بقلم: كارين عبد النور
شهدت مدينة البترون الساحلية، شمال لبنان، تطوّراً تصعيدياً خطيراً فجر يوم أمس الجمعة في خضمّ العمليات العسكرية الدائرة عاصمةً، وجنوباً وبقاعاً. فقد قامت قوة إسرائيلية خاصة، مؤلّفة من 25 عنصراً، بتنفيذ عملية إنزال بحري على شاطئ المدينة، وانتقلت بكامل أسلحتها وعتادها إلى أحد الشاليهات التي تبعد عشرات الأمتار عن الشاطئ، حيث اختطفت المدعوّ عماد أمهز وعادت أدراجها بواسطة زوارق سريعة إلى عرض البحر.
إنها ليست المرّة الأولى التي تلجأ فيها إسرائيل وتنجح بهذا النوع من العمليات. من إنزال “فردان” في بيروت سنة 1973 واغتيال مجموعة من القادة الفلسطينيين البارزين، إلى عملية تحرير رهائن إسرائيليين، اختُطفوا على يد مسلّحين فلسطينيين، في أوغندا سنة 1976. ومن اختطاف المسؤول في “حزب الله”، أبو علي الديراني، من مدينة بعلبك في تسعينيات القرن الماضي، إلى اختطاف مسؤول مالي في “الحزب” واستجوابه في بلدة بيت مري، الواقعة في قضاء المتن، قبل أشهر ثم تصفيته لاحقاً.
إسرائيل التي تتمتع باحترافية عالية في تنفيذ عمليات “الكوماندوز” هذه، يبدو أنها استفادت من ثغرة أو نقص في نقاط المراقبة أو تسهيل معيّن من قِبَل قوات “اليونيفل” العاملة في لبنان، بحسب مراقبين. وهناك معلومات غير مؤكّدة عن أن أمهز قد جرى تجنيده من قِبَل “حزب الله” لنقل الأسلحة من سوريا إلى لبنان بحكم عمله كقبطان بحري. غير أن اللافت في العملية هو تعتيم طال الحدث لساعات طويلة من الطرفين اللبناني والإسرائيلي. وبينما لم يصدر (حتى الساعة) أي بيان رسمي عن الحكومة اللبنانية يوضح ما حصل، اكتفى وزير النقل والأشغال العامة، علي حمية، بالتصريح بأن أمهز ضابط مدني بحري.
في هذا السياق، يرى البعض في عملية الإنزال رسالة من القوات المسلّحة الألمانية – التي تتولّى مهام حماية المياه الإقليمية اللبنانية من ضمن قوة “اليونيفل” العاملة في البلاد – إلى “حزب الله”. فالأخير قرّر مؤخراً وقف التواصل مع ألمانيا، أمنياً وسياسياً، رافضاً بقاءها ضمن “اليونيفل”. ويضيف هؤلاء أن أمهز يمتلك خزان معلومات تسعى إسرائيل خلفها في حربها ضدّ “الحزب”، وإلّا لكان مصيره التصفية أسوة بقياديّين وعناصر آخرين.
من ناحية أخرى، دفعت إقامة أمهز في منطقة البترون – التي تتمتّع بخصوصية سياسية ومذهبية، وتحديداً في “شاليه” محاذٍ للشاطئ – ببعض آخر للذهاب حدّ الاعتقاد بأن يكون عميلاً إسرائيلياً وأرادت إسرائيل سحبه من الأراضي اللبنانية لسبب ما. لكن أياً تكن الخلفيات أو الفرضية الأصحّ، فإن ما يدقّ ناقوس الخطر هو تصاعُد المخاوف من لجوء الدولة العبرية إلى مزيد من عمليات “الكوماندوز” المستقبلية وتوسيع نطاقها، كإحدى “أدواتها” الحربية التصعيدية.