الإثنين, يناير 13, 2025
-2.3 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

كارين عبد النور ـ هل يغيّر وصول الرئيس العماد جوزيف عون إلى قصر بعبدا بمباركة الثنائي الشيعي شيئاً في المعادلة؟

الحرة بيروت ـ بقلم: كارين عبد النور

وأخيراً، وصل قائد الجيش اللبناني، الرئيس العماد جوزيف عون، إلى سدة الرئاسة بعد جولتين انتخابيتين متتاليتين، بمباركة واضحة من الثنائي الشيعي، حزب الله وحركة أمل. هذا الحدث يأتي في سياق أزمة سياسية واقتصادية خانقة تمر بها البلاد، حيث تزايدت الدعوات الداخلية والخارجية لضرورة وجود قيادة قوية ومستقلة قادرة على مواجهة التحديات المتفاقمة.

وصول عون إلى الرئاسة يفتح الباب أمام مرحلة جديدة، قد تكون فرصة لإعادة بناء الثقة في المؤسسات اللبنانية، والتوجه نحو إصلاحات ضرورية لإنقاذ البلاد من أزمتها الحالية. ومع ذلك، يبقى السؤال الأكبر حول مدى قدرته على تحقيق توازن بين مطالب الشعب اللبناني المتعطش للإصلاح وبين المصالح السياسية المعقدة للأطراف الداخلية والخارجية.

وسط حالة التدهور الحاد التي يعيشها لبنان، لا يبدو أن ملء سدّة الرئاسة سيحدث فرقاً كبيراً في المصير المظلم الذي يواجهه البلد. فالأوضاع الراهنة تشير إلى تفكك يعصف بكافة مؤسسات الدولة، ما يجعل أي تغيير في رأس السلطة غير ذي جدوى ما لم يسبقه إصلاح شامل وحقيقي.

أما التغيرات الإقليمية التي نشهدها حالياً، خاصة في سوريا والعلاقات بين إسرائيل ولبنان، بالإضافة إلى التوقعات المتزايدة بشأن السياسة التي سيتبناها الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه إيران الإسلامية، والعملية الإبراهيمية للسلام التي يتوقع أن تشمل أحد عشر دولة عربية جديدة، بما في ذلك لبنان وسوريا، كلها عوامل تجعل الحماسة المفاجئة لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية بشكل سريع وعشوائي مثيرة للشكوك. خاصة في ظل استمرار حزب الله في الحفاظ على نفوذه الكبير داخل البلاد، ما يجعل هذه التحركات تبدو كمحاولة مشبوهة لتحقيق أجندات خفية.

هذا الشعور ليس قاصراً على طبقة معينة، بل يعبّر عن رأي الأغلبية الساحقة من الشعب اللبناني بمختلف طوائفه، سواء كانوا من المسيحيين أو السنة أو الشيعة أو الدروز. الجميع يشعر بأن الحلول السطحية أو التغييرات الشكلية لن تأتي بأي نتيجة ملموسة.

إن إعادة تنظيم وتأسيس لبنان الكبير تبدو الآن أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى. فالتاريخ يعيد نفسه، والفرص النادرة لتصحيح الأخطاء الجسيمة التي ارتكبها مؤسسو الدول القومية بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية تأتي فقط في أوقات الأزمات الوجودية العميقة، وهو ما يعيشه لبنان وسوريا اليوم.

ورغم فرحة شريحة كبيرة من اللبنانيين بانتخاب رئيس جديد للجمهورية لا بدّ من التركيز على نقطتين أساسيتين:

  • تمديد وقف إطلاق النار حتى يتمكن لبنان من التفاوض بهدوء وبعقلانية حول السلام الإقليمي.
  • ضمان نزع سلاح حزب الله وتخليه عن النضال المسلح، الذي يمكّنه من فرض هيمنته وترويع الشعب اللبناني، بما في ذلك مجتمعه الشيعي.

أما فيما يتعلق بالرئيس المنتخب، فهل سيتمكن من القيام بواجبه وإنهاء عملية نزع سلاح حزب الله وكل الميليشيات المسلحة الأخرى، هو الذي وصل، بما لا يقبل الشك، بأصوات الثنائي الشيعي؟ يبدو أن هذا الدور هو الأكثر أهمية وضرورة في الظرف الحالي، لضمان عدم استئناف إسرائيل لهجومها العسكري الذي قد لا يقتصر هذه المرة على حزب الله، بل قد يطال الدولة اللبنانية بأسرها ومؤسساتها وبنيتها التحتية.

في النهاية، قد يكون وصول قائد الجيش اللبناني، العماد جوزيف عون، إلى رئاسة الجمهورية محطة جديدة في المشهد السياسي اللبناني، إلا أن الواقع يشير إلى أن هذا الحدث، رغم أهميته، قد لا يحمل التغيير الجوهري الذي يتطلع إليه الشعب اللبناني. فالضمانات والتنازلات التي قدّمها إلى الثنائي الشيعي تثير تساؤلات حول مدى استقلالية القرار السياسي الجديد، وقدرته على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

الأيام المقبلة ستكشف مدى قدرة الرئيس الجديد على ترجمة تطلعات اللبنانيين إلى أفعال ملموسة، خاصة في ظل استمرارية المهزلة الانتخابية داخل المجلس النيابي التي لم تتغير منذ عقود. إن الحكم الحقيقي على نجاح هذه المرحلة لن يكون في لحظة وصول الرئيس إلى سدة الحكم، بل في كيفية ممارسته لصلاحياته، وقدرته على تحقيق الإصلاحات المطلوبة. حينها فقط، سيتضح ما إذا كانت فرحة الشعب اللبناني بوصوله في مكانها، أم أنها مجرد وهم آخر في سلسلة طويلة من الخيبات.

https://hura7.com/?p=41364

الأكثر قراءة