات واستثمارات مشتركة لا تهدف فقط إلى مساعدة أوكرانيا، بل إلى تجديد أنظمة الأسلحة والبنى التحتية للدول الأوروبية، وبالتالي تعزيز جاهزيتها وقدرتها على الاستجابة.
تفسير الخطة
يمكن تفسير هذه الخطة من زوايا مختلفة: فهي خطة لتعزيز الردع ضد أي معتدٍ محتمل، أو الاستعداد لحرب محتملة وحتمية تحت ستار تقديم المزيد من المساعدات لأوكرانيا، أو مجرد إظهار للولايات المتحدة أن الزمن الذي كانت فيه مساعداتها أساسية قد ولّى، وأن أوروبا قادرة – بل ينبغي عليها – أن تدافع عن نفسها. ولتحقيق ذلك، تُكثّف أوروبا جهودها وتتحمل مسؤولية دفاعها، مُقلّلةً اعتمادها على الدعم والإمدادات الأمريكية. “في عصر تتكاثر فيه التهديدات وتتزايد فيه المنافسة النظامية، يجب على أوروبا أن تكون استراتيجية في استجابتها”.