خاص – تبدو الأخبار الواردة من طهران تهديدية. وبحسب تقرير، فإن القوات الإيرانية نشرت صواريخ قادرة على ضرب القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط. بينما تشير التقديرات إلى أن ثمة أكثر من 60 قاعدة تضم نحو 40 ألف فرد. وهذه المنشآت تقع ضمن مدى جميع الصواريخ والطائرات بدون طيار الإيرانية تقريباً في حال حصول مغامرة عسكرية أمريكية ضد إيران.
حذرت وزارة الخارجية الإيرانية السفارة السويسرية في طهران – التي تمثل مصالح الولايات المتحدة – من أنها سترد “بحزم وسرعة” على “أي عمل عدواني”. وتعود خلفية هذه التوترات إلى تهديدات ترامب التي أعلن فيها: “إذا لم توافق طهران على اتفاق للحد من برنامجها النووي ، فستكون هناك تفجيرات لم تشهدوها من قبل”. كما لن تتردد إيران في مهاجمة القواعد الأمريكية في المحيط الهندي.
ويعتقد الخبراء أن اللهجة التي تنتهجها طهران هي في المقام الأول تهديد لردع الأمريكيين والإسرائيليين عن مهاجمة منشآتهم النووية. ومع ذلك، إذا هاجم الإيرانيون القواعد الأمريكية بالفعل، فإن هذا من شأنه أن يؤدي إلى تصعيد هائل وهجوم مضاد أمريكي كبير، كما يقول هانز جاكوب شيندلر، المدير الأول في مركز أبحاث مشروع مكافحة التطرف في برلين.
يؤكد خبير شؤون الشرق الأوسط، شيندلر: “لا تُشكّل هذه الصواريخ تهديداً خطيراً للقواعد الأمريكية في الشرق الأوسط، وقد تضررت سمعة البرنامج الصاروخي الإيراني بشكل كبير في عام 2024”. علاوة على ذلك، فإن الإيرانيين أدنى عسكرياً من الأمريكيين والإسرائيليين الأكثر تقدماً. حيث أن الصواريخ التي ينشرها الإيرانيون محدودة الفعالية. وقد تجلى ذلك في الهجومين على إسرائيل العام 2024. إذ أثبتت هجمات الطائرات المسيرة والهجمات بصواريخ كروز والقذائف عدم فعاليتها.
ويمارس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضغوطاً على إيران لتدمير منشآتها النووية منذ سنوات. وبحسب الخبراء، فمن المرجح أن تتمكن إيران من إنتاج جهاز تفجير نووي وربطه بصواريخ. صحيح أن الأخير لن يعد سلاحاً نووياً، لكنه سيكون له تأثير “القنبلة الذرية ” – وهو أمر يشكل مشكلة كبيرة بالنسبة لإسرائيل. ويعلم نتنياهو أن ترامب في صفه، لكن من المرجح أن يتراجع عن هذه الخطوة في الوقت الراهن.
التحالفات الاستراتيجية الأمريكية للضغط على إيران
تحافظ الولايات المتحدة على شراكات أمنية راسخة مع إسرائيل ودول الشرق الأوسط وتهدف التحركات الأخيرة إلى مواجهة النفوذ الإيراني. وتستغل واشنطن حلف شمال الأطلسي والتحالفات الدولية الأوسع نطاقاً للضغط على إيران، لكن طهران نفسها تتجه بشكل متزايد نحو روسيا والصين للحصول على الدعم السياسي رفيع المستوى فضلاً عن البدائل الاقتصادية والعسكرية في ظل العقوبات الغربية.
البرنامج النووي للضغط على الغرب
يبدو أن البرنامج النووي المتقدم للغاية هو الرافعة الوحيدة التي لا يزال النظام الإيراني يعتمد عليها للضغط على الغرب. ففي عام 2018، انسحب ترامب من الاتفاق النووي الدولي الذي فرض قيوداً كبيرة على إيران. وبعد مرور عام، انسحبت طهران تدريجياً من الاتفاق. وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن جهود إيران تسارعت بشكل كبير لإنتاج اليورانيوم المناسب تقريباً للأسلحة النووية. وأطلق رئيس الوكالة رافائيل جروسي ناقوس الخطر، قائلاً إن “الزيادة الكبيرة في إنتاج وتراكم” اليورانيوم بنسبة 60% “تثير قلقاً خطيراً”.
ويرى شيندلر أن “الأسابيع المقبلة ستكشف عما إذا كانت طهران ستقدم المزيد من التنازلات”. فحتى الآن، لم تكن القيادة الإيرانية متجذرة أيديولوجياً لدرجة تُخاطر بتوجيه ضربة عسكرية تهدد النظام من قِبل الإسرائيليين أو الأمريكيين، ما يُمثل خطراً فعلياً. لذا، يُمكن الافتراض أن النظام مستعدٌّ للبقاء بما يكفي لتغيير موقفه مرةً أخرى.
استهداف وكلاء إيران
لقد كان دعم إيران لمختلف الوكلاء في الشرق الأوسط – حزب الله والجماعات المسلحة في العراق وسوريا – نقطة خلاف مستمرة. ووجّهت الحملة العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين في اليمن – وهي أول عملية عسكرية في عهد ترامب الثاني – رسالةً إلى خصومهم المحتملين حول أهمية الأمن الاقتصادي البحري في المنطقة. إلا أن ذلك جاء على حساب سقوط العديد من طائرات MQ-9 المسيرة، والتي أُسقطت جميعها بأسلحة أرخص استخدمها الحوثيون. وفي أماكن أخرى من الشرق الأوسط، قدمت الولايات المتحدة أيضاً دعمها للضربات العسكرية التي تشنها إسرائيل ضد حزب الله في لبنان.
تحذير فرنسي من صراع عسكري إذا انهارت المحادثات النووية
حذرت فرنسا من أن الفشل في التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران قد يؤدي إلى الحرب، مما يزيد من التوترات في منطقة متقلبة بالفعل. حيث أكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أن المواجهة العسكرية قد تبدو “أمراً لا مفر منه تقريباً” إذا انهارت المحادثات بشأن البرنامج النووي الإيراني. وهو ما يعكس المخاوف المتزايدة بين الزعماء الأوروبيين بشأن طموحات طهران النووية. واتهمت القوى الغربية، بما فيها الولايات المتحدة، إيران بالعمل سراً على تطوير أسلحة نووية. بينما تنفي إيران هذا الادعاء، مؤكدةً أن برنامجها سلمي بحت.
الدفع الدبلوماسي
تسعى فرنسا وشركاؤها الأوروبيون جاهدين للتوصل إلى اتفاق خلال العام 2025. ومن المقرر أن تنتهي صلاحية العديد من عقوبات الأمم المتحدة المرتبطة بالاتفاق النووي لعام 2015 في أكتوبر 2025. فقد فرض الاتفاق الأصلي قيوداً صارمة على الأنشطة النووية الإيرانية مقابل تخفيف العقوبات. ومنذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق خلال ولاية دونالد ترامب الأولى، زادت إيران من تخصيب اليورانيوم بما يتجاوز المستويات المتفق عليها.
يقول بارو: “إن الفرصة محدودة. لم يتبقَّ سوى بضعة أشهر حتى انتهاء مفاعيل هذا الاتفاق. وفي حال الفشل، يبدو أن المواجهة العسكرية أمرٌ شبه حتمي”. وكانت فرنسا وبريطانيا وألمانيا ــ وهي جميعها طرف في الاتفاق الأصلي ــ قد أثارت هذه القضية مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في اجتماع حلف شمال الأطلسي في بروكسل. لكن التنسيق مع واشنطن أصبح معقداً بسبب عودة حملة “الضغط الأقصى” التي يشنها ترامب خلال ولايته الثانية.
مخاوف من الضربات الجوية
تجدر الإشارة إلى أن عدة مصادر دبلوماسية أكدت لوكالة رويترز أن المسؤولين الأوروبيين يشعرون بالقلق من أن تلجأ الولايات المتحدة أو إسرائيل إلى توجيه ضربات عسكرية للمواقع النووية الإيرانية إذا فشلت المحادثات. وعززت الولايات المتحدة مؤخراً وجودها العسكري في المنطقة، حيث أرسلت المزيد من الطائرات الحربية وسط العمليات المستمرة ضد قوات الحوثيين المدعومة من إيران في اليمن.
وهدد ترامب إيران بالتحرك العسكري وفرض عقوبات أكثر صرامة إذا رفضت التفاوض. في حين أكد المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي أن إيران سترد على أي هجوم.