رشيد درباس
جريدة الحرة ـ بيروت
تقول العرب: سويداء القلب، أي حبة القلب وأعمق أعماقه.
وفي هذا تستحق السويداء أن تكون حبة قلب العروبة وأعمق أعماقها، لأن بني معروف مارسوا انتماءهم القومي بالمناقبية والبندقية والقلم؛ حسبهم أن الباشا السلطان كان قيدومهم، ولقد قال فيه الشاعر القروي رشيد سليم الخوري:
خففتَ لنجدة العاني سريعا غضوباً لو رآك الليث ريعا
فيالكَ غارة لو لم تُذِعْها أعادينا لكذّبنا المذيعا
ويالكَ أطرشاً لما دعينا لثأر كنتَ أسمَعَنا جميعا
وهل في البيان العربي أبلغ من أمير البيان شكيب أرسلان أو في حصافة الرأي كالأمير عادل. هل يخلع بنو معروف عباءة كمال جنبلاط وهو الذي استشهد وأحرف فلسطين الستة تتعطر بأنفاسه الأخيرة؟
إن جيل العرب، شديد البأس، وفائق العُذوبة في آن، بشهادة فريد وأسمهان اللذين سكنا الوجدان رغم بعد الزمان، كما أنه الرونق السوري ودرعه، وقد تولى قيادة الجيش السوري اللبناني الدرزي الزعيم شوكت شقير يوم كان الجنود السوريون حماة الديار وأسود الجولان.
إنه هول خطير، لأن ارتكاب المجازر المرعبة من قبل جهات أمنية سورية -إذا صحت الرواية- لدليل فاقع على أن هذه القوات تندس فيها طوابير من الذئاب الكاسرة، وأن الشعب السوري بتنوعه لن يطمئن بالًا إلا إذا رأى الديمقراطية تعود إلى الدولة المغتصبة على مدى ستين سنة من قبل الاستبداد والدكتاتورية، وقد ورد على لسان الرئيس السوري الجديد أن تجارب الاحزاب الثورية والبعثية والاشتراكية والدينية، كانت تجارب كارثية، فكيف نفسر تنقل المجازر من طائفة إلى أخرى، حتى استفحل أمرها، بما سوغ لإسرائيل الذريعة بأن تعلن نفسها حامية الأقليات، وتنصب طائراتها لرسم خطوط كانتونات جديدة من الجو، فيما نحن نتمرغ بالبر المنكوب، ونتشائم ونطلب الحمايات، فيا له من مصير بائس عندما تسعى المذاهب إلى اللياذ بإسرائيل كشرطي لأمن الشرق الأوسط والحكم الحارس لحدود الطائفية التعسة.
أحيي وليد جنبلاط وسماحة الشيخ سامي أبي المنى ورموز بني معروف في لبنان على شجاعتهم لدرء الفتنة، وصيانة الوضع اللبناني من الانزلاق إلى وضع يشبه وضع الساحل السوي وجبل العرب، ومأساة المصلين في كنيسة دمشق.
يقول أمير الشعراء:
جُرحٌ عَلى جُرحٍ حَنانَكِ جِلَّقُ
حُمِّلتِ ما يوهي الجِبالَ وَيُزهِقُ
بِاللَهِ جَلَّ جَلالُهُ بِمُحَمَّدٍ
بِيَسوعَ بِالغَزِّيِّ لا تَتَفَرَّقوا
قال بالأمس أحد النواب إن الدولة لا تستحق اسمها إذا لم يكن لديها جيش يحمي الشعب والحدود ضد العدو الإسرائيلي، ولهذا فالمقاومة باقية بسلاحها، وعلى سلاحها، حتى يدرك الجيش اللبناني ذلك الشأو في القوة المعادلة للجيش الاسرائيلي. هذه اللغة صارت من الماضي بعد الفشل الملموس لمقولة توازن الردع، فإذا سدرنا فيما فشلنا فيه تكرارًا، فإنها تكون دعوة لأن تحذو الطوائف كلها حذو من يتسمك بسلاحه بما لا يكلف اسرائيل بعدها، إلا أن ترسم الحدود المذهبية بطائراتها أيضًا، من دون ان تكون لنا القدرة على جبه الجو الذي استباح البر والبحر، كما استباح البصيرة والوطنية عند بعض من باتوا يفخرون انهم ناطقون باسم نتنياهو يستمدون عنجهيتهم من عنجهيته، وصلافتهم من صلافته، وتفاهتهم، وحربائيتهم الوطنية من ذكائه الاصطناعي المفضوح.
وزير سابق ونقيب المحامين في الشمال سابقاً


