الأربعاء, مايو 21, 2025
14.1 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

أجمل ما في معاوية

الحرة بيروت ـ بقلم: علي الرز

في كتابه الموسوعي عن تاريخ قريش أورد المؤرخ حسين مؤنس أن الإمام علي بن أبي طالب، رابع الخلفاء الراشدين المسلمين، ما كان يجب أن يخطئ في الحساب السياسي ويغادر مدينة الخلافة للاستقرار في الكوفة. يومها نال الرجل ما ناله من أصوات اعتبرت كلامه مسّ بقامة الإمام ومقامه.

قبل سنوات قال الروائي والباحث يوسف زيدان أن صلاح الدين الأيوبي، الذي فتح باب المقدس، ارتكب فظاعات كثيرة ضدّ مدنيين مسلمين… ويا لثارات صلاح الدين التي انطلقت مندّدة بتعرّض زيدان له ومعتبرة أنه يحطّم صورة من حطّم الصليبيين.

في المثلَين السابقَين تظهير فجّ لمفهوم القدسية كغطاء عند جمهور كبير من المسلمين. فمن تمّ الحديث عنهم بَشَر في النهاية. وانسحبت فجاجة هذا المفهوم على حياتنا السياسية المعاصرة، فصار لهذا المفتي هالة غير بشرية، ولشيخ أخرى أقرب الى الغيبيات، ولأمين عام حزب إسلامي ثالثة عابرة إلى “الكرامات”، ولمرجع مذهبي رابعة تعتبر حبّه إيماناً وبغضه كفراً… وحتى بعض الإرهابيين أسبغت عليهم صفات مشابهة وحصدوا “التكبير” كما حصل مع بن لادن عندما أعلن في بحر الحماسة أن النبي زاره في المنام وأمره بتفجير البرجين.

وكما أن توسيع بيئة الفساد مطلوب لتنشيط غسيل الأموال، فتوسيع نطاق “القداسة” عند بعض المسلمين مطلوب لتنشيط غسيل العقول وبالتالي الحشد والسيطرة. من هنا كان مسلسل “معاوية” الذي عرضته قناة خليجية في رمضان بمثابة إلقاء حجر ضخم في مياه راكدة. ويمكن بالتالي فهم استنكار كثيرين له ومنعه في أكثر من دولة.

أجمل ما في “معاوية” أنه أظهر مؤسس الدولة الأموية بشراً عادياً يطمع ويطمح ويحب ويكره، مستبقاً السياسيين العرب المعاصرين في موضوع توريث ابنه السلطة. إضافة إلى إظهاره عاشق الجواري الملاح، المستمتع في دفعهنّ إلى الغيرة من بعضهنّ البعض، والمرتاح بين أناملهنّ في دفء الجاكوزي قرب غرفته.

وأجمل ما في “معاوية” أنه جسّد شخصية الإمام علي الذي ينال المركز الأول في هالات القدسية بعد النبي، على أنه خليفة وقائد يتخذ قرارات تخطئ وتصيب، وبالتالي غادر الدنيا اغتيالاً قبل تحقيق أهدافه. ويصوّر ابنه الإمام الحسن رجل تسوية سياسية ومالية عقدها مع معاوية مبايعاً له مقابل امتيازات.

أجمل ما في “معاوية” أنه أوصل للمتلقي ما حاذر المؤرخون مقاربته، وهو أن السلطة والمال هما جوهر الخلافات الإسلامية التي سميت الفتنة الكبرى… وربما كانا أصل “فتنة” (من افتنان) تتوالد إلى يومنا هذا للسيطرة تحت غطاء القدسيات والغيبيات.

رابط المقال: https://hura7.com/?p=50519

رابط العدد: https://hura7.com/?p=50468

الأكثر قراءة