الثلاثاء, أبريل 29, 2025
16.4 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

أوروبا ـ “تحالف الراغبين” من أجل أوكرانيا: ما نعرفه حتى الآن

وكالات ـ يركز “تحالف الراغبين” على تشكيل قوة ردع من جنود غربيين للانتشار في أوكرانيا. تشمل القضايا الرئيسية الدول المشاركة، حجم القوة، وردها على التهديدات الروسية، مع تحديد قمة في 10 أبريل/ نيسان لتطوير المناقشات.

“لم تكن أوروبا، ككيان واحد، بهذه القوة والتماسك منذ وقت طويل”. هكذا وصف كير ستارمر، رئيس وزراء المملكة المتحدة، الحراك الدبلوماسي الهادف إلى تشكيل “تحالف الراغبين” لحماية أي اتفاق محتمل ينهي الحرب الروسية على أوكرانيا، وهي مهمة اكتسبت طابعاً ملحّاً بشكل مفاجئ بعد أن باغت دونالد ترامب القارة الأوروبية بإطلاق مفاوضات منفردة مع فلاديمير بوتين.

منذ تلك المكالمة التي استمرت 90 دقيقة في 12 فبراير/شباط، تسابق القادة الأوروبيون لاستعادة مكانة القارة وسط التطورات المتسارعة، لضمان أن يُسمع صوتها وتُراعى مصالحها. وعلى رأس هذه الأولويات، تأتي الحاجة الملحّة لضمان بقاء أوكرانيا كدولة مستقلة وذات سيادة، وكبح جماح النزعة التوسعية لبوتين، والتي يخشى الكثيرون أنها ستستمر بلا رادع إذا نجح في تحقيق أهداف غزوه.

لكن تحقيق ذلك يستدعي التوصل إلى اتفاق سلام متماسك وقابل للاستمرار.

غير أن أوروبا، التي شهدت إخلال روسيا بالتزاماتها في اتفاقيات مينسك التي كانت تهدف إلى إنهاء حرب دونباس، تبقى شديدة الحذر في تعاملها مع موسكو. ولهذا السبب، ومع اندلاع أعنف نزاع على أراضيها منذ الحرب العالمية الثانية، تتضافر جهود الدول الأوروبية بشكل غير مسبوق وأكثر جرأة، لمنع تكرار أخطاء الماضي.

وفي هذا السياق، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأسبوع الماضي، عقب استضافته قمةً لقادة الدول في باريس: “هدفنا واضح: تأمين السلام. ولتحقيق ذلك، يجب أن نضع أوكرانيا في أفضل وضع تفاوضي ممكن، والتأكد من أن السلام الذي يتم التوصل إليه سيكون صلباً ودائماً للأوكرانيين ولجميع الأوروبيين”.

من هم أعضاء التحالف؟

بدأت بذور هذا التحالف تتشكل في 17 فبراير/ شباط، عندما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى اجتماع مصغّر لعدد من القادة رداً على الاتصال الهاتفي بين ترامب وبوتين. وجاءت قائمة الحضور التي اختيرت بعناية، لتوحي بأن صيغة سياسية جديدة كانت بصدد التبلور.

بعد أقل من أسبوعين، وتحديداً في 2 مارس/ آذار، استضاف كير ستارمر اجتماعاً ثانياً في لندن، في وقت كانت فيه أوروبا لا تزال تحت وقع الصدمة من اللقاء الكارثي الذي جمع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بنظيره الأمريكي في البيت الأبيض. لكن هذه المرة، كانت قائمة الحضور أكثر اتساعاً.

وعقب تلك المداولات التي جرت تحت أنظار العالم، أعلن ستارمر رسمياً عن ولادة “تحالف الراغبين”، بقيادة مشتركة بين بريطانيا وفرنسا.

وجاءت القمة الأخيرة في باريس لتوسع دائرة المشاركين أكثر. فإلى جانب ماكرون وستارمر وزيلينسكي، ضم الاجتماع قادة كل من: بلجيكا، بلغاريا، كرواتيا، قبرص، التشيك، الدنمارك، إستونيا، فنلندا، ألمانيا، اليونان، أيسلندا، أيرلندا، إيطاليا، لاتفيا، ليتوانيا، لوكسمبورغ، هولندا، النرويج، بولندا، البرتغال، رومانيا، سلوفينيا، إسبانيا والسويد.

كما شاركت تركيا عبر نائب رئيسها، جودت يلماز، فيما مثّلت كل من أستراليا وكندا سفارتاهما في فرنسا.

أما على مستوى المؤسسات الدولية، فقد حضرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، إلى جانب الأمين العام لحلف الناتو مارك روته، ما أضفى على النقاشات بعداً أوسع. وقد ضم الاجتماع في المجمل 33 وفداً.

وكان ستارمر قد أشار سابقاً إلى أن كلاً من اليابان ونيوزيلندا هما جزء من التحالف، رغم عدم مشاركتهما في القمة الأخيرة في باريس.

ما هي الدول التي لم تنضم إلى التحالف ولماذا؟

من الواضح أن معظم الدول المشاركة في التحالف هي أيضاً أعضاء في الاتحاد الأوروبي، وهو الكيان الذي تسعى أوكرانيا للانضمام إليه يوماً ما. ومع ذلك، هناك بعض الاستثناءات اللافتة للنظر.

لم تشارك مالطا والنمسا في الاجتماعات حتى الآن، نظراً لالتزامهما بسياسة الحياد. وعلى النقيض من ذلك، حضرت قمة باريس دولة أيرلندا، رغم كونها دولة محايدة أيضاً. وقال رئيس الوزراء مايكل مارتن في مارس/ آذار: “نحن مستعدون لفعل كل ما بوسعنا للمساعدة”.

أما المجر وسلوفاكيا، فهما من دول الاتحاد الأوروبي التي لم تنضم إلى التحالف، لكن ليس بسبب الحياد، إذ إن كلاهما عضو في حلف الناتو، بل بسبب معارضتهما الشديدة لنهج أوروبا في التعامل مع الحرب. فالبلدان يرفضان إرسال مساعدات عسكرية إلى أوكرانيا، باعتبار ذلك تصعيداً غير مبرر.

وقد ذهب رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان إلى أبعد من ذلك، حيث عرقل مرتين صدور نص مشترك للاتحاد الأوروبي بشأن أوكرانيا، رغم أن سلوفاكيا أيدت النص في النهاية.

بالإضافة إلى ذلك، فإن سويسرا، التي تشتهر بسياسة الحياد الصارمة، وكذلك الدول الست في منطقة البلقان، بقيت خارج هذه المناقشات تماماً.

ما الذي يعمل عليه التحالف؟

أوضح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في ختام القمة التي عقدت في باريس، أن “تحالف الراغبين” قد وضع ثلاثة مجالات عمل رئيسية.

أولاً: دعم القوات المسلحة الأوكرانية بشكل مستمر

تعتبر كييف وأوروبا أن هذا الدعم هو الضمانة الأمنية الأولى لردع العدوان الروسي. ومع تقارب المواقف بين واشنطن وموسكو، تعهدت عدة دول أوروبية بتقديم مساعدات عسكرية جديدة، تركز بشكل أساسي على المدفعية، وأنظمة الدفاع الجوي، والصواريخ، والطائرات المُسيّرة، والتدريب العسكري.

ثانياً: إنشاء قوة ردع جديدة على الأراضي الأوكرانية

تهدف هذه القوة إلى تعزيز الأمن، لكنها لن تكون بعثة لحفظ السلام متمركزة على خط الجبهة، وفقاً للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أشار إلى أن هذه المهمة يجب أن تقع على عاتق الأمم المتحدة أو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE).

بدلاً من ذلك، أوضح ماكرون أن هذه القوة سيتم نشرها في مواقع استراتيجية محددة داخل أوكرانيا، مثل المدن والموانئ ومحطات الطاقة، حيث ستعمل كعامل ردع ضد روسيا. كما أشار إلى احتمال نشر قوات غربية في البر والجو والبحر، وقال: “لا شيء مستبعد في هذه المرحلة”.

وفي هذا السياق، أكد كير ستارمر أن التحالف يهدف من خلال هذه الخطوة إلى أن يكون “جاهزاً لتفعيل أي اتفاق سلام بمجرد التوصل إلى صيغته النهائية.” وأضاف: “هذه قوة مصممة للردع، ولإيصال رسالة واضحة إلى بوتين مفادها أن أي اتفاق يتم التوصل إليه سيتم الدفاع عنه”.

ثالثاً: تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية

وضعت المفوضية الأوروبية خطة جديدة لجمع استثمارات دفاعية تصل إلى 800 مليار يورو، وهو مبلغ من المتوقع أن تستفيد منه أوكرانيا بشكل مباشر.

كم عدد الدول التي التزمت بإرسال قوات إلى أوكرانيا؟

بقي موضوع إرسال قوات على الأرض محوراً للنقاش داخل التحالف منذ الاجتماع الأول، ولا يزال حتى اليوم يثير انقسامات، رغم الزخم السياسي الذي اكتسبه.

حتى الآن، فرنسا وبريطانيا هما الدولتان الوحيدتان اللتان التزمتا رسمياً بالمساهمة بجنود ضمن قوة الردع. وهما أيضاً الدولتان الأوروبيتان الوحيدتان اللتان تمتلكان أسلحة نووية، وكلاهما عضو دائم في مجلس الأمن الدولي.

“لا يوجد إجماع حول هذه النقطة”، كما أقرّ ماكرون. “لا تمتلك بعض الدول القدرة على القيام بذلك، وأخرى لا يسمح لها السياق السياسي بذلك”.

ومن المتوقع أن تنضم دول أخرى إلى التعهد بإرسال قوات مع استمرار المحادثات.

وأعربت السويد، الدنمارك وأستراليا علناً عن انفتاحها على فكرة إرسال جنودها إلى أوكرانيا كجزء من مهمة دولية. أما بلجيكا، فقد صرّحت مؤخراً بأنه سيكون من “المنطقي” المشاركة “إذا قررت أوروبا المضي قدماً في ذلك”.

في المقابل، رفضت بولندا واليونان، وهما من بين أكثر الدول الأوروبية إنفاقاً على الدفاع، إرسال قوات، وبرّرتا ذلك بالتهديدات التي تواجهها أثينا ووارسو في محيطهما الإقليمي (بولندا من بيلاروس، واليونان من تركيا).

كما رفضت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني الفكرة أيضاً، حيث شككت في مدى “فعالية” الاقتراح الفرنسي – البريطاني. وقالت الشهر الماضي: “في رأيي، من الصعب جداً تنفيذ ذلك”.

في غضون ذلك، تصرّ روسيا على موقفها الرافض لأي خطة تقضي بنشر قوات غربية في أوكرانيا، لكن ماكرون وستارمر أكدا أن هذه الاعتراضات لن تؤثر على قرارات التحالف.

إذ صرح الرئيس الفرنسي بالقول:”ليس لروسيا أن تقرر ما سيحدث على الأراضي الأوكرانية”. أما رئيس الوزراء البريطاني فأكّد: “نحن نعلم ما تريده روسيا. إنها تريد أوكرانيا بلا دفاعات”.

أي دور ستلعبه الولايات المتحدة؟

في الوضع الحالي، لم تنضم الولايات المتحدة كعضو في “تحالف الراغبين”. إذ إن السبب الرئيسي وراء تشكيل هذا التحالف هو أن الرئيس ترامب كسر وحدة الصف بين الحلفاء الغربيين بعد ثلاث سنوات من التماسك، وقرر الذهاب منفرداً إلى مفاوضات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين.

ومع ذلك، لا يزال التحالف يأمل في أن تنخرط واشنطن في مرحلة ما من العملية، سواء عبر تقديم دعم لقوة الردع، مثل الحماية الجوية أو تبادل المعلومات الاستخباراتية. إذ من المتوقع أن يشجع ذلك المزيد من الدول على الالتزام بإرسال قوات.

وهذا ما يُعرف بـ”الدعم الأمريكي” الذي أشار إليه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مراراً. حيث ذكر: “كما قلت دائماً، هذا سيتطلب مشاركة ودعم الولايات المتحدة. لقد ناقشنا الأمر مع الرئيس الأمريكي في عدة مناسبات”.

وفي السياق نفسه، يحرص القادة البريطانيون والفرنسيون على إبقاء ترامب على اطلاع دائم بتقدم التحالف، حيث يروّجون لما لعملهم على أنه يخدم مصالح أوروبا والولايات المتحدة معاً، لأنه سيساهم في تأمين اتفاق السلام الذي يسعى إليه ترامب.

ورغم الجهود الدبلوماسية المستمرة، بما في ذلك زيارات متكررة إلى البيت الأبيض، لم تُظهر الولايات المتحدة أي مؤشر على استعدادها لتقديم “الدعم الأمريكي”. فعلى العكس، أشارت حكومة ترامب إلى رغبتها في تقليص تدريجي للوجود العسكري الأمريكي في أوروبا.

في هذا الصدد، صرح ماكرون: “هناك غموض حول طبيعة التزامات الولايات المتحدة بعد انتهاء الحرب. يجب أن نتوّسم خيراً، وأن نستعد للأسوأ أيضاً”.

https://hura7.com/?p=48386

الأكثر قراءة