الأربعاء, أبريل 23, 2025
18 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

عائدات الصندوق البلدي المستقل تفضح الاختلالات: نصف البلديات في لبنان تحت عتبة 250 مليون ليرة ودعوات لتشريع إصلاحي

الحرة بيروت ـ خاص

في ظل أزمة مالية واقتصادية خانقة تعصف بالبنى التحتية والمؤسسات المحلية في لبنان، عاد ملف الصندوق البلدي المستقل إلى الواجهة مع صدور المرسوم الرقم 14492 بتاريخ 18 كانون الأول 2024، الذي قضى بتوزيع العائدات المستحقة للبلديات عن العام 2022. هذا التوزيع، على أهميته، كشف عن واقع مقلق من التفاوت والتهميش الإداري، ما أعاد طرح سؤال الإصلاح البنيوي للقطاع البلدي كمدخل أساس لأي نهضة إنمائية محلية.

توزيع غير متكافئ ومقاربة قديمة

بحسب مضمون المرسوم، تمّ توزيع العائدات على الشكل الآتي:

  • 78% توزَّع نسبياً على أساس عدد السكان المسجّلين في سجلات الأحوال الشخصية لكل بلدية.
  • 22% توزَّع وفقاً للحاصل الفعلي للرسوم المباشرة التي جُبيت خلال السنتين السابقتين.
  • 10% إضافية تُخصّص للبلديات الصغيرة (دون 4000 نسمة) التي لا تتجاوز رسومها المجباة مليار ليرة، وتُقسّم بالتساوي فيما بينها.

لكن المعطيات الصادرة عن الجهات المختصة أظهرت أن 529  بلدية من أصل مجمل البلديات – أي ما يقارب النصف – لم تحصل على أكثر من 250 مليون ليرة لبنانية، وهو مبلغ بالكاد يغطي نفقات أساسية، في بلد تتآكل فيه القيمة الشرائية وتتضاعف فيه كلفة الخدمات العامة.

الحاجة إلى دمج إداري وتشريعي

بحسب تقرير صدر عن الدولية للمعلومات، تبيّن أن الاختلال في التوزيع ليس فقط نتاج آلية غير عادلة، بل نتيجة بنيوية لنظام بلدي مجزّأ ومفكك، يفتقر إلى المقومات الأساسية للاستدامة. فعدد كبير من البلديات يُعاني من ضعف الموارد البشرية، وضآلة القاعدة الضريبية، وتداخل الصلاحيات مع إدارات مركزية لا تزال تحتكر القرار.

في هذا السياق، تبرز دعوات جدية إلى اعتماد سياسة دمج البلديات، خصوصاً تلك الصغيرة والمتقاربة جغرافياً، لما لذلك من أثر مباشر على توسيع المداخيل، ترشيد الإنفاق، تحسين خدمات الكهرباء والمياه والنقل والتنظيم المدني، وتعزيز الشفافية والمساءلة.

إلى جانب الدمج، يبدو ملحّاً إقرار قانون بلدي جديد يأخذ في الاعتبار اعتماد النظام النسبي في الانتخابات البلدية ما يتيح تمثيلاً أكثر عدالة وتنوعاً؛ تحديد سقف للإنفاق الانتخابي للحدّ من هيمنة المال السياسي؛ وتعزيز الرقابة المالية والإدارية على أداء البلديات.

بلديات لبنان بين الانهيار والإصلاح

إن ما كشفه توزيع عائدات الصندوق البلدي المستقل ليس تفصيلاً تقنياً، بل مؤشر على أزمة بنيوية تهدّد التنمية المحلية وتضعف قدرة الناس على إدارة شؤونهم. ولعلّ الخطوة الأولى في مسار الإصلاح تبدأ بإرادة سياسية تعترف بأن اللامركزية لا يمكن أن تُبنى على بلديات مفلسة، معزولة، ومفتّتة.

إنّ المستقبل الإنمائي للبنان يمرّ من بوابة البلديات. ولا مستقبل للبلديات من دون تشريع عصري يُنصفها، ويُعيد رسم دورها على أسس شراكة وفاعلية وعدالة.

 https://hura7.com/?p=49122

الأكثر قراءة