بقلم علا بياض رئيسة تحرير مجلة عرب أستراليا وصاحبة الأمتياز ـ أستراليا
تعيش أستراليا في الوقت الحاليّ أزمةً اقتصاديّةّ واجتماعيّةّ حقيقيّة لم نشهدها منذ ١٥عاماً، ويعاني نصف المجتمع الأستراليّ من ضائقة ماليّة بسبب غلاء المعيشة. وقد أدّى المناخُ الاقتصاديُّ الحاليّ إلى زيادة المعاناة وتعرّض الأسر المتوسّطة لضغوطٍ هائلة إلى أن وصلت لنقطة الانهيار.
تضاعفت تكاليف المعيشة في أستراليا ووضعت الأستراليّين تحت ضائقةٍ ماليّةٍ هائلة ممّا جعل من المستحيل على الكثيرين تلبية احتياجاتهم الأساسيّة. ويكافح أكثر من 50 في المئة من الأسر الأستراليّة من أجل تسديد فواتير الطاقة المرتفعة والوقود، ومن أجل دفع إيجارات المنازل التي يعاني منها 80 في المئة من المستأجرين والتي تصاعدت وتيرتها بشكل كبير. بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الفائدة التي تشكّل نقطة ضغط حقيقيّة في صدد سداد القرض العقاري. وأدّى ارتفاع قيمة المنازل إلى مستوياتٍ تفوق بكثير نموّ الدخل وأصبح امتلاك المنزل حلماً صعب المنال للأجيال الشابّة.
تحدّياتٌ ماليّةٌ كبيرة تواجه المجتمع الأستراليّ وتتسبّب في ارتفاعات سريعة في معدّلات البطالة. هذه الضائقة وعدم الاستقرار المادّيّ آثارها كبيرة في المجتمع وتؤدّي إلى العنف والاكتئاب وتصاعد الجريمة والسّرقات التي نراها تتزايد بشكلٍ كبير لم نشهده من قبل، وإدمان المخدّرات والتشرّد والانتحار وانهيار العلاقات كلّ هذا يؤدّي إلى البؤس الجماعيّ، وهذه الكوارث تترك ندوباً اقتصاديّةً واجتماعيّةً تستمرّ لسنوات.
ويشير المحلّلون الاقتصاديّون إلى أنّ التضخّم ليس هو السبب وراء أزمة غلاء المعيشة، بل إنّ ارتفاع التضخّم عن مستوى الأجور هو ما يلحق الضرر بميزانيّات الأسر، وإنّ حلّ الأزمة لا يقتصر على رفع الأجور بقدر ما يتعلّق بخفض الأسعار.
في أستراليا لا يوجد مقياسٌ رسميٌّ للفقر. ويقول خبراء الاقتصاد في معهد جريج جيريكو: “إذا قامت الحكومة كلّ ثلاثة أشهر بتحديث خطّ الفقر وتمكّنت من تقدير عدد الأشخاص الذين يعيشون تحت خطّ الفقر، فسيكون من الصعب للغاية الإعلان عن هذا الرقم، وخاصّة الإعلان عن عدم القيام بأيّ مجهودٍ لتحسينه”. وقد أُجرِيَت دراسةٌ من قبل باحثين عام 2022 وجدت أنّ 3.3 مليون شخص في أستراليا يعيشون تحت خطّ الفقر، بما في ذلك 761 ألف طفل.
إنّها فضيحةٌ وعارٌ دوليّ أن تكون أستراليا من بين الدول الغنيّة في العالم ويعاني مواطنوها من الفقر والحرمان. ومن الواضح أنّ الوضع يزداد سوءاً ولا يوجد حلٌّ سحريّ لأنّ عقوداً من الفشل السياسيّ هي التي أوصلتنا إلى هذه الحال. ومن الواضح أنّ هناك حاجةً ماسّةً إلى بذل المزيد من الجهود من قبل الحكومة الأستراليّة لمعالجة أزمة تكاليف المعيشة الحاليّة، والحدّ من التضخّم ووقوع الأستراليّين في فخّ الفقر والذين تليق بهم الحياة الكريمة.