مجلة عرب أستراليا ـ تتواتر التهديدات الإسرائيلية اليومية على لسان أعضاء مجلس الحرب الإسرائيلي بحتمية شن حرب واسعة على لبنان إذا ما استنفدت المحاولات الدبلوماسية بإبعاد حزب الله وكتبيبته، “الرضوان” لما بعد الليطاني كما تتعالى أصوات قطعان المستوطنين بنفس الاتجاه.
يدرك الإسرائيليون ان لبنان اغلق باب التفاوض بشأن الاعمال العسكرية والأمنية الى ما بعد وقف الحرب على غزة على وقع الاسناد الساخن، بحيث يمكن العودة بعد ذلك الى جولات “هوكشتين” المكوكية والتطبيق المبهم لمضمون القرار الأممي السابق “1701”، والذي يسمح لطرفي النزاع الادعاء بالانتصار.
يبدو نتنياهو عالق تحت سقوف أهدافه المعلنة والمستحيلة، أهمها أن وقف اطلاق النار يعني الحؤول دون اجتياحه رفح، وربطه ذلك بخسارة الحرب.
الظروف الحالية تعاند ذلك الاجتياح، فالجيش الإسرائيلي منهك بعد خمسة اشهر من المراوحة في قطاعات غزة الأخرى والخلافات تعصف بالمستويات السياسية والعسكرية والأمنية والدينية رفض “الحرديم” الخدمة في الجيش بما لذلك الرفض من تداعيات بين العلمانيين والمتدينين والاقتصاد يترنح وتحرك أهالي الاسرى في تصاعد وكرة الداعين لانتخابات مبكرة يعتبرها نتنياهو ستة اشهر قاتلة تتدحرج والأخطر تصاعد الخلافات الامريكية مع حكومة نتنياهو وعدم تغطية واشنطن لاجتياح على صور فظاعاتها السابقة بما يمعن في احراج أمريكا إنسانياً وقانونياً وإذلال بايدن بانتخابات الرئاسة حيث المؤشرات ترتفع لصالح “دونالد ترامب” وربما ستسعى الإدارة الامريكية لإخضاع توريد الأسلحة للجيش الإسرائيلي للمزيد من الاعمال الروتينية واستصدار قرار من مجلس الامن يقضي بوقف لإطلاق النار على قاعدة ورقة حماس التفاوضية الأخيرة والتي اعتبرتها واشنطن ضمن المعقول وحيث باتت تعتبر ان الظروف باتت ملحة لإنقاذ إسرائيل من نفسها ولملمة الفوضى التي احدثتها تل ابيب يتوازى ذلك مع موقف أوروبي موازي اكثر حزماً في مسألتي رفض الاجتياح والتحذير من تداعيات المجاعة.
إضافة الى هذه العوامل يدرك نتياهو أن دخوله رفح قد يدفع حزب الله اللبناني إلى تعديل تدخله من الاسناد لغزة الى الانخراط الكلي في الحرب، ووفق الاعتبارات السالفة فإن إسرائيل رغم تصريحاتها المتكررة باجتياح رفح وغزو لبنان فهي غير مستعدة لسيناريو الحرب الشاملة إلا كمقامرة متوحشة يقوم بها نتنياهو لإطالة امد مكوثه في رئاسة الحكومة، وهذا يعني ان “إسرائيل” عالقة في وحول فشلها وفظائع مجازرها، وقد تعرت سرديتها المضللة امام العالم حتى من ورقة التوت، التي استحلبت ضرعها 76 عاماً ومكنتها من استعطاف الغرب وكسب دعمه وتأييده على حساب الحقوق الفلسطينية المشروعة.
فهل يغتنم العرب والمسلمين “طوفان الأقصى” لإقناع أمريكا بانتهاء صلاحية إسرائيل، فالكثير من الأمريكيين باتوا يتسائلون عن جدوى أن تدفن بلادهم رأسها من أجل إسرائيل، فالولد التلمودي المدلل بات مزعجاً ليس فقط لدافع الضرائب الأمريكي بكثرة اسرافه، بل لأنه أيضاً يمعن في إذلال أحفاد العم سام بعدم الاكتراث بمصالحهم وقد تعارضت كلياً في الشرق الأوسط.