السبت, يوليو 27, 2024
23.1 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

صناعة الأسلحة الألمانية تواجه الكثير من التحديات

DW صناعة الأسلحة الألمانية والرياح العاتية التي تواجهها!

زابينة كينكارتس

منذ الغزو الروسي لأوكرانيا يتزايد الطلب على الذخيرة والأسلحة في أوروبا. المستشار الألماني شولتس ليس الوحيد الذي يرغب في تعزيز صناعة الأسلحة الألمانية، لكن خبراء يقولون إن الأمر ليس بهذه السهولة، فما الأسباب؟

يميل المستشار الألماني أولاف شولتس إلى اختيار الجمل المعقدة التي تكون في الغالب طويلة بحيث يصعب تذكرها، إلا أنه حديثه في فبراير/ شباط الماضي بمناسبة وضع شركة “راينميتال” الألمانية للصناعات الدفاعية، حجر الأساس لبناء مصنع جديد للذخيرة، كان استثناءً عن هذه القاعدة بشكل لافت.

وقال شولتس في هذه المناسبة إن النهج الألماني في التعامل مع  سياسة التسلح  كان لفترة طويلة للغاية أشبه بفكرة تقديم طلب لشراء سيارة ثم استلامها، مضيفا “لكن صناعة إنتاج الأسلحة لا تسير على هذا المنوال حيث أنه لا يتم بيع الدبابات ومدافع الهاوتزر والمروحيات وأنظمة الدفاع الجوي في الأسواق والمتاجر. إذا لم يتم هناك طلبات على شرائها قبل سنوات من الاستلام”.

وأشار خبراء إلى أن عبارة شولتس تعكس المعضلة التي تواجه الحكومة الألمانية المتمثلة في الحاجة الكبيرة والمتزايدة إلى  الأسلحة والذخيرة، فيما لا ينحصر الأمر على تسليح أوكرانيا.

وفي ذلك، قال نائب المستشار الألماني وزير الاقتصاد روبرت هابيك، الذي ينتمي إلى حزب الخضر، الشهر الماضي، إنه لا يمكن “الاعتماد على الولايات المتحدة لسداد فاتورة كل شيء أو في توفير المواد اللازمة ما يعني ضرورة تكثيف الإنتاج العسكري خاصة في مجال الصناعات الدفاعية والتسليح حتى على الصعيد الوطني.. كل هذا يحتاج إلى إعادة تنشيط”.

وفي تعليقه، شدد شولتس على أهمية امتلاك ألمانيا “صناعة دفاعية مرنة وحديثة وفعالة، لذا فنحن بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لزيادة الإنتاج”.

لا اهتمام بصناعة الموت

وتشهد  قضية التسليح  في ألمانيا تحولا بنحو 180 درجة إذ بعد سقوط سور برلين عام 1989 وإعادة الوحدة الألمانية عام 1990، بات يُنظر إلى السلام باعتباره الوضع الراهن الجديد في ألمانيا. وعلى هذا الأساس تم تقليص حجم الجيش الألماني وخفض الإنفاق على المعدات العسكرية.

في السياق ذاته، كشفت دراسة أجرتها مؤسسة “فريدريش إيبرت” التابعة للحزب الاشتراكي الديمقراطي، عن تقلص صناعة الدفاع في ألمانيا بنسبة تصل إلى 60 بالمئة حيث باتت تمثل 100 ألف وظيفة من إجمالي قرابة 290 ألفا.

تزامن هذا مع تمسك الساسة الألمان بالبقاء على مسافة بعيدة عن  صناعة الأسلحة  وهو ما تبلور في عبارة قالها نائب المستشارة الألمانية زيغمار غابرييل عام 2014 :” أنا غير مهتم بصناعة الموت”

ولم تكن المستشارة الألمانية آنذاك انغيلا ميركل تبدي اهتماما كبيرا بتجارة الأسلحة، فيما كانت شركات الأسلحة الألمانية الكبرى مثل راينميتال تشرع في نقل أنشطتها إلى خارج ألمانيا بسبب قيود الحكومية الواسعة على تصدير السلاح بشكل جزئي.

وعقب انتهاء حقبة ميركل وتولي حكومة تتألف من الاشتراكيين والخضر والديمقراطيين الأحرار، زمام الأمور في نهاية عام 2021، كان هناك المزيد من الخطط لتقييد تصدير السلاح، لكن هذا النهج تغير بعد   الغزو الروسي لأوكرانيا أواخر فبراير / شباط عام 2021.

بيد أن خبراء أشاروا إلى صعوبة عكس مسار التسليح  وصناعة الأسلحة  في ألمانيا، فرغم قرار تأسيس صندوق خاص بقيمة 100 مليار يورو لتحديث الجيش الألماني، إلا أن عملية تسليم الأسلحة التي تم التعاقد لشرائها سوف تستغرق سنوات. الجدير ذكره أنه لايتم تصنيع جُل المعدات العسكرية داخل البلاد حيث سيتم إنتاج أكثر من 120 دبابة من طراز “الدبابات ذات العجلات” من منشأة إنتاجية لشركة راينميتال في أستراليا.

وفي السياق ذاته، تعرضت الحكومة الألمانية لانتقادات من المعارضة بسبب عدم قيامها بفعل الكثير لتعزيز القدرات الإنتاجية في المجال الدفاعي. وقالت الكتلة البرلمانية لحزبي الاتحاد الاجتماعي المسيحي والديمقراطي المسيحي، وهما يشكلان معا كتلة المحافظين المعارضين في البرلمان الألماني، في عريضة الشهر الماضي إنه في الوقت “الذي تحولت فيه روسيا إلى اقتصاد الحرب، فإن الحكومة الألمانية لم تتخذ بعد خطوات كافية لتعزيز صناعة الدفاع رغم اشتداد الحاجة إليها”.

يشار إلى أنه في منتصف العام الماضي، وعدت الحكومة بتحديث “استراتيجية 2020” الخاصة  بصناعة الأمن والدفاع  في قرار غير مسبوق، فيما قال هابك إن الحكومة ما زالت بحاجة إلى مناقشة هذه القضية. وأضاف “من المهم أن توفر الأسئلة وحالة القلق والمخاوف بشأن إنتاج الأسلحة المساحة المستحقة”.

مربط الفرس

ويمكن الوقوف على حقيقة تصريحات الوزير الألماني من حالة الجدل والنقاش تحت قبة البوندستاغ.

ففي معرض حديثها، قالت ميرل سبيليربيرغ، نائبة تنتمي إلى حزب الخضر، إن تعزيز قدرات الإنتاج العسكري في أسرع وقت ممكن بات أمرا مفروغا منه في ضوء الوضع بأوكرانيا، مضيفة “لكن من المهم أيضا امتلاك القدرة على تقليص (الإنتاج العسكري) مرة أخرى بمجرد تغيير الوضع الأمني”.

وشددت على ضرورة أن يتوافق الأمر مع القيم والمصالح، متسائلة “هل ينبغي إنتاج أسلحة لتحقيق الأرباح؟ وما الذي يجب فعله بالضبط بهذه الأرباح؟ وقالت “نحن بحاجة إلى سياسات تعطي الأولوية للسلام والأمن وليس سياسات تدر أرباحا في خزينة الشركات”.

ويشير خبراء إلى أن مثل هذه التعليقات ستحدث صدى كبيرا في صناعة التسليح، لكن شركات الدفاعية تدرك أنها في موضع القوة مع استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا وهو ما برز جليا في لقاء بين ممثلي الشركات الدفاعية وممثلين عن المستشارية الألمانية ووزارات الدفاع والخارجية والمالية والاقتصاد لمناقشة احتياجات صناعة التسليح لضمان لزيادة الإنتاج.

ويقول خبراء إن   الشركات الدفاعية  تريد إبرام عقود طويلة الأجل مع التزامات شراء ثابتة وهو ما سيتطلب تخصيص أموال من الميزانية الفيدرالية وهذا ما يمثل “مربط الفرس”، بحسب المحليين.

وأشاروا إلى أن الصندوق الخاص بقيمة 100 مليار يورو لتحديث الجيش الألماني سوف ينفد عام 2027، مما يترك فجوة ضخمة يقدرها الخبراء بنحو 50 مليار يورو (54 مليار دولار) سنويا.

وإزاء ذلك، يتساءل كثيرون من أين سوف تأتي الأموال؟

وفي السياق ذاته، يدرك شولتس أن حزبه لن يدعم أي تخفيضات في منظومة الرعاية الاجتماعية على غرار موقف الكثير من الساسة فيما يتوقع أن تأخذ القضية حيزا كبيرا من الحملات الانتخابية خلال الانتخابات العامة في البلاد عام 2025.

ويقول خبراء إن دعوة شولتس للشروع في عصر جديد على صعيد  السياسة الدفاعية  لم تترسخ بعد في أذهان العديد من الألمان وهو ما ظهر في المظاهرات الرافضة لإنشاء مواقع جديدة لإنتاج الأسلحة.

ففي بلدة ترويسدورف الصغيرة بولاية شمال الراين فستفاليا، تظاهر العشرات ضد إنشاء مصنع جديد لشركة “ديهل ديفنس” الرائدة في مجال أنظمة الدفاع الجوي فيما لم تكن المظاهرة حالة معزولة حيث اندلعت احتجاجات بولاية ساكسونيا عند إعلان شركة راينميتال عن خطط لبناء مصنع جديد. وفي ذلك، قال أحد أحزاب المعارضة إن الخطط قد فشلت في نهاية المطاف لأن الحكومة لم تكن راغبة في توفير التمويل الأولي.

https://hura7.com/?p=21344

الأكثر قراءة