السبت, يناير 18, 2025
-0.5 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

كارين عبد النور ـ فوز ترامب لن يغيّر المعادلة: وجع اللبنانيين يتجاوز نتائج الإنتخابات الأميركية

بقلم ـ كارين عبد النور

ترجمة ـ لا زال انتخاب دونالد ترامب وتصاعد العنف في لبنان “الشغل الشاغل” لجميع المحللين السياسيين اللبنانيين، الذين يرون أن عودة الأخير إلى الرئاسة الأميركية يمكن أن تعزز العلاقات الوثيقة مع إسرائيل، بقيادة بنيامين نتنياهو، الذي يأمل بتكثيف القتال ضد حزب الله، ما يشجع إسرائيل على الحفاظ على موقف حازم ضد أعدائها الإقليميين.

ويحذّر آخرون من تصلّب الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ودعم إسرائيل في مبادراتها العسكرية، حتى مع خطر التصعيد غير المنضبط. وفي حين يأمل البعض بأن يعزز ترامب لغة الحوار، يرى آخرون أن تكثيف الضغط على حلفاء إيران، بما في ذلك حزب الله، سيزيد من زعزعة الاستقرار في لبنان.

ويتفق محللون كثر على أن هذا الوضع يمكن أن يؤدي إلى زيادة الاشتباكات في لبنان، والتوترات بين إسرائيل وحزب الله. وهو صراع أصبح فيه التدخل الأميركي راسخاً بالفعل، ولكن يمكن أن يزداد حدة مع تأثيرات مباشرة على المدنيين اللبنانيين والاستقرار الإقليمي.

يأتي ذلك في وقت لا زالت الاشتباكات تتصاعد في جنوب لبنان. فقد أصابت الهجمات الصاروخية التي شنها حزب الله عدة مواقع إسرائيلية رداً على الغارات الجوية على القرى اللبنانية. وتفيد التقارير بأن ضربات صاروخية استهدفت مناطق سكنية في بعلبك والضاحية الجنوبية لبيروت، ما تسبب بخسائر مادية كبيرة.

ويصف شهود عيان مشاهد الفوضى حيث يكافح عمّال الإنقاذ لانتشال الناجين من تحت الأنقاض. وفي المناطق المتضررة، باتت الظروف المعيشية لا تطاق بالنسبة للمدنيين، حيث أجبرت مئات العائلات اللبنانية على مغادرة منازلها بحثاً عن ملجأ في المناطق الأقل عرضة للخطر. وقد أصابت الضربات الإسرائيلية البنية التحتية الحيوية في بعض المناطق، ما أدى إلى تعطيل أنظمة توزيع المياه والكهرباء، وزيادة عدم الاستقرار في المناطق المتضررة.

من ناحيته، أكّد أمين عام حزب الله، الشيخ نعيم قاسم، في كلمته  يوم السادس من نوفمبر 2024، أن حزب الله لن يتراجع أمام العدوان الإسرائيلي، مذكراً بأن المقاومة اللبنانية مستعدة للدفاع عن لبنان بأي وسيلة ممكنة. فبحسب بعض الصحف اللبنانية، لا زال حزب الله يحشد تعزيزات لتكثيف عملياته ضد إسرائيل، ويتمّ  نشر مشاهد للجيش اللبناني وعناصر حزب الله يتصدّون للتوغلات الإسرائيلية عند الحدود الجنوبية.

وبالعودة إلى السياسة اللبنانية المحلية، تهيمن على النقاشات السياسية الداخلية التحديات التي يفرضها الوضع الأمني وعواقب انتخاب ترامب. حيث تشير بعض المصادر إلى أن رئيس الوزراء، نجيب ميقاتي، وافق على تجنيد 1500 جندياً إضافياً لتعزيز أمن الحدود في الجنوب اللبناني، معتبراً هذا الانتشار جزءاً من قرار الأمم المتحدة رقم 1701 الذي يهدف إلى الحد من الأعمال العدائية. غير أن العثرة تتمحور حول تمويل هذه المبادرة، حيث أن الأزمة الاقتصادية الحالية لا تسمح باستثمارات عسكرية كبيرة في لبنان.

وكان ميقاتي قد أعرب عن مخاوفه من آثار الانتخابات الأميركية على لبنان، داعياً الولايات المتحدة إلى اتخاذ موقف أكثر توازناً تجاه المنطقة، على الرغم من استمرار الشكوك حول قدرة واشنطن على التأثير الإيجابي على الوضع الحالي. وتشير مصادر حكومية إلى أن الولايات المتحدة تريد إبقاء العماد جوزيف عون قائداً للجيش اللبناني، معتبرة إياه شخصية “استقرار” في مواجهة التوترات الإقليمية.

دولياً، لا شك أن لإعادة انتخاب ترامب تداعيات تثير ردود فعل متباينة. فحلفاء لبنان الأوروبيون، وخاصة فرنسا، يدعون إلى ضبط النفس ويحثّون الإدارة الأميركية الجديدة على التحلي بالدبلوماسية. ومع ذلك، يشير محللون إلى أن ترامب يمكن أن يزيد الدعم الأميركي لإسرائيل، على حساب جهود تحقيق الاستقرار في لبنان، ما قد يؤدي إلى تفاقم الصراعات الإقليمية.

في الوقت نفسه، ذكرت بعض الصحف أن روسيا والصين تتخذان موقفاً حذراً، وترصدان التطورات في العلاقات الأميركية الإسرائيلية لتعديل نفوذهما في المنطقة. ويبدو أن روسيا تدرس اتخاذ إجراءات جديدة للحفاظ على الاستقرار في سوريا ولبنان، على الرغم من أن الوضع الحالي لا يترك مجالاً كبيراً لمبادرات السلام بسبب التوترات المستمرة بين إسرائيل وإيران.

إقتصادياً، لا زالت التداعيات الاقتصادية للحرب الدائرة بين إسرائيل وحزب الله تتفاقم في جميع أنحاء لبنان مع الانخفاض الحاد في قيمة الليرة اللبنانية، ما يجعل من الصعب على المواطنين شراء السلع الأساسية مثل الغذاء والمحروقات. وقد ارتفعت تكاليف المعيشة بشكل كبير، ما زاد من الضغط الاقتصادي على الأسر الأكثر فقراً.

ووفقاً لبعض التقارير، فإن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية في لبنان جسيمة هي الأخرى. وأصبحت استحالة الوصول إلى المناطق الحدودية أمراً يحول دون الحفاظ على الأنشطة الزراعية، وهي قطاع رئيسي في الاقتصاد اللبناني. وتقدّر وزارة الاقتصاد أن الخسائر الاقتصادية قد تصل إلى مئات الملايين من الدولارات إذا استمر الصراع، ما سيغرق البلاد في أزمة اقتصادية أعمق.

صحيح أن مصرف لبنان يدعو إلى إصلاحات اقتصادية للحدّ من انهيار العملة الوطنية وتحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي، غير أن قدرة الدولة اللبنانية على العمل لا تزال محدودة بسبب قيود الميزانية، في حين يواجه السكان انعدام الأمن الغذائي المتزايد وارتفاع أسعار الاحتياجات الأساسية.

وتبقى الآثار الاجتماعية للأزمة في لبنان هي الأبرز حيث تقوم الجمعيات المحلية بتقديم الدعم الأساسي للأسر النازحة من خلال تزويدها بالغذاء والمأوى والرعاية الطبية الطارئة. ويعاني الأطفال بشكل خاص من آثار نفسية جسيمة. وأسوأ ما في الأمر هو شعور التخلي الذي يعيشه بعض اللبنانيين ممن يجدون أنفسهم معزولين وغالباً ما يضطرون إلى مساعدة بعضهم البعض للتعويض عن إخفاقات الدولة العاجزة.

https://hura7.com/?p=36685

الأكثر قراءة