بقلم: عامر خضر آغا
ليبانون فايلز. حمّلت أحزاب المعارضة اللبنانية “حزب الله” مسؤولية الحرب التي أزهقت أرواح آلاف الأبرياء، وأظهرت إجماعها في سبيل الخروج من سراديب الحرب الراهنة بضرورة تطبيق القرارات الدولية الثلاثة، والتي تركّزت على تسليم “حزب الله” لسلاحه والرجوع إلى ما وراء الليطاني وانتشار الجيش على الحدود، لتظهر في موازاة ذلك، نقاط نقدية جوهرية حول مدى قدرة تلك القرارات على تشكيل حلّ جذري لمعالجة أزمات لبنان بعد انتهاء الحرب.
خضّت أزمات كثيرة الساحة اللبنانية منذ العام 1943 وحتى الحرب الأهلية عام 1975. وصدرت اقتراحات ومقررات واتفاقيات كان أهمها الوثيقة الدستورية وورقة المسلمات الـ14 وورقة الرئيس أمين الجميل وآخرها اتفاق الطائف.
مشاريع كثيرة أخرى طرحت لكنها إلى يومنا لم تستطع تأمين استقلالية القضاء وتحقيق الإنماء المتوازن، حتى دخل النظام السياسي الحالي في وضعية الموت السريري بعد أن حصلت الكثير من حالات الخروج عن نصوصه الدستورية دون مساءلة او محاسبة. وفي ظل فشل مجلس النواب في إعادة تكوين السلطة بتوازناته السلبية، ظهر الحديث بشكل صريح عن إشكالية في تحقيق المشاركة السليمة لجميع الطوائف في الحكم.
مأزق لبنان إذًا ليس في سلاح “حزب الله” فقط، وإنما بدوافعه العقائدية الراسخة في بيئته بانتهاج “الجهاد” تحت إمرة الولي الفقيه في معاداة أميركا ونهجها. وهو ما تؤيده فئات ملحوظة من أنصار “الإسلام السياسي” و”العروبيين” الذين يشاركون “حزب الله” في مناهضة النظام العالمي والنيوليبرالي ونبذ الحدود الوطنية والصراع مع إسرائيل وإلغاء الطائفية السياسية وتطبيق الديمقراطية، في مواجهة قوى المعارضة المسيحية وحلفائها الذين باتوا يطالبون صراحة في إعادة النظر بالتركيبة اللبنانية وتطبيق الفيدرالية حتى تتمكن من تنمية مجتمعاتها المحلية باستقرار وسلام بعيداً عن حروب محور المقاومة، وسيطرته على قرارها السياسي في الحكم، اقتداءً بالإدارة الشمعونية في خمسينيات القرن الماضي.
يبدو أن آفة لبنان الأكبر تكمن في اضمحلال شبه كامل لرؤية موحّدة لهوية ودور لبنان على مستوى الحكم والنظام السياسي، منذ أن غُلب الأمن على حساب الإصلاحات بعد اتفاق الطائف وفق مساواة طائفية منقوصة، وأحزاب ملتصقة بواقعها الايديولوجي، غير مستعدة للتخلي عن منطلقاتها. وفي ظل غياب أي طرح سياسي واقعي قابل للتطبيق فإن تطبيق القرارات الدولية سيكون مجرّد خطوة في رحلة الألف ميل.