الأحد, نوفمبر 9, 2025
21.4 C
Beirut

الأكثر قراءة

إصدارات أسبوعية

دبلوماسية العقوبات: تحالف الراغبين بين الردع والتردد

جريدة الحرة

خاص ـ شنت روسيا، خلال سبتمبر 2025 أكبر هجوم جوي لها على أوكرانيا منذ بدء حرب أوكرانيا في عام 2022، مع الحفاظ على الضغط على قوات كييف على خط المواجهة. لا يزال مستقبل محادثات السلام المباشرة غير مؤكد، مع تراجع الآمال في عقد لقاء بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وسط خلاف بين الزعيمين.

تحيط التساؤلات حول التزام واشنطن، ومعارضة الكرملين الصريحة لأي قوات غربية في أوكرانيا، بمناقشة الضمانات الأمنية لأوكرانيا. مع أن السلام يبدو بعيدًا أكثر من أي وقت مضى، على الرغم من الجهود لإنهاء أكبر حرب في أوروبا منذ عام 1945، فقد ألمح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى أن عقوبات جديدة ضد روسيا قد تأتي، تجري واشنطن محادثات مع الاتحاد الأوروبي بشأن العقوبات المحتملة على موسكو. فهل ستستمر الحرب حتى عام 2026؟ أم أن هناك فرصة للتغيير؟

محادثات السلام لا تزال تمثل الإشكالية

خلال العام 2025، عقدت روسيا وأوكرانيا أول مفاوضات مباشرة بينهما بشأن الحرب، منذ بدء الحرب، حيث اجتمعت الوفود في إسطنبول ثلاث مرات. في غضون ذلك، التقى ترامب ببوتين في ألاسكا في 15 أغسطس 2025، ثم بزيلينسكي وقادة أوروبيين. أسفرت المحادثات الأوكرانية الروسية عن اتفاقيات لتبادل الأسرى ورفات الجنود، لكنها لم تُحرز أي تقدم يُذكر نحو السلام، أو حتى وقف إطلاق النار. بل إنها رسّخت لدى الكثيرين في أوكرانيا والغرب الانطباع بأن بوتين، الذي يهدف إلى إخضاع أوكرانيا، لا يريد السلام إلا بشروطه.

لم يتم تحديد موعد لجولة جديدة من المفاوضات، وقد صدّ بوتين دعوات ترامب وزيلينسكي لعقد اجتماع وجهًا لوجه مع الرئيس الأوكراني، بإصراره على أنه إذا عُقد الاجتماع في أي وقت قريب والذي يبدو أنه يعني به قبل الاستسلام الأوكراني بحكم الأمر الواقع فيجب أن يُعقد في موسكو، وهو أمر غير وارد بالنسبة لأوكرانيا.

ردّ زيلينسكي، الذي اقترح منذ فترة عقد لقاء في بلد ثالث، قائلًا: “إن بوتين يمكن أن يأتي إلى كييف، وهو اقتراح غير قابل للتنفيذ، وإن كان بالنسبة لموسكو”. أوضح زيلينسكي في الخامس من سبتمبر 2025: “لا أستطيع الذهاب إلى موسكو وبلدي يتعرض للقصف الصاروخي والهجمات يوميًا، لا أستطيع الذهاب إلى عاصمة روسيا”.

روسيا ستحقق أهدافها بالقوة العسكرية إذا لم تُسفر الدبلوماسية عن السلام

شنت روسيا أكبر هجوم جوي لها على أوكرانيا، حيث أطلقت 810 طائرات بدون طيار، في هجوم كان الأكثر تضررًا في كييف، حيث تضرر مقر الحكومة، بعد تبادل الحديث مع زيلينسكي حول مكان الاجتماع، ربما لم يكن اختيار كييف هدفًا مصادفًا. على أي حال، بدا وابل الهجمات وسيلةً من بوتين لتكرار تصريحٍ أدلى به خلال زيارة للصين، مفاده: “أن روسيا ستحقق أهدافها بالقوة العسكرية إذا لم تُسفر الدبلوماسية عن السلام”.

من أهداف بوتين السيطرة على كامل مناطق دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون الأوكرانية، والتي ادّعى في سبتمبر 2022 أنها جزء من روسيا. وقد تكبّدت جهود السيطرة على ما تبقى من منطقة دونيتسك خسائر فادحة، لكن المحللين يقولون إن بوتين يعتقد أن روسيا لها اليد العليا في ساحة المعركة. يقول زيلينسكي: “إن روسيا لديها نحو 100 ألف جندي بالقرب من مدينة بوكروفسك في منطقة دونيتسك، وتستعد لشن هجوم في الخريف”.

ضمانات الأمن

في حين تمضي روسيا قدمًا في الحرب، فإن جزءًا كبيرًا من الدبلوماسية في الغرب، وخاصة بين الداعمين الأوروبيين لكييف، يركّز على مناقشات الضمانات الأمنية لأوكرانيا في حال التوصل إلى اتفاق سلام. أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي استضاف اجتماعًا في الرابع من سبتمبر 2025 لـ”تحالف الراغبين”، إن 26 دولة تعهدت بإرسال قوات “كقوة طمأنة في أوكرانيا أو لتكون موجودة على الأرض أو في البحر أو في الجو”.

تابع ماكرون: “سنُنهي في الفترة المقبلة الدعم الأمريكي لهذه الضمانات الأمنية، وكما ذكرتُ، شاركت الولايات المتحدة في جميع مراحل العملية”. لكن لا تزال هناك تساؤلات حول الدور الأمريكي المحتمل، وهناك قضيتان مُلحّتان أخريان.

في الصين، حذّر بوتين من أن القوات الأجنبية في أوكرانيا ستكون “أهدافًا مشروعة” ما دام القتال مستمرًا. كما أكد أنه لن تكون هناك حاجة لمثل هذه القوات في حال التوصل إلى اتفاق سلام، مؤكدًا أن التزام روسيا سيكون مؤكَّدًا لا شك فيه، وهو ادعاءٌ رُفض على نطاق واسع في أوكرانيا والغرب، استنادًا إلى سلوك موسكو في أوكرانيا منذ سيطرتها على شبه جزيرة القرم عام 2014.

المشكلة الأخرى: لنشر قوة طمأنة بعد انتهاء القتال، يجب أن ينتهي القتال أولًا. وفي هذه المرحلة، لا يبدو السلام أقرب مما كان عليه عندما تولى ترامب منصبه في يناير 2025، بعد حملة كرر فيها مرارًا وتكرارًا أنه يستطيع إنهاء الحرب في يوم أو يومين.

هل هناك عقوبات أكثر صرامة في الطريق؟

المتغير الأكبر في الوقت الراهن هو احتمال فرض عقوبات غربية جديدة على روسيا. لقد هدد ترامب مرارًا وتكرارًا بفرض عقوبات أكثر صرامة على روسيا، ولكن باستثناء رفع الرسوم الجمركية على معظم الواردات الهندية بنسبة 25% بسبب مشتريات نيودلهي من النفط الروسي، فإنه حتى الآن امتنع عن القيام بذلك، على الرغم من إعرابه المتكرر عن إحباطه من مقاومة بوتين لإنهاء الحرب.

ليس هناك شيء مؤكد، ولكن هناك دلائل تشير إلى أنه قد يكون أقرب من أي وقت مضى إلى فرض عقوبات جديدة. وعندما سُئل في السابع من سبتمبر 2025 عما إذا كان مستعدًا للانتقال إلى “المرحلة الثانية” من العقوبات، أجاب: “نعم، أنا مستعد”.

صرح وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت: “إذا استطاعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي التدخل وفرض المزيد من العقوبات والتعريفات الجمركية الثانوية على الدول التي تشتري النفط الروسي، فإن الاقتصاد الروسي سوف ينهار بالكامل، وهذا من شأنه أن يدفع الرئيس بوتين إلى طاولة المفاوضات”.

تابع بيسنت: “نحن مستعدون لزيادة الضغط على روسيا، لكننا بحاجة إلى أن يحذو شركاؤنا في أوروبا حذونا”. قد خفّض الاتحاد الأوروبي وارداته من الطاقة الروسية بشكل حاد، لكن واشنطن تحثه على إجراء المزيد من التخفيضات وشراء المزيد من الولايات المتحدة. أكد الاتحاد الأوروبي: “إن مبعوثه للعقوبات، ديفيد أوسوليفان، سيقود وفدًا إلى الولايات المتحدة في الثامن من سبتمبر 2025 لإجراء محادثات بشأن تنسيق العقوبات ضد روسيا”.

عقوبات مرتقبة، ومقاومة روسية

لم يُعرّض ترامب الصين، أكبر مشترٍ للنفط الخام الروسي، لرسوم جمركية أو عقوبات بسبب هذه التجارة. فبالإضافة إلى توسيع نطاق استخدام الرسوم الجمركية الثانوية، أفادت تقارير أن الولايات المتحدة درست فرض عقوبات على شركات طاقة روسية كبرى، مثل شركتي “روسنفت” و”لوك أويل” العملاقتين الحكوميتين، بالإضافة إلى استهداف “أسطول ناقلات النفط الروسي” الذي يُساعد روسيا على التهرب من العقوبات.

يوضح نايجل جولد ديفيز، الباحث البارز في شؤون روسيا وأوراسيا في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: “هناك الكثير مما يمكن للغرب فعله. استخدام العقوبات الثانوية، وهي السلاح الأقوى، لا يزال محدودًا. ويمكنه المضي قدمًا في فرض عقوبات على ناقلات النفط التابعة لأسطول الظل تحديدًا”.

أضاف نايجل: “أظهرت الكيانات الصينية تحفّظًا تجاه المخاطر عند مواجهة احتمال فرض عقوبات”. متابعًا: “إن تصعيد العقوبات التي ستؤثر عليها قد يُشير بشكل مفيد إلى المخاطر التي تواجهها الصين في كونها ما يُطلق عليه حلف شمال الأطلسي الداعم الحاسم لحرب روسيا في أوكرانيا”.

تأتي المحادثات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في الوقت الذي تستعد فيه بروكسل لفرض جولة جديدة من العقوبات على روسيا، وهي الحزمة التاسعة عشرة من العقوبات منذ بدء الغزو الشامل. من بين أمور أخرى، يدرس الاتحاد الأوروبي توسيع نطاق عقوبات “أسطول الظل” الخاص به، وإخراج المزيد من البنوك من نظام المعاملات المالية “سويفت”، وفرض عقوبات ثانوية على شركات فردية خارج روسيا لمساعدتها موسكو في تمويل الحرب، وفقًا للمقترحات الفرنسية والألمانية التي تم تبادلها مع أعضاء آخرين في الاتحاد الأوروبي.

هناك نقاش حول الحدّ من أعداد الدبلوماسيين الروس العاملين في الاتحاد الأوروبي، والمواطنين الروس المسافرين إلى أوروبا بتأشيرات سياحية، حسبما ذكرت المقترحات والأشخاص المطلعين على مداولات الاتحاد الأوروبي. تجاهلت روسيا العقوبات الغربية، واستمرت في ذلك في حين دار الحديث عن تدابير جديدة.

أكد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، في الثامن من سبتمبر 2025: “لا يمكن لأي عقوبات أن تجبر الاتحاد الروسي على تغيير الموقف الثابت الذي تحدث عنه رئيسنا مرارًا وتكرارًا”. يرى جولد ديفيز “إن المشاركة الأميركية أمر بالغ الأهمية، فأمريكا تستخدم أقوى العقوبات بحكم الدور المحوري الذي يلعبه الدولار في الاقتصاد العالمي. لذا، فإن مشاركة أمريكا في العقوبات الجديدة من عدمها تُحدث فرقًا هائلًا”، مضيفًا: “سيكون هذا مهمًا للغاية من الناحية الرمزية، فهي المرة الأولى التي يدعم فيها الرئيس ترامب كلماته الصارمة تجاه روسيا بالأفعال، بدلاً من التنازلات”.

https://hura7.com/?p=65909

الأكثر قراءة