بقلم : علا بياض ـ رئيسة تحرير مجلة عرب أستراليا وصاحبة الأمتياز https://arabsaustralia.com/
رفعت الحكومة الأستراليّة مستوى التهديد الإرهابيّ في البلاد من “ممكن” إلى “محتمل”؛ حيث حذّر مسؤولو الأمن من زيادة خطر العنف “عبر جميع الأطياف الإيديولوجيّة”. وأعلن رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز عن ذلك في كانبيرا في 5 أغسطس 2024، عكساً للتغيير الذي تمَّ إجراؤه قبل ما يقرب من عامين.
أكّدت مصادر استخباراتيّة أنّ قرار رفع مستوى التهديد لم يكن مدفوعاً بأيّ قضيّة أو أيديولوجيّة واحدة، لكنّها أشارت إلى زيادةٍ عامّة في الاستقطاب في أستراليا ودول غربيّة أخرى. وقالت المصادر إنّ التماسك الاجتماعيّ كان تحت الضّغط وتفاقمَ بسبب الصّراع بين إسرائيل وحماس.
تمّ تغيير مستوى التهديد الإرهابيّ آخر مرّة في نوفمبر 2022، عندما تمّ خفضه إلى “ممكن”. وقال ألبانيز: “أريد أن أُطَمْئِنَ الأستراليّين أنّ المحتمل لا يعني حتميّاً، ولا يعني وجود معلوماتٍ استخباراتيّة حول تهديدٍ أو خطر وشيك”. “لكنّ النصيحة التي تلقّيناها هي أنّ المزيد من الأستراليّين يعتنقون مجموعة أكثر تنوّعاً من الأيديولوجيّات المتطرّفة ومن مسؤوليّتنا أن نكون يقظين”.
وناشد رئيس الوزراء الزّعماء السياسيّين مراقبة لغتهم والانخراط في المناقشة العامّة“بطريقة محترمة“. وقال: “عندما ترتفع درجة حرارة البيئة الأمنيّة، يجب علينا خفض درجة حرارة المناقشة – وهو ما كنت أقوله لبعض الوقت”. “كلماتنا وأفعالنا مهمّة”.
يتمّ تصنيف مستوى التهديد الإرهابيّ في أستراليا من قبل مسؤوليّ الأمن على مقياسٍ من خمسة مستويات، مع “غير متوقّع” أدنى تصنيف و “محتمل” ثاني أدنى تصنيف. يؤدّي التغيير إلى نقل التصنيف إلى المستوى المتوسّط ”محتمل”. بعد المحتمل، تأتي المستويات الأكثر خطورة “متوقّع” ثمّ “مؤكّد”.
يعني مستوى “محتمل” أنّ مسؤولي الأمن يعتقدون أنّ “هناك فرصة أكبر من 50% لهجومٍ برّيٍّ أو تخطيطٍ لهجوم في الأشهر الاثني عشر المقبلة”. وتنامت التحذيرات من احتمال “زيادة أعمال العنف ذات الدوافع السياسيّة، بما في ذلك الإرهاب، في جميع الأطياف الإيديولوجيّة”.
لاحظت الأجهزة الاستخباراتيّة الأستراليّة “ظهور جهات فاعلة محلّيّة مدفوعة بشكلٍ متزايد إلى العمل بسبب القضايا الاجتماعيّة والسياسيّة، التي تتقاطع مع المظالم الشخصيّة”. و” هناك زيادةٌ في التطرّف، تغذّيها نظريّات المؤامرة والأيديولوجيّات المناهضة للسلطة”. وتحمل بعض الجهات الفاعلة مزيجاً من الأيديولوجيّات، بما في ذلك تلك التي تبرّر أعمال العنف للتأثير في التغيير”.
إنّ “ارتفاع سرديّات المظالم الفرديّة وكيفيّة التعبير عنها” تؤثّر في “قدرة المجتمع على إيجاد أرضيّة مشتركة”. وتصاعدت التحذيرات من أنّ أيّ هجوم في أستراليا “من المرجّح أن يكون منخفض التكلفة، باستخدام أسلحة متاحة بسهولة، وتكتيكات بسيطة”.
يقول رئيس وكالة الاستخبارات الأمنيّة الأستراليّة مايك بيرجيس إنّ مثل هذا الهجوم من المرجّح أن يحدث في مكان مزدحم في مدينة كبيرة ومِن قِبَلِ “ممثّل منفرد” أو مجموعةٍ صغيرةٍ بطريقة يصعب اكتشافها مسبقاً.
أضاف رئيس وكالة الاستخبارات الأمنيّة الأستراليّة مايك بيرجيس: إنّ الأستراليّين “يجب أن يكونوا على دراية، ولكن ليس خائفين” – وهو تكييف لتحذير حكومة هوارد في عهدها بأن يكونوا “في حالة تأهّب، ولكن ليس مذعورين”.
وقال بيرجيس إنّ البيئة الأمنيّة “خطيرة” وإنّه يشعر بقلقٍ خاصّ إزاء التطرّف السريع للشباب على الإنترنت. وقال: “العنف بدوافع سياسيّة ينضمّ الآن إلى التجسّس والتدخّل الأجنبيّ كمخاوف أمنيّة رئيسيّة لدينا”. وقال بيرجيس إنّه حذّر في أكتوبر 2023 من أنّ اللغة الملتهبة حول الصّراع في الشرق الأوسط يمكن أن تؤجّج التوتّرات في أستراليا. وقال: “لسوء الحظ هذا هو ما يحدث”.
وقال بيرجيس إنّ وكالته لا تعتقد أنّ أيّاً من مؤامرات الإرهاب المزعومة التي حقّقت فيها في العام 2023 كانت مستوحاة من حرب غزّة. وأكّد أنّ غزّة “لم تكن السّبب” في ارتفاع مستوى التهديد، لكنّها كانت “محرّكاً مهمّاً.
وقال رئيس وكالة الاستخبارات الأمنيّة الأستراليّة: “لقد دُفعَت المزيد من المشاعر والتوتّرات إلى المجتمع”. وأقرّ بورجيس بأنّ التدخّل في حركات الاحتجاج القانونيّة ليس من وظيفة وكالة الاستخبارات الأمنيّة الأستراليّة.
وقال بورجيس: “المعارضة القانونيّة والاحتجاجات القانونيّة أمر جيّد. إنّهم الأشخاص الذين يعتقدون أنّ العنف هو الحلّ _ليس فقط بسبب غزّة_ رغم ذلك، في هذه البيئة الحاليّة، من المرجّح أن يكون العنف في الاحتجاجات”. وقال بورجيس إنّ السّلطات ستراجع تقييماتها السابقة للأفراد فيما يتعلّق بما إذا كانوا قد يلجؤون إلى العنف.
قالت مصادر استخباراتيّة طلبت عدم ذكر اسمها إنّ المخاوف شملت مجموعةً من الأيديولوجيّات، بما في ذلك الأشخاص الذين يتبنّون تفسيراً “متشدّداً” للإسلام، والنازيّون الجدد، والمناهضون للعولمة والمناهضون للسلطة، وغيرهم ممّن لديهم مظالم شخصيّة. وقالت المصادر إنّ تآكل الثّقة في الحكومة والعمليّات الديمقراطيّة “متفشٍّ في جميع الدول الغربيّة”. وأشاروا إلى المملكة المتّحدة، حيث اندلعت أعمال شغب يمينيّة متطرّفة في يوليو