الأربعاء, مايو 21, 2025
14.1 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

لبنان، أزمة رؤية لا أزمة إمكانات

جريدة الحرة

بقلم: مو حيدر، الرئيس التنفيذي السابق للشؤون المالية في شركة ديالكسا/تكساس

moe haydar

المشكلة الحقيقية في لبنان ليست في غياب الحلول. الأفكار موجودة، الطاقات البشرية حاضرة، والخبراء منتشرون. لكن الأزمة الأعمق تكمن في غياب رؤية وطنية موحّدة تجمع اللبنانيين على هدف واضح. فبدون هذه الرؤية، تبقى الحلول مشلولة، مجزّأة، أو مستغلة من قِبل من لا يريدون البناء.

معظم الأحزاب اللبنانية لا تتقن لغة البناء والتقدم، بل تحترف إدارة الانقسام. لم يشهد تاريخ لبنان الحديث يوماً حركة وطنية جامعة تتجاوز الطوائف والانتماءات، وتتوحد خلف مشروع واحد: بناء دولة ذات سيادة، عادلة، وفعالة.

لم يُفرض الفساد على اللبنانيين، بل تم اختياره وتكريسه. لم تُجبر الطوائف على تقويض الدولة، بل سلّمت السيادة طوعاً مقابل النفوذ. لم تُفرض الزبائنية، بل نُصّبت ركيزة للحكم. فشل الأحزاب ليس قدراً، ومع ذلك ما زال اللبنانيون يمنحونها شرعية البقاء.

مسار التراجع: كيف دمّرت الحروب لبنان؟

منذ خمسينيات القرن الماضي، حظي لبنان بفرص اقتصادية استثنائية، لكنه اختار الانقسام على البناء. الحروب التي شهدها لم تحمِه، بل كانت أبواباً للانهيار. كل جولة صراع عمّقت انهيار المؤسسات، وأفرغت البلاد من كفاءاتها، وكرّست نظاماً هشاً.

الحرب الأهلية، الحروب بالوكالة، والاصطفافات الإقليمية أنتجت اقتصاداً هشاً، ومجتمعاً محبطاً، ودولة عاجزة. الأطماع موجودة في كل مكان، لكن ما يحدّد المصير هو كيفية التعامل معها.

دليل الأرقام: من كان مع لبنان في 1950 وأين أصبح اليوم؟

في عام 1950، كان لبنان على قدم المساواة مع دول صاعدة في مؤشرات الازدهار:

  • لبنان اليوم (2025): 3,500 دولار للفرد، 19.3 مليار دولار ناتج محلي.
  • كوريا الجنوبية: 1.72 تريليون دولار.
  • سنغافورة: 420 مليار دولار.
  • إسرائيل: 519 مليار دولار.
  • البرتغال واليونان: أكثر من 270 مليار دولار لكل منهما.

التحليل
الفارق لم يكن في الموارد، بل في الرؤية، والحكم الرشيد، واستثمار الإنسان. دول صعدت من العدم، ولبنان اختار الغرق في الولاءات والتعطيل والفساد.

الخلاصة
لبنان لا تنقصه الموارد، ولا العقول، ولا الفرص. ما ينقصه هو القرار الوطني الجريء بالتحرر من منطق الزعامات والانقسامات، والانطلاق في مشروع وطني حقيقي.

لبنان: المعرفة قوة، والهدوء طريق الانتصار

يمتلك لبنان كل ما يحتاجه من معرفة لفهم مكامن ضعفه ومصادر قوته. لكنّ ما ينقصه هو فنّ استخدام هذه المعرفة لصالح مشروع وطني سلمي، يتجاوز الصراع نحو البناء. فالنهوض لا يحتاج إلى حرب، بل إلى وعي جمعي، رؤية، وإدارة ذكية للمصالح.

كما يقول روبرت غرين: “الانتصار الأعظم هو ذاك الذي لا يشعر فيه العدو أنه هُزم.” وهذا هو جوهر النهوض الحقيقي: لا بالتصفية، بل بالتجاوز. لا بالإقصاء، بل بالشراكة. لبنان لن ينهض بالصدام مع ماضيه، بل بتجاوزه نحو دولة حديثة، عادلة، وقادرة.

https://hura7.com/?p=51602

الأكثر قراءة