بقلم: ميشال نصر
بالمواقف والزيارات، وبالرسائل والموفدين، يتصدر أمن لبنان اهتمام دول العالم، من البوابة «الإسرائيلية»، حيث لا يزال المجتمع الدولي يسعى إلى الضغط على لبنان لمنع تمدد رقعة الحرب في المنطقة، في وقت تواصل فيه إدارة الرئيس ماكرون العمل من تحت الطاولة وفوقها «بعكس السير الأميركي»، أملاً بتمرير الاستحقاق الرئاسي في الوقت الضائع، في رحلة فصل لبنان عن أزمة المنطقة، وتحديداً غزة، التي يبدو أن تسوياتها قد تأخذ وقتاً لإتمامها، وهو ما لا يتحمله الوضع اللبناني، ما وضعها في صدام بالوكالة مع واشنطن وبالأصالة مع «تل أبيب»، عبّر عنه صراحة رئيس الوزراء الإسرائيلي.
مصادر ديبلوماسية مطلعة على الكواليس الدولية، كشفت بأن العلاقة بين البلدين بدأت بالتراجع مع تعيين مدير جديد لجهاز الاستخبارات الخارجية، الذي عمل بشكل وثيق في ملف داخلي له ارتباطات بالجاليات الشيعية في أفريقيا، من خلال متابعته لأوضاع اللاجئين من أصول إفريقية على الأراضي الفرنسية.
وفي هذا الإطار، تكشف المعلومات المتوافرة أن رئيس الاستخبارات الجديد، كان له تأثيره في عدم تسليم «داتا» أساسية طلبتها المخابرات الأميركية «بتكليف» من «الموساد»، ترتبط بالمتمولين اللبنانيين من الشيعة وغيرهم في أفريقيا، الذين يدعمون حزب الله مالياً، ويقومون بنقل الأموال إليه عبر أوروبا. وهي مسألة سبق وأثارت توتراً في العلاقات بين واشنطن وباريس سابقاً، على خلفية رفض الأخيرة تلبية الطلب الأميركي.
وتتابع المصادر أن «تل أبيب» تخوض المعركة بالوكالة عن واشنطن مع باريس، بعدما عاد «الإيليزيه» من جديد إلى ممارسة التقية السياسية، من خلال ذهابه في التفويض المعطى له أبعد من المطلوب لبنانياً، خصوصاً راهناً بعد عودته إلى لعب دوره السابق، من خلال محاولة تمريره اتفاق منقوص فيما خص الـ1701، مبرّراً ذلك بخوفه على جنوده المنتشرين جنوباً، فيما الحقيقة مرتبطة بمصالح اقتصادية بناها الفرنسيون في لبنان. والأمر الثاني الملف الرئاسي، حيث حاولت فرنسا في غضون الأيام تمرير اسم للرئاسة يتوافق مع مصالح الثنائي التي يمثلها راهناً رئيس مجلس النواب.
ورأت المصادر أن المسألة أبعد بكثير من الموضوع اللبناني، فهي «قلوب مليانة»، سرّها في تصريح بنيامين نتانياهو بأن هدف الحرب الحالية، هو تغيير منطقة الشرق الأوسط أي، بمعنى أصحّ، إعادة رسم خريطتها بما فيها الجغرافية من جديد، ما يعني دفن اتفاقية «سايكس- بيكو» نهائياً، وبالتالي إنهاء آخر وجود فرنسي في المنطقة. وهو أمر لا يمكن أن يكون دون مساعدة وقرار أميركي، خصوصاً في حال عودة المرشح الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ومواقفه المعروفة من الرئيس إيمانويل ماكرون.
وختمت المصادر بأن باريس راكمت ما يكفي من الخلافات مع المحور الأميركي – الإسرائيلي، وعرّضت الأمن القومي للطرفين في المنطقة للخطر، بعدما حاولت اللعب على وتر «الشيعية السياسية» في لبنان، محاولة الاستفادة من التناقضات والأوضاع الدولية المعقدة، بعدما أخرجتها واشنطن منذ حرب الخليج الأولى من المعادلة في هذا الجزء من العالم. فمن دورها السلبي في إنهاء «ثورة 17 تشرين»، إلى محاولاتها المتكررة لتمرير صفقة رئاسية لصالح محور الممانعة في بيروت، أخرجها من لبنان والمنطقة إلى غير رجعة، وزيارة وزير الخارجية الفرنسية إلى «تل ابيب»، لن تبدّل من الواقع شيئاً.
المصدر: الديار