بقلم: الدكتور عبد الرؤوف سنّو، مؤرّخ وباحث في الشؤون اللبنانية
لا للثنائي بري – ميقاتي في إدارة مفاوضات وقف إطلاق النار مع إسرائيل عبر الأميركيين. ولا لثلاثي بديل سيعطي المفاوضات النتائج الشرعية الدستورية المبتغاة. أما لماذا هذه الثنائية؟ لأن بري، “الأخ الأكبر” لحزب الله، يحتاج إلى غطاء غير مسيحي يسير معه في مشروع التفاوض والحفاظ على ما بقي من حزب الله بعد الخسائر التي لحقت به. وهذا ما يعود بنا إلى التحالف الثلاثي الذي أبقى المسيحيين بعيداً عنه في انتخابات العام 2005… هل تذكرون؟
في حين يُفترض أن يكون مجلس النواب مؤسسة دستورية تمثّل الأمة وتجتمع مكوّناتها مع رئيسها، ها هو الأخير يتحول إلى ممثل خاص لحزب الله المعني بموضوع المفاوضات ونتائجها، ويحاول أن يحصل له على مكاسب من هنا وهناك، فنراه يجتمع مع لاريجاني للتداول بما تريده إيران المتورطة أساساً في المسألة اللبنانية.
في موضوع مصيري كالذي يُطرح في المفاوضات مع الأميركيين، لا بدّ وأن تكون مصلحة لبنان القصوى فوق كل اعتبار، من منظور استراتيجي وسياسي ووطني مستقبلي، وهي فرض السيادة على أرض الوطن وعلى القرار كما على وجود السلاح بيد الجيش اللبناني وحده.
إن إشراك مكوّنات الأمة اللبنانية كلها من سياسية إلى حزبية فطائفية، ليس ترفاً ولا استكمال عدد، بل ضرورة وطنية وشرعية. أما حضور السادة النواب إلى المجلس للبصم على اتفاق وقف إطلاق النار، إن حصل، ومهما كانت بنوده، هو عمل غير دستوري وغير وطني، خصوصاً في موضوع حساس كهذا.
الثنائي بري – ميقاتي: الأول ممثل شخصي لحزب الله، لم يجتمع مع مجلسه الموقر للتشاور معه على وضع استراتيجية مفاوضات وأهداف، فيما الثاني رئيس حكومة تصريف أعمال، لا يحق له انتزاع دور حكومة دستورية أصيلة.
الاثنان يتفاوضان ويرفضان ويقرران بعد عودة بري إلى الحزب، دون أي تفويض نيابي أو شعبي، فيما مجلس النواب أخرس لا صوت له، وقد تحوّل إلى فندق لنواب حزب الله خوفاً من أن تصطاد إسرائيل أرواحهم.
إن تموضع حزب الله شمالي الليطاني، منزوع السلاح جنوبي النهر، وتموضع الجيش اللبناني بدلاً منه هناك، يخدم مصالح لبنان وأمنه، وفرض سيادة الدولة على تلك المنطقة العزيزة. لكن هذا لا يكفي ولا يحقق أماني اللبنانيين في استعادة الدولة لسيادتها على أراضيها، ورؤية الحزب منزوع السلاح في شمالي الليطاني وفي كل بقعة من لبنان، بعد عقود من تغييب تلك السيادة.
من الواضح والمؤكد أن بري وميقاتي متورطان في المفاوضات حول القرار 1701 الذي لا يستعيد سيادة الدولة اللبنانية القوية وجيشها السيّد الوحيد على أراضيها، فيبقي على سلاح الحزب شمالي الليطاني. وهذا أمر خطير جداً، يعيدنا إلى ما كنا عليه قبل إسناد غزة، أي إلى الثلاثية القاتلة: “جيش وشعب ومقاومة”. وعندها ضاع لبنان الى الأبد وتناثر.
أيها السياسيون اللبنانيون الشرفاء، حان الوقت لتفضّوا خلافاتكم. وأيها الشعب اللبناني، بات لزاماً عليك الاتحاد والتفكير لمرة أخيرة في الوقوف يداً واحدة وتوحيد الصوت حول نداء مشترك: “لا، لا، لا لسلاح غير شرعي على الأراضي اللبنانية. ولا لحصر التفاوض عن لبنان بشخصَي بري وميقاتي”.
إعملوا على التحضير والدعوة لإقامة هيئة تنسيق، وعقد اجتماعات عاجلة للتداول والوقوف ضدّ ما يحيكه حزب الله وبري، في ظل تغييب لميقاتي.
اللهم إني بلّغت… وبعدها لن ينفع الندم ولا الدعاء إلى الله من أجل إنقاذ لبنان الجريح.