خاص – ترجمة – في تحول كبير في المشهد الأمني في غرب أفريقيا، أمرت ساحل العاج والسنغال، القوتين الاقتصاديتين الإقليميتين، فرنسا بسحب قواتها من أراضيهما. والانسحابات هذه ستمثل النهاية الفعلية للوجود العسكري الفرنسي الذي دام عقوداً من الزمن في السنغال وساحل العاج. لكن ما سبب حدوث ذلك؟
أوضح جيفري جوليان كواو، وهو أستاذ العلوم السياسية الإيفواري، أن هذا الأمر جزء من استراتيجية أوسع نطاقاً تنتهجها الدول الأفريقية الراغبة في إقامة شراكات جديدة. وأضاف: “أعتقد أن السياسيين الأفارقة يريدون تنويع علاقاتهم، وخاصة مع دول الجنوب العالمي، مثل الصين وتركيا والبرازيل، ولكن أيضاً مع روسيا”.
وتسير ساحل العاج والسنغال على خطى دول الساحل التي تخوض حرباً ضد الجهاديين المرتبطين بتنظيم داعش وتنظيم القاعدة. وبعد أن فشلت التدخلات العسكرية الفرنسية التي استمرت قرابة عشر سنوات في وقف تصاعد التهديد الإرهابي في منطقة الساحل، بدأت في سحب قواتها من المنطقة في عام 2022.
وتابع كواو: “إن الدول الساحلية مثل السنغال وساحل العاج تشكل جزءاً من الديناميكية الجديدة التي بدأتها دول الساحل، مثل بوركينا فاسو ومالي والنيجر وتشاد. وتسعى هذه الدول إلى مزيد من السيادة، والأهم من ذلك أن [السياسيين] لا يريدون معارضة الرأي العام الذي يؤيد رحيل القوات الفرنسية”.
لقد أصبح الرأي العام في غرب أفريقيا ينتقد الوجود العسكري الفرنسي والغربي في المنطقة. ويرى كثيرون أن هذا الوجود يمثل استمراراً للعلاقات الاستعمارية. بل إنه أصبح مصدراً لنظريات المؤامرة التي تم دحضها والتي تزعم أن فرنسا تدعم الجماعات الإرهابية.
يشكك رينالدو ديبان، مدير مشروع غرب أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، بأن يؤدي رحيل الجيش الفرنسي إلى تحسين الأمن في السنغال وساحل العاج، اللتين تحدّان دول الساحل وشهدتا هجمات إرهابية تنتقل منهما. وقال ديبان: “كان توسع الجهادية في شمال الدول الساحلية بطيئاً، لكنه ثابت إلى حد ما منذ عام 2020. وليس من المؤكد أن رحيل القوات الفرنسية، وعلى نطاق أوسع القوات الأجنبية، سيحدث فرقاً كبيراً، ربما باستثناء المعلومات”.
ورداً على سؤال عما إذا كانت السنغال وساحل العاج قد تسعيان إلى إقامة شراكات عسكرية مع روسيا، كما فعلت بعض دول الساحل، قال ديبان إن وجود القوات الفرنسية في الساحل بين عامي 2013 و2022 لم يستعِد الأمن، فيما لم تحقق القوات الروسية المنخرطة حالياً في الساحل نتائج أفضل. وأضاف أن هذا يرجع إلى حد كبير إلى كون حل قضية الإرهاب في الساحل ليس عسكرياً فحسب، بل سياسياً أيضاً.
كذلك، أشار المحلل أندرو ليبوفيتش، الباحث في معهد كلينجينديل في هولندا، إلى أنه مع مغادرة القوات الفرنسية غرب أفريقيا، تواصل فرنسا تدريب القوات التي تحارب الإرهاب. وقال: “من المؤكد أن القوات الفرنسية ستظل منخرطة في التدريب والتعاون في ساحل العاج، وفي بنين، ومن المرجح في بضعة أماكن أخرى، لذا فإن هذا لا يعني نهاية الوجود العسكري بعد الاستعمار، ولكنه بالتأكيد تحوّل مهم”.
وتعرض دول غربية أخرى تقديم مساعدات عسكرية للدول الساحلية في غرب أفريقيا. كما أنه من المقرر أن تجري الولايات المتحدة مناوراتها العسكرية السنوية في غرب أفريقيا، المعروفة باسم “فلينتلوك”، في ساحل العاج في العام 2025.