الأحد, مارس 16, 2025
7.3 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

شارل مالك تنبأ قبل ستة وسبعين عاماً بما نعيشه اليوم. فماذا قال للّبنانيين؟

الحرة بيروت

في كتيّب بعنوان “تقرير عن الوضع الراهن – 5 أغسطس 1949″، يتحدث الدبلوماسي اللبناني شارل مالك عن “مراحل الحركة الصهيونية”، و”أميركا والعالم العربي”، و”مصير لبنان”. ترتبط هذه المواضيع الثلاثة بالاستراتيجيات الإسرائيلية وتداعياتها على الواقع اللبناني والعربي، بما في ذلك تعقيداتها ومآزقها.

يبدأ مالك تقريره بوصف الأوضاع العربية قائلاً: “كانت القضية الفلسطينية وما زالت أخطر القضايا العربية، ومصيرها هو بالتالي مصير العالم العربي بأسره. فالكارثة الفلسطينية هي صورة واضحة للكوارث العربية، والضعف الذي أنتج الفشل العربي في فلسطين هو ذاته الذي أنتج وسيُنتج الهزائم في العالم العربي.”

ويتابع: “كل ما جرى حتى الآن في فلسطين وما يتعلق بها هو مجرد بداية. أما النهاية فستكون إما سيطرة العالم العربي واستعماره من قبل اليهود، أو تجديده كعالم حديث محترم ومتفاعل مع الحضارات الحية في خلق وحفظ القيم. وفي كل الأحوال، المستقبل القريب سيكون أكثر ظلاماً وخطورة من الحاضر والماضي.”

لماذا سيكون المستقبل أكثر ظلاماً وخطورة؟

يشرح مالك ذلك معتبراً أن انضمام إسرائيل كعضو في الأمم المتحدة ليس عملاً ينهي طموحات اليهود. فدولة إسرائيل بوضعها وحدودها الحالية ليست ملجأ للقوة اليهودية الغازية، بل مركز تجميع لها وتربة لنموها، ونقطة انطلاق لتوسعها وهجومها على الدول العربية القريبة والبعيدة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ولا يجب أن تُؤخذ التصريحات اليهودية بشأن أنه في غضون خمسين عاماً لن يكون هناك سوى دولتين في العالم: أميركا وإسرائيل، باستخفاف. “أنا متأكد من أن مستقبلنا سيكون استعمارياً واستعباداً من قِبل اليهود، ولن يأسف أحد على استعبادنا.”

ما هي الأخطار؟

بحسب مالك، فإن المرحلة التي انتهت بإنشاء إسرائيل هي تمهيد للمرحلة التالية التي تهدف إلى استعمار العالم العربي واستعباده فعلياً. في هذه المرحلة، سيتم التحضير للتوسع في العالم العربي وتعميق السيطرة على موارده.

ما هو دور الولايات المتحدة في كل هذا؟

يجيب مالك: “يجب تفسير مشاريع المساعدة والتنمية الصادرة عن الولايات المتحدة على أنها، في معظمها، مجرد تهدئة جذابة للشعور العربي التفاعلي، التي يبدو ظاهرها وكأنها تعبّر عن تعاطف مع العالم العربي واهتمام بتقدمه، بينما جوهرها يربط التقدم الحضري العربي بدوام الدولة اليهودية، ما يجعل الأول مشروطاً بالثاني.”

ما هي الاستراتيجيات الإسرائيلية القادمة؟

وفق مالك، نجح الصهاينة، لكنهم لن يكتفوا بهذا النجاح الجزئي، لأن طموحاتهم لن تتوقف عند جزء فلسطين الذي احتلوه. المرحلة الثانية هي إثبات أنهم المختارون لتطوير الشرق، وأنهم القوة الحقيقية فيه، وأنهم يمثلون مصالحه ويحددون إرادته. فلسطين الكاملة لا تشبع حاجات اليهود؛ إسرائيل تريد السيطرة على العالم العربي وأن تكون وريث جميع ماضيه، سواء كان رومانياً، بيزنطياً، عربياً، تركياً أو تحت الانتداب.

هكذا تريد الصهيونية أن يُعترف بها في عصرها المستقبلي كوصي إسرائيلي. والعالم العربي هو الفضاء الحيوي للصهيونية خصوصاً إذا استمر الحال فيه على هذا النحو من الحلول المؤقتة، السطحيات، الانقسام، السكر بالماضي، السياسات الارتجالية، وغياب الإصلاحات الحقيقية.

ما هي النصائح للبنان واللبنانيين؟

يحذر مالك من خطر تشكيل اتفاق سري بين إسرائيل وبعض اللبنانيين قصيري النظر، يؤدي إلى انقلاب لصالح إسرائيل. ولكن مثل هذا الانقلاب سيؤدي حتماً إلى الفوضى، ثم إلى تدخل سوري، يتبعه تدخل إسرائيلي، وبالتالي إلى حرب جديدة، ولن يخرج لبنان منها أبداً رابحاً.

هل هناك شيء أكثر خطورة؟

بحسب التقرير، هناك مخاطر لا حصر لها. يقول شارل مالك: “سيأتي يوم، وقد يكون قريباً إن لم يكن قد أتى بالفعل، حيث لن يتم حل أو تسوية أي شيء في العالم العربي دون موافقة اليهود، وعندها سيتم الحفاظ على الحكومات والأنظمة والأفراد أو إسقاطها وفقاً لرضا أو غضب اليهود. سينهض رئيس أو رئيس حكومة أو يسقط لأن تل أبيب واليهودية العالمية التي تتخذ من نيويورك وعواصم غربية أخرى مقرات لها تريد ذلك.”

ماذا تحمل لنا الأيام المقبلة؟

سيأتي يوم ينجح فيه اليهود في إقناع الغرب وبعض سياسيي ومفكري العرب بأنهم الواجهة بين الغرب والشرق الأدنى في مجالات الاقتصاد، والتخطيط العمراني، والثقافة، والسياسة. سيأتي يوم تكون فيه جميع المشاريع الاقتصادية، وخطط العمران، وخطط الإنقاذ مبنية إلى حد كبير على الإرادة اليهودية، تهدف إلى إجبار العرب على الاعتراف بإسرائيل والتعاون معها. سيتم تصميم هذه المشاريع بطريقة تعزز أساساً ركائز إسرائيل وتجعلها حجر الزاوية في بناء الاقتصاد والتقدم العمراني في الشرق الأدنى.

كيف يمكننا مواجهة هذا التحدي؟

يربط مالك عوامل المواجهة مع التحدي الإسرائيلي المدعوم من دول الشرق والغرب بالحاجة إلى حركة إصلاحية تحررية على مستوى العالم العربي. وفي هذا السياق، يتساءل: “أين يمكن أن يولد هذا الحراك التحرري والإصلاحي في العالم العربي؟ أشك بشدة في أن تكون إحدى الدول العربية قادرة على أن تكون الرائدة أو تحمل شعلتها نحو الآخرين”.

يبقى من بين جميع الدول العربية لبنان وسوريا. فهذه النهضة المأمولة لن تتحقق إلا في أحد البلدين أو كلاهما. فهل يدرك لبنان مسؤولياته في هذا المجال دون أن يساوم على أي من حرياته ولا حتى استقلاله؟

https://hura7.com/?p=41704

الأكثر قراءة