السبت, مارس 15, 2025
3 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

سيمون جرجس ـ إغلاق مراكز المعاينة الميكانيكية: فوضى مرورية وحوادث كارثية تستدعي تدخلاً عاجلاً

الحرة بيروت ـ بقلم: سيمون جرجس، عضو الهيئة التأسيسية في لجنة عمّال وموظفي المعاينة الميكانيكية

في ظلّ الفوضى المرورية المتزايدة في لبنان وارتفاع معدلات الحوادث القاتلة، يبرز تساؤل ملحّ حول مدى تأثير إغلاق مراكز المعاينة الميكانيكية لثلاث سنوات على أمن الطرقات وسلامة المواطنين. هذا الملف الذي لا يزال عالقاً بين التجاذبات السياسية والتأخير الإداري، ساهم في تعميق أزمة السير، حيث باتت المركبات غير المؤهلة تجوب الطرقات دون أي رقابة فعلية.

تفاقمت الأزمة بشكل ملحوظ بعد أن تم تعليق عمل مراكز المعاينة الميكانيكية بشكل مفاجئ عام 2022، عندما أصدرت وزارة الداخلية القرار رقم 63، الذي سمح للمواطنين بدفع رسوم الميكانيك دون الحاجة لإجراء المعاينة، وهو قرار كان له تداعيات سلبية على سلامة المركبات وعلى إيرادات الدولة.

لم يكن إغلاق مراكز المعاينة مجرد قرار إداري، بل فتح الباب أمام الفوضى، حيث انتشرت المركبات التي تعاني من أعطال ميكانيكية جسيمة أو تفتقد إلى الحد الأدنى من شروط السلامة المرورية. فالسيارات غير الخاضعة للفحص الفني تشكّل تهديداً مباشراً على حياة السائقين والمارة، في وقت ترتفع فيه معدلات الوفيات والإصابات جراء حوادث يمكن تفاديها بسهولة لو تم الالتزام بالحد الأدنى من شروط السلامة.

إن المعاينة كانت تقوم بالكشف على عدة جوانب حيوية في السيارات مثل المكابح، الإضاءة، الدواليب، ومؤشرات تضرر الزجاج. وكان هذا الفحص يساعد في الحد من الأعطال التي قد تهدد سلامة السائقين والمارة. بالإضافة إلى ذلك، كانت المعاينة تساهم في التأكد من أن السيارات المستوردة ليست مسروقة أو غير صالحة للسير، وهو ما كان يتطلب فحصاً دقيقاً.

يضاف إلى ذلك، أن غياب الرقابة دفع البعض إلى استغلال الوضع من خلال تزوير أوراق تسجيل المركبات، ما يعني أن سيارات غير صالحة للسير قد تحصل على موافقات رسمية دون المرور بأي فحص تقني. وهنا تبرز المسؤولية المباشرة لوزير الداخلية ورئيس الحكومة السابقين اللذين لم يبادرا إلى إيجاد بديل فعال لضمان استمرارية عمل مراكز المعاينة، ما ساهم في هذا الخلل الكبير.

وإلى جانب الخسائر البشرية، لا يمكن تجاهل البعد الاقتصادي لهذا الإغلاق، حيث أدى إلى تعطيل عمل مئات الموظفين الذين يعتمدون على هذه المراكز كمصدر رزق وحيد. كما حُرِمَت الدولة من إيرادات سنوية تُقدّر بالملايين، في وقت هي بأمس الحاجة إلى الموارد لتغطية نفقاتها، خاصة في ظل الأزمات المالية المتلاحقة. علماً أن مراكز المعاينة كانت تدرّ دخلاً ثابتاً يصل إلى 30% من الإيرادات المخصصة لخزينة الدولة.

في هذا السياق، نطالب معالي وزير الداخلية الحالي، أحمد الحجار، بضرورة متابعة الملف بجدية وسرعة، نظراً لحجم الأضرار الناجمة عن هذا الإغلاق. خاصة وأن المراكز لا تزال موجودة والموظفون على استعداد لاستئناف العمل فوراً، لكن القرار السياسي هو العائق الوحيد أمام إعادة تفعيلها. الحلّ الفوري هو في إعادة تشغيل المراكز وفق معايير شفافة تضمن حسن سير العمل بعيداً عن أي تدخلات سياسية أو إدارية معرقلة.

إن ملف السلامة المرورية يجب ألا يكون رهينة التجاذبات السياسية، بل ينبغي أن يُنظر إليه كأولوية وطنية تستوجب اتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة. فلا يمكن الاستمرار في تجاهل الواقع المأساوي على الطرقات، حيث يفقد العشرات حياتهم شهرياً بسبب مركبات غير آمنة، في حين أن الحلّ متاح ويتمثّل ببساطة في إعادة تفعيل عمل مراكز المعاينة الميكانيكية وفق أسس علمية وإدارية واضحة.

من الضروري أن تتحرك الحكومة، ممثلة بوزارة الداخلية، بشكل سريع لإعادة فتح هذه المراكز وضمان سلامة المواطنين على الطرقات. إن إعادة العمل بالمعاينة الميكانيكية لن يساهم فقط في حماية الأرواح، بل سيسهم أيضاً في تحسين الوضع المالي للدولة من خلال زيادة الإيرادات. نطالب وزير الداخلية الحالي أن يتحمل مسؤولياته ويعمل على فتح هذه المراكز في أقرب وقت ممكن، لضمان توفير الأمن والسلامة لجميع المواطنين.

https://hura7.com/?p=46527

الأكثر قراءة