الثلاثاء, أبريل 29, 2025
21.2 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

فرنسا تخطو نحو مستقبل الطاقة النظيفة: مشروع NH1 لتوليد الكهرباء من تيارات المد والجزر في نورماندي

الحرة بيروت ـ خاص

في خطوة رائدة نحو تعزيز الطاقة المتجددة، تشهد فرنسا إنشاء مشروع NH1 التجريبي، الذي يُعدّ أحد أول مشاريع الطاقة المدية على نطاق تجاري في البلاد، بهدف توفير الكهرباء النظيفة لآلاف السكان المحليين.

توربينات تحت الماء

تتواصل أعمال بناء مزرعة مد وجزر قبالة سواحل نورماندي، حيث يجري تركيب أقوى التوربينات البحرية تحت الماء بعد حصول المشروع على تمويل من الاتحاد الأوروبي. وتخطط شركة Normandie Hydroliennes لتثبيت أربعة توربينات متقدمة لتحويل التيارات البحرية القوية في منطقة Raz Blanchard، التي تُعدّ أقوى تيارات المد والجزر في أوروبا، إلى مصدر مستدام للطاقة المتجددة.

ويمثل هذا المشروع أحد المبادرات الفائزة بمنح صندوق الابتكار الأوروبي، الذي خصص مبلغًا إجماليًا بلغ 4.8 مليار يورو لدعم مشاريع إزالة الكربون في أوروبا.

تمويل خالٍ من الانبعاثات

تُموَّل المشاريع المتقدمة المدعومة من صندوق الابتكار من عائدات نظام تداول الانبعاثات الأوروبي (ETS)، وهو آلية تُلزم الجهات المسببة للتلوث بدفع مقابل مالي لانبعاثاتها من غازات الاحتباس الحراري.

وفي هذا السياق، صرّحت كاتيا جوتييه، مديرة شركة Normandie Hydroliennes، قائلة: “اختيار مشروعنا من قِبل صندوق الابتكار يُعدّ اعترافًا واضحًا بأهمية عملنا وتأثير توربين Proteus AR3000 المبتكر في جهود إزالة الكربون وتعزيز مزيج الطاقة المستدامة في المستقبل”.

قدرة إنتاجية هائلة للكهرباء المتجددة

تتمتع منطقة Raz Blanchard بإمكانات طاقوية هائلة، إذ يُمكن تطوير قدرات توليد الطاقة فيها لتتراوح بين 5 و6 جيجاواط، ما يكفي لإنتاج طاقة تصل إلى 18 تيراواط/ساعة سنويًا، وهي كمية قادرة على تزويد نحو 8 ملايين شخص بالكهرباء.

في الوقت الحالي، يجري بناء التوربينات تحت الماء في مدينة شيربورج الساحلية. يبلغ قطر الدوارات 24 مترًا، وتصل قدرة التوربين الواحد إلى 3 ميجاواط. ويُتوقع أن تنتج التوربينات الأربعة حوالي 34 جيجاواط/ساعة سنويًا، وهي طاقة كافية لتغطية احتياجات 15 ألف شخص.

فرص عمل وتنمية اقتصادية محلية

لا تقتصر فوائد المشروع على تعزيز أمن الطاقة فحسب، بل تشمل أيضًا توفير فرص عمل محلية. إذ سيُنتج نحو 80% من مكونات المشروع داخل فرنسا، ما يساهم في دعم 400 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وفقًا لشركة Normandie Hydroliennes.

كما أشارت جوتييه إلى أن منحة بقيمة 31.3 مليون يورو ستُمكّن الشركة من اتخاذ “خطوات حاسمة” لتنفيذ المشروع. وأضافت: “نطمح إلى أن يصبح مشروع NH1 مرجعًا عالميًا في قطاع الطاقة المدية، مما يسهم في تحقيق مستقبل أكثر استدامة”.

التأثير البيئي: استدامة واحترام للأنظمة البحرية

أكدت الشركة أن التوربينات سيتم تركيبها على عمق 38 مترًا على الأقل، لضمان سلامة الملاحة البحرية والحفاظ على التنوع البيئي. وتشير الدراسات الميدانية إلى أن التوربينات البحرية لا تشكل خطرًا على الحياة البحرية، بل قد تسهم في تعزيز النظام البيئي المحلي، إذ تتحول أسس التوربينات إلى موائل بحرية جاذبة للأسماك والحيوانات الضخمة.

وبفضل المشروع، من المتوقع أن يتم نشر ما يصل إلى 85 توربينًا سنويًا خلال السنوات المقبلة، مما سيضاعف فرص العمل ويعزز الاقتصاد الأزرق في فرنسا، عبر استغلال الموارد البحرية بشكل مستدام.

توربينات تحت الماء: الحل الأمثل لتوليد الطاقة النظيفة

تتميز التوربينات البحرية، مقارنة بنظيرتها التقليدية، بكونها تتطلب مساحة صغيرة للتثبيت وتوفر طاقة كهربائية “خضراء” خالية من الانبعاثات الملوثة. كما أنها لا تسبب أي أضرار بيئية على الأنظمة الإيكولوجية البحرية، بعكس التوربينات التقليدية التي قد تُلحق أذى بالطيور وتصاحبها آثار بصرية غير مرغوبة.

ومع تغطية المياه لنحو 70% من سطح الأرض، تقدم التوربينات البحرية حلًا مبتكرًا لأزمة الطاقة العالمية، بما يسهم في مكافحة التغير المناخي وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

وفي ختام الجولة الأخيرة من المنح، قال فوبكي هوكسترا، مفوض الاتحاد الأوروبي للمناخ: “صندوق الابتكار يثبت مجددًا دوره الحيوي في تمويل المشاريع الرائدة التي تساهم في بناء أوروبا محايدة مناخيًا وقادرة على المنافسة عالميًا”.

تبدو فرنسا، عبر مشروع NH1، على أعتاب مرحلة جديدة من استغلال الطاقة النظيفة، حيث تتمازج التكنولوجيا المتقدمة مع الاستدامة البيئية والاقتصادية لتحقيق مستقبل أخضر ومستدام للأجيال المقبلة.

https://hura7.com/?p=47558

الأكثر قراءة