الأربعاء, مايو 14, 2025
12.1 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

أبو شديد يُعرّي برنامج لائحة “تجدّد بيت مري”

لا مكان للوعود الزائفة في برنامجي... والقانون أولاً

الحرة بيروت ـ بقلم: كارين عبد النور

انحصرت المعركة الانتخابية في بلدة بيت مري بين لائحتين متنافستين، الأولى “منبقى بيوت مري” التي يرأسها رئيس البلدية الحالي، المحامي رووي أبو شديد، والذي اكتسب خلال سنوات ولايته التسع سمعةً قويةً بفضل مواقفه الثابتة وحنكته الإدارية التي استطاعت تجاوز الأزمات التي عصفت بالبلدة. أما لائحة “تجدد بيت مري” برئاسة الدكتورعبود عساف، والتي تضمّ مارون مارون نجل الرئيس البلدي السابق المحامي أنطون مارون، فتقود حملة إعلامية ممنهجة تهدف إلى استعادة ما فقدته العائلة من نفوذ، مستغلةً الظروف الراهنة.

أبو شديد في مواجهة حملة شرسة

رغم أن رئيس البلدية الحالي قد نجح في تحقيق استقرار ملحوظ في البلدة خلال فترة تولّيه رئاسة البلدية، إلّا أنه يجد نفسه اليوم في مواجهة هجوم إعلامي غير مبرّر، يحاول من خلاله خصومه التشويش على مسار الانتخابات، في حملة لا علاقة لها بالقضايا المحلية أو أولويات الناخبين. وبينما يغيب عن الحملة أي ملفات فساد حقيقية قد تطال أبو شديد، تمسّك خصومه بما يُسمى “ملف معمل النفايات”، الذي كان قد طرحه في مرحلة سابقة من ولايته، قبل أن يتراجع عنه نزولاً عند رغبة أهل بيت مري، ليصبح هذا الملف مجرّد ذكرى لنقاش انتهى.

في المقابل، يواجه الرئيس البلدي السابق المحامي أنطون مارون، والذي يقف خلف الحملة الإعلامية، دعوى قضائية تتعلق برمي نفايات بيت مري وباقي القرى عشوائياً في الوادي، وهي القضية التي أدّت إلى رفع الحصانة عنه من قِبل نقابة المحامين، ما يثير تساؤلات مشروعة حول الغاية من الحملة التي يسوقها بوجه المحامي أبو شديد.

المفاجأة الكبرى جاءت بعد إعلان البرنامج الانتخابي للائحة “تجدد بيت مري”، حيث لفت البيان الانتخابي الانتباه بما تضمنه من وعود انتخابية شعبوية، تحمل بنوداً استعراضية تهدف إلى جذب أصوات الناخبين دون أي اعتبار للضوابط القانونية أو الواقعية. ومع تصاعد الجدل حول هذه الوعود، كان من الضروري التوقف عند تفاصيل البنود، ومقارنتها مع ما سيكشف عنه البيان الرسمي للائحة “منبقى بيوت مري”، الذي يُنتظر أن يصدر يوم الأحد المقبل. ولتدقيق واقع هذه الوعود، التقت “الحرة” برئيس اللائحة، المحامي رووي أبو شديد، الذي أكد أن برنامجه الانتخابي يتميز بالالتزام الكامل بالقانون والواقعية في التعامل مع التحديات المستقبلية.

وعود شعبوية وبنود مخالفة للقانون

بدايةً، أكّد أبو شديد أنه لطالما كان حريصاً على تقديم برامج قابلة للتطبيق والعيش بعيداً عن الشعارات الزائفة: “في العام 2016، تعمّدنا وضع برنامج واقعي وقانوني، وحققنا جزءاً كبيراً مما وعدنا به. وقد أدرجنا الإنجازات التي تحققت في البرنامج الانتخابي الجديد الذي سنقدمه للمحاسبة يوم الأحد المقبل، بعد تسع سنوات من العمل، ليعلم الجميع أننا عندما نضع برنامجاً، فإننا نلتزم بالمنطق والقانون”. مضيفاً أنه لم يتعهد يوماً بشيء يتجاوز الممكن، ومشيراً إلى أن التعهد هو التزام يجب الوفاء به.

وفي تعليقه على الوعود التي تضمنها برنامج اللائحة المنافسة، أشار أبو شديد إلى أن بعضها يخالف القانون ويشكل هدراً للمال العام. وأن أبرزها هو وعد رئيس اللائحة المنافسة بتفعيل “المساعدات الاجتماعية على تنوعها للمحتاجين مع التكتم للمحافظة على كرامتهم”، وهو ما يُعدّ انتهاكاً صريحاً لنص المادة 32 من القانون النافذ حكماً رقم 6 تاريخ 5/3/2020 (الموازنة العامة للعام 2020) الذي يحظر جميع المؤسسات العامة والبلديات من تقديم الهبات والمساعدات المادية والعينية من أي نوع كانت. وأوضح أن هذا الوعد هو مخالف للقانون ومن شأن تطبيقه أن يؤدي إلى الملاحقة القانونية والجزائية بجرم هدر المال العام.

وتابع أبو شديد بالحديث عن وعد آخر يتعلق بـ”إلغاء الضريبة على القيمة المضافة على فاتورة المولدات”، موضحاً أن قانون الضريبة هو قانون صادر عن مجلس النواب ويطبّق تحت إشراف ورقابة وزارة المالية على كافة الشركات التي تحقق رقم أعمال يفوق الخمسة مليار ليرة لبنانية، ولا يمكن لأي بلدية إلغاء هذا الرسم إلا من خلال تعديل القانون في مجلس النواب.

كما لفت إلى ما ورد عن “وضع خطة مدروسة لتحسين الوضع المالي لموظفي البلدية نظراً لانهيار معاشاتهم مع الأزمة الاقتصادية”، مبيّناً أن هذا الوعد يعكس عدم إلمام واعديه بالقوانين المعمول بها في المؤسسات العامة والبلديات، حيث إن الرواتب تخضع لسلسلة الرتب والرواتب التي يتم تحديدها بقرارات من مجلس الوزراء، ولا يمكن لأية إدارة زيادتها بشكل عشوائي.

وفيما يخص “إعادة النظر بالرسوم البلدية وتعديلاتها الأخيرة”، علّق أبو شديد أن هذا الوعد لا يمكن تنفيذه لأن الرسوم البلدية تصبح نهائية ونافذة بعد مرور شهرين على تاريخ نشرها، ولا يمكن تنزيلها إلا بناءً على طلب مقدّم من صاحب العلاقة يحال إلى لجنة التخمين لإعادة النظر بالرسم المفروض. وفي هذه الحالة يصار إلى تخمين العقار مجدداً. فإذا كان الرسم يزيد عن القيمة التأجيرية الحالية يصار إلى تنزيله بعد موافقة المراقب العام. أما إذا كان الرسم يقل عن القيمة التأجيرية فيصار إلى زيادة التكليف، موضحاً أن هذا النوع من الوعود يهدف إلى كسب الأصوات دون احترام الضوابط القانونية، حيث أن تعديل الرسوم يخضع لمعايير معينة.

هذا وتطرّق أبو شديد إلى بعض الوعود الأخرى التي تتعلق بـ”تشجيع أصحاب المؤسسات الصغيرة على الاستمرارية عبر تسهيلات بلدية، أولها تخفيض الرسوم البلدية على مؤسساتهم”، لافتاً إلى أن هذا الوعد أيضاً مخالف للقانون، حيث أن الرسوم على العقود محددة قانوناً بنسب معينة، ولا يجوز لأي شخص التلاعب بها. فالرسم على العقد السكني هو 6.5% من القيمة التأجيرية وعلى العقد التجاري هو 8.5%. وبالتالي، لا يحق للبلدية تعديل هذه النسب، وإن فعلت ذلك فهي ترتكب جرم هدر المال العام.

من الوعود إلى الواقع

من جهة أخرى، تساءل أبو شديد قائلاً: “إذا كانت الإيرادات البلدية الحالية لا تتجاوز 70 إلى 80 مليار ليرة، أي ما يعادل نحو 800 ألف دولار، وهي بالكاد تكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية للبلدية، فكيف يمكن تنفيذ الوعود المتعلقة بتطوير السوق وإنشاء المجمعات والمطاعم في حال خُفّضت هذه الإيرادات، على فرض أن ما يُسوّق له هو قانوني؟”

أما عن وعوده الشخصية، التي سيعلن عنها مع لائحة “منبقى بيت مري” يوم الأحد المقبل، فأكّد أنها ستكون واقعية وقابلة للتنفيذ. مشيراً إلى أن ثقة الجهات  والمؤسسات المانحة به والتي نشأت على مدار تسع سنوات تمنحه قدرة مميزة على تأمين تمويلات خارجية لدعم المشاريع التنموية في البلدة.

وختم أبو شديد قائلاً: “لم نعِد يوماً وعوداً غير قابلة للتحقيق، ولن نعِد بها في ولايتنا المقبلة، لأننا نؤمن بالقانون ونلتزم به، ولا شيء سوى القانون. وصندوق الاقتراع هو الذي سيحسم الأمر، وسيظهر الأداء بعد ذلك مدى جدية الوعود التي تقدّمها اللائحة الفائزة.”

من الضروري التأكيد أن بيت مري بحاجة إلى قيادة لا تعتمد على الأوهام والوعود الفارغة، بل على إدارة تتسم بالحكمة والنضج القانوني، قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والإنمائية باستخدام أدوات حقيقية وأسس قانونية. والقرار الآن بيد أهل بيت مري في صندوق الاقتراع، حيث ستكشف الأيام القليلة المقبلة مدى استعدادهم لبناء مستقبل يعتمد على الواقع لا على الأوهام.

رابط المقال: https://hura7.com/?p=50579

رابط العدد: https://hura7.com/?p=50468

الأكثر قراءة