الأربعاء, أبريل 23, 2025
18 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

د. عبده جميل غصوب ـ أثر وقف تنفيذ المرسوم الصادر عن مجلس الوزراء رقم 12835 تاريخ 12/1/2024، المتضمن ردّ قانون الإيجارات في الأماكن غير السكنية الذي أقرّه مجلس النواب عدد 8348/ص تاريخ 14/12/2023، على علاقة المالك بالمستأجر

الحرة بيروت ـ بقلم: الدكتور عبده جميل غصوب، دكتور في الحقوق، بروفسور لدى كليات الحقوق، محام بالاستئناف، مستشار قانوني في الإمارات العربية المتحدة ـ دبي، خبير قانوني دولي معتمد لدى عدة منظمات قانونية دولية.

ذهبت بعض المحاكم إلى أن المادة 38 من قانون الإيجارات النافذ حكماً بتاريخ 9/5/2014، المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 26/6/2014 (المعدّل بالقانون رقم 2 الصادر بتاريخ 28/2/2017)، المعدلة بموجب القانون رقم 111 تاريخ 6/12/2018 والقانون رقم 176، المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 21/5/2020 والقانون رقم 245 الصادر بتاريخ 22/7/2021، تنص أنه “لحين نفاذ قانون خاص ينظم علاقة المالك بالمستأجر في هذه العقود، تمدّد عقود إيجار الأماكن غير السكنية المعقودة قبل 23/7/1992 لغاية 30/6/2022 ضمناً.

وتضيف الأحكام الصادرة عن هذه المحاكم، أن قانون الإيجارات النافذ حكماً بتاريخ 9/5/2014، المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 26/6/2014، هو قانون استثنائي، فيقتضي تفسير نصوصه على وجه حصري دون توسّع. وأن المادة 38 المشار إليها نصّت عن تمديد عقود إيجار الأماكن غير السكنية المعقودة قبل 23/7/1992 لغاية 30/6/2022 ضمناً لحين نفاذ قانون خاص ينظم علاقة المالك بالمستأجر في هذه العقود. وبالتالي فإنه، وفي ظل عدم صدور قانون خاص ينظم هذه العلاقة ودخوله حيّز التطبيق بعد انقضاء التاريخ المذكور، تكون مدة عقود إيجار الأماكن غير السكنية المعقودة قبل 23/7/1992 والممدة حكماً بموجب قوانين الإيجارات الاستثنائية المتعاقبة قد انتهت مع انتهاء المدة المحددة في المادة المذكورة، أي بتاريخ 30/6/2022. وتنتهي هذه الأحكام إلى أنه تحقيقاً للمصلحة العامة وحفاظاً على استقرار التعامل بين الأفراد في المجتمع وصيانة لحقوقهم وتثبيتها، فإنه، عند انتهاء أجل قانون خاص، يعود القانون العام الذي يرعى الحالات التي تنطبق عليه، إلى حيّز التطبيق مجدداً؛ الأمر الذي يقتضي معه إعمال أحكام قانون الموجبات والعقود في حلّ النزاعات الناشئة عن علاقة المالك بالمستأجر في عقود إيجار الأماكن غير السكنية المعقودة قبل 23/7/1992، باعتباره القانون النافذ راهناً، متى كانت الدعاوى بشأنها قد أقيمت بعد 30/6/2022. وأن المادة 590 من قانون الموجبات والعقود تنص أن اجارة الأشياء تنتهي حتماً عند حلول الأجل المتفق عليه بين المتعاقدين بدون حاجة إلى طلب التخلية مع مراعاة الاتفاق المخالف إذا وجد (راجع لطفاً، على سبيل المثال، الحكمين غير المنشورين التاليين: القاضي المنفرد المدني في حلبا، الناظر بقضايا الإيجارات، قرار رقم 221/2023، 26 تشرين الأول 2023؛ وقاضي الأمور المستعجلة في المتن، قرار رقم 412/2024، 8 آب 2024).

هذه الأحكام تطرح إشكاليتين أساسيتين: الأولى: ما هو القانون الذي يرعى علاقة المالك بالمستأجر في ظل الوضع القانوني الحالي؟ والثانية: ما هو الموقف الواجب على القضاء اتخاذه؟

أولاً: القانون الذي يرعى علاقة المالك بالمستأجر في ظل الوضع الراهن

ذهبت بعض الأحكام القضائية، المشار إليها، إلى أن المادة 38 من قانون الإيجارات النافذ حكماً في 9/5/2014، المعدّلة بموجب القانون رقم 111 تاريخ 6/12/2018 والقانون رقم 176 المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 21/5/2020 والقانون رقم 245 الصادر بتاريخ 22/7/2021، تنص أنه “لحين نفاذ قانون خاص ينظم علاقة المالك بالمستأجر في هذه العقود، تمدد عقود إيجار الأماكن غير السكنية المعقودة قبل 23/7/1992 لغاية 30/6/2022 ضمناً”. وبالتالي فإنه، في ظل عدم صدور قانون خاص ينظم هذه العلاقة ودخوله حيز التطبيق بعد انتهاء التاريخ المذكور، تكون مدة عقود إيجار الأماكن غير السكنية المعقودة قبل 23/7/1992، الممددة حكماً بموجب قوانين الإيجارات الاستثنائية المتعاقبة، قد انتهت مع انتهاء المدة المحددة في المادة المذكورة، أي بتاريخ 30/6/2022.

ولكن، هذا الرأي ـ على وجاهته ـ لا يأخذ بالاعتبار الواقع التشريعي الراهن، إذ إن مجلس النواب أقر قانون الإيجارات في الأماكن غير السكنية (عدد 8348/ص تاريخ 14/12/2023)، الذي أصدرته حكومة تصريف الأعمال بتاريخ 19/12/2023؛ إلا أن الحكومة ذاتها عادت وأصدرت مرسوماً في مجلس الوزراء حمل الرقم 12835، تاريخ 12/1/2024، تضمن ردّ قانون الإيجارات في الأماكن غير السكنية المومأ إليه أعلاه إلى مجلس النواب.

وأنه بتاريخ 20/2/2024 تقدمت جمعية مالكي الأبنية المؤجرة في لبنان لدى مجلس شورى الدولة بمراجعة سجلت تحت الرقم 25602 / 2024، طلبت فيها وقف تنفيذ وإبطال المرسوم الصادر عن مجلس الوزراء رقم 12835 تاريخ 12/1/2024 أعلاه، المتضمن ردّ قانون الإيجارات في الأماكن غير السكنية الذي أقرّه مجلس النواب (عدد 8348/ص تاريخ 14/12/2023) واعتبار قانون الإيجارات للأماكن غير السكنية صادراً ونافذاً من تاريخ 19/12/2023، وهو تاريخ إصداره من قِبل حكومة تصريف الأعمال.

وإن مجلس شورى الدولة أصدر قراراً إعدادياً بتاريخ 4/4/2024، تحت الرقم 160/2023 ـ 2024 قضى بالإجماع بـ”وقف تنفيذ المرسوم رقم 12835 تاريخ 12/1/2024 المتعلق بإعادة قانون الإيجارات للأماكن غير السكنية إلى مجلس النواب” (راجع لطفاً القرار المذكور، غير المنشور).

فما هو أثر قرار وقف التنفيذ على القانون المذكور في ظل عدم صدور قرار نهائي بإبطاله عن مجلس شورى الدولة وهل هو، أم لا، القانون الذي يرعى علاقة المالك بالمستأجر راهناً؟

في ظل عدم صدور أي قرار يقضي بإبطال قانون الإيجارات في الأماكن غير السكنية الذي أقره مجلس النواب (عدد 8348 / ص تاريخ 14/12/2023) والذي أصدرته حكومة تصريف الأعمال في 19/12/2023، يبقى هذا القانون هو الإطار التشريعي الوحيد الذي يحكم علاقة مالك الأبنية غير السكنية بمستأجريها، طالما أن القانون المذكور لم يبطل بعد بقرار نهائي صادر عن مجلس شورى الدولة.

وإن المادة 77 من نظام مجلس شورى الدولة تنص أنه “لمجلس شورى الدولة تقرير وقف التنفيذ بناء لطلب صريح من المستدعي إذا تبيّن من ملف الدعوى أن التنفيذ قد يلحق بالمستدعي ضرراً بليغاً وأن المراجعة ترتكز على أسباب جدية وهامة” (راجع لطفاً قرار مجلس شورى الدولة الإعدادي رقم 160/2023 – 2024 تاريخ 4/4/2014 المشار إليه أعلاه).

فيكون أثر قرار وقف التنفيذ على قانون ايجارات الأماكن غير السكنية، الذي أقره مجلس النواب (عدد 8348 / ص تاريخ 14/12/2023) والذي أصدرته حكومة تصريف الأعمال في 19/12/2023، مقتصراً فقط على “تجميده”، أي عدم تطبيقه راهناً بانتظار ما سيصدر عن مجلس شورى الدولة من قرار نهائي بهذا الخصوص، دون أن يطال “التجميد” المذكور صحة القانون، الذي يبقى قائماً و”مجمد” التطبيق، كما أسلفنا، إلى حين البت بطلب إبطاله.

بل أكثر من ذلك، فإنه تقتضي الملاحظة إلى أن قرار وقف التنفيذ الصادر عن مجلس شورى الدولة لم يتناول قانون إيجارات الأبنية غير السكنية الذي أقره مجلس النواب (عدد 8348/ص تاريخ 14/12/2023) وأصدرته حكومة تصريف الأعمال في 19/12/2023؛ بل أن وقف التنفيذ شمل فقط المرسوم رقم 12835 تاريخ 12/1/2024، المتعلق بإعادة قانون الإيجارات للأماكن غير السكنية إلى مجلس النواب.

هذا يعني أنه ـ وإن كانت النتيجة ذاتها ـ أي وقف تنفيذ القانون (أي تجميده كما أسلفنا)، إلا أن القانون بذاته ليس مدار طعن من قبل أي كان، بل هو قائم بذاته، فلا يمكن لأحد تجاهله ويجب التعامل معه لزاماً على أنه قائم ولكن مجمّد التنفيذ.

وهنا نطرح السؤال التالي: ما هي الفائدة العملية من هذا النقاش؟ وما هو أثر قرار وقف التنفيذ الصادر عن مجلس شورى الدولة على الدعاوى العالقة أو التي ستنشأ في ظل الوضع الراهن على عقود إيجار الأماكن غير السكنية المعقودة قبل 23/7/1992؟

ثانياً: أثر قرار وقف التنفيذ الصادر عن مجلس شورى الدولة على الدعاوى العالقة أو التي ستنشأ

إن المادة 504 أ.م.م الصريحة والواضحة تعطي حلاً قاطعاً لهذه الإشكالية، إذ إنها تنص صراحة أن للمحكمة أن تقرر وقف المحاكمة “حتى حدوث طارىء ما” تحدده في قرارها. والطارىء هنا هو مصير المراجعة العالقة أمام مجلس شورى الدولة بموضوع إبطال المرسوم رقم 12835 تاريخ 12/1/2024، المتعلق بإعادة قانون الإيجارات للأماكن غير السكنية إلى مجلس النواب. فإذا أبطل مجلس شورى الدولة المرسوم المذكور، فإن قانون الإيجارات في الأماكن غير السكنية، غير المطعون فيه، يصبح نافذاً حكماً بدءاً من تاريخ إصداره من قبل حكومة تصريف الأعمال في 19/12/2023. وإذا ردّ مجلس شورى الدولة طلب إبطال المرسوم المذكور، يعود القانون إلى المجلس النيابي، الذي يمكنه في هذه الحالة، إما الاكتفاء بتعديله، وإما إعادة وضع قانون جديد مختلف جذرياً عن القانون المعاد إليه.

كل ذلك يدفع إلى وجوب أن تقرر المحاكم وقف المحاكمة بانتظار ما سيؤول إليه الطعن العالق أمام مجلس شورى الدولة، عملاً بالمادة 504 أ.م.م. وهذا ما يؤدي، حقيقة وواقعاً، إلى تحقيق المصلحة العامة والحفاظ على الاستقرار في التعامل بين الأفراد في المجتمع، صيانة لحقوقهم وتثبيتاً لها، وليس “الإسراع” في تقرير “الإخلاء”، لأنه أين سيكمن الاستقرار، إذا صدر قرار عن مجلس شورى الدولة بإبطال المرسوم الذي سبق له وأوقف تنفيذه؟ وهذا مرجح في ظل صدور قرار بوقف تنفيذ المرسوم المطعون فيه، إذ أنه من المحتمل، بدرجة لا بأس بها، أن يبطل مجلس شورى الدولة المرسوم المطعون فيه، عندها سيصبح قانون الإيجارات في الأماكن غير السكنية، غير المطعون فيه، نافذاً حكماً من تاريخ إصداره من قِبل حكومة تصريف الأعمال في 19/12/2023.

وهنا نسأل أيضاً أين تكمن حقوق الأفراد؟ وأين يكمن استقرار العلاقات القانونية، في ظل أحكام قضائية صدرت بالإخلاء وتم تنفيذها؟ ألا يشكّل هذا “التسرع” في الحكم بالإخلاء إخلالاً واضحاً باستقرار العلاقات القانونية Stabilité des situations juridiques التي هي أحد أهداف المشترع الأساسية؟

إن قرار “وقف المحاكمة” سنداً للمادة 504 أ.م.م هو الحل الذي يؤمّن، ليس فقط استقراراً في العلاقة القانونية بين الأفراد في المجتمع لا سيما بين مالكي ومستأجري الأماكن غير السكنية، بل يؤمّن “هدوءاً” منشوداً في العلاقة المتوترة بينهما.

ألسنا بحاجة إلى علاقات هادئة بين المالك والمستأجر بعد “التشنج” المريب الذي سببه المشترع على مر السنين بفعل تشريعات أصدرها، لم تكن متوافقة مع الواقع الاجتماعي في لبنان، لا سيما السكني منه؟

أملنا في لجنة الإدارة والعدل وبرئيسها كبير، فلننتظر إذ ليس أمامنا أصلا سوى الانتظار، فإن لم يأتِ الفرج من المشترع فإنه سيأتي حتماً من الله!

https://hura7.com/?p=44250

الأكثر قراءة