السبت, ديسمبر 14, 2024
0.7 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

د. محمد حلاوي – بين نشوة نتنياهو بفوز ترامب، والميدان في غزة ولبنان: من يحدّد الخيارات؟ (الجزء الأول)

بقلم: الدكتور محمد حلاوي، أستاذ جامعي – كلية العلوم الاقتصادية في الجامعة اللبنانية

جاءت نتائج الانتخابات الأمريكية عكس تمنيات المسؤولين الإيرانيين خاصة والشارع الإيراني عامة، لتعود بهم الذاكرة إلى المعاناة التي شهدتها إيران خلال فترة العقوبات الأمريكية الصارمة بين العامين 2016 و2020 وأثرها على الاقتصاد الإيراني. ما دفع بوكالة “تنسيم” الإيرانية إلى الإسراع للطمأنة بأن فوز الرئيس ترامب لن يؤثر على سياسة إيران.

غير أن السوق المالي الإيراني كان له كلام آخر. ففي اللحظات الأولى لإعلان فوز ترامب انخفضت قيمة الريال الإيراني ليبلغ أدنى مستوى له على الإطلاق ملامساً 700 ألف ريال مقابل الدولار الأمريكي الواحد في السوق الحرة، وفقاً لما نقلته وكالة “رويترز” عن موقع “بونباست دوت كوم” الذي يتتبع العملة الإيرانية.

الأحداث الأخيرة تدفعنا للعودة إلى تاريخ الصراع بين أمريكا وإيران. حيث سنتناول في الجزء الأول أهم محطات هذا الصراع والاستراتيجيات المتبعة فيه. من الاتفاق النووي والعقوبات على إيران، وصولاً إلى الاغتيالات النووية والعسكرية. كما سنتتطرّق في الجزء الثاني إلى الأحداث الأخيرة التي تشهدها الساحة الإسرائيلية/الإيرانية/اللبنانية مع ما سيعكسه فوز ترامب من مخاوف تنذر باندلاع حرب إقليمية، أو بمفاوضات تحت شروط أمريكية/إسرائيلية.

تاريخ الصراع الأمريكي الإيراني

هو صراع مستمر غير مباشر بين أمريكا وإسرائيل من جهة وإيران من جهة أخرى. يتمحور  حول النضال السياسي والعقائدي للقيادة الإيرانية ضدّ إسرائيل، وسعي الأخيرة لمنع إيران من إنتاج أسلحة نووية وإضعاف حلفائها وأتباعها مثل حزب الله في لبنان.

منذ العام 2001 وضعت الإدارة الأمريكية إيران على قائمة الدول الإسلامية السبع التي تسعى للهجوم عليها. حيث صرّح الجنرال ويسلي كلارك، القائد السابق لقوات حلف شمال الأطلسي في أوروبا، في حديث لشبكة الجزيرة الإخبارية في 22 أيلول/سبتمبر 2003، بأنه التقى ضابطاً عسكرياً كبيراً في واشنطن في تشرين الثاني/نوفمبر 2001، أخبره أن إدارة بوش تخطط لمهاجمة العراق أولاً قبل اتخاذ إجراءات ضد سوريا ولبنان وليبيا وإيران والصومال والسودان.

وهذا ما حصل فعلاً. فقد قادت القوات الأمريكية تحالفاً دولياً وهاجمت العراق في 19 آذار/مارس 2003 إلى أن سقطت العاصمة بغداد بشكل سريع وتمّ احتلال كامل الأراضي العراقية في 21 نيسان/أبريل 2003 بعد أن أُنهك العراق بحصار اقتصادي دام 13 عاماً.

وقد تكفّل ما سمّي بـ”الربيع العربي” بباقي الدول العربية المذكورة ضمن القائمة التي صرّح عنها كلارك، وكان للدعم الأمريكي أثر مباشر على ما حصل في ليبيا وما يحصل حالياً في سوريا ولبنان.

أما بخصوص إيران، وبسبب برنامجها النووي والتخوّف من امتلاكها القنبلة النووية، ما يشكل خطراً وجودياً على إسرائيل، ونتيجة الخسائر المادية والبشرية التي منيت بها القوات الأمريكية إثر غزوها العراق بفعل المقاومة العراقية، فقد انتهجت الولايات المتحدة وإسرائيل استراتيجية مختلفة في الصراع مع إيران تفادياً للاحتكاك المباشر معها وتجنباً للخسائر التي من الممكن أن تنتج عنه. بدءاً بالاتفاق النووي والعقوبات المفروضة، إنتقالاً إلى الاغتيالات النووية والعسكرية، وصولاً إلى الضربات الإسرائيلية الجوية المباشرة.

الاتفاق النووي والعقوبات الصارمة

في ولايتهِ الأولى لم يظهر ترامب أي نية لمزيد من التقارب مع إيران، وكان شديد اللهجة حول الاتفاق الإيراني، حيث صرّح في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 في المؤتمر السنوي لمجموعة الضغط اليهودية الأمريكية، أن “أولويته رقم واحد هي تفكيك الاتفاق الكارثي مع إيران”. معتبراً الاتفاق كارثياً بالنسبة لأمريكا وإسرائيل ومجمل الشرق الأوسط. مضيفاً: “سنفكك بالكامل الشبكة الإرهابية العالمية لإيران التي هي حاضرة وقوية، لكنها ليست أقوى منا”.

وفعلاً، أعلن ترامب في العام 2018 انسحاب الولايات المتحدة من جانب واحد من الاتفاق النووي الإيراني الموقّع منذ العام 2015 مع القوى العالمية. كما فرض عقوبات تستهدف عائدات صادرات النفط والمعاملات المصرفية الدولية لإيران، ما أدّى إلى تراجع اقتصادي شديد وتفاقم السخط الشعبي في الجمهورية الإسلامية.

الاغتيالات النووية والعسكرية

ساهم التعاون الاستخباراتي الأمريكي الاسرائيلي في تنفيذ عدد لابأس به من عمليات الاغتيال الأفقية والعامودية الناجحة. حيث تم اغتيال أربعة من العلماء النوويين الإيرانيين: مسعود محمدي؛ مجيد شهرياري؛ داريوش رضائي نجاد؛ ومصطفى أحمدي روشن. وحصلت سلسلة الاغتيالات هذه في طهران خلال العامين 2010 و2012 باستخدام القنابل المغناطيسية في عمليات ثلاث، وإطلاق الرصاص في الرابعة.

كما تم اغتيال فخري زاده، الذي يوصف بأنه “أبو البرنامج النووي الإيراني”، يوم 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2020 بواسطة روبوت، عندما كان يقود سيارته مع زوجته متوجِهين إلى منزلهما الريفي في مدينة أبسرد.

وتتويجاً لعمليات الاغتيال العامودية، قُتل قاسم سليماني، قائد الحرس الثوري الإيراني، برفقة أبو ماجد المهندس العراقي، قائد الحشد الشعبي في العراق، في 3 كانون الثاني/يناير 2020 في غارة جوية أمريكية بطائرة دون طيار بالقرب من مطار بغداد. وجاء تنفيذ هذه العملية بأمر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باعتبار أن “سليماني يشكل تهديداً وشيكاً على الأرواح الأمريكية”.

ماذا عن تصعيد الضربات الجوية الإسرائيلية – الإيرانية منذ نيسان/أبريل الماضي، وهل سيحفّز فوز ترامب الحكومة الإسرائيلية على شنّ حرب إقليمية أم أن الميدان في غزة وجنوب لبنان هو الذي سيحدّد الخيارات؟ التفاصيل في الجزء الثاني والأخير.

https://hura7.com/?p=36656

الأكثر قراءة