الأربعاء, مايو 21, 2025
14.5 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

لبنان… أربع لاءات لقانون انتخاب عِلمي

Walid moheb

جريدة الحرة ـ بقلم: وليد المحب، مؤسس جمعية صون حق التعبير

نريد قانون انتخاب سليم، نتفِق أوّلاً على عناوينه العريضة ثمّ نسعى إلى فرضه. وكما نأبى أن يكون القانون مُفَصّلاً على مَقاس أحد، كذلك نأبى أن يكون مُصَمَّماً لإقصاءِ أحد، فلِلجميع مكان تحت شمس الحرية، لكن الأكيد هو رفض أي قانون مفصّل على قياس جهات معينة، ولا يستوفي الشروط العِلمية، التي تأتي معها المصلحة الوطنية مِن قبيل التحصيل الحاصل.

قد يقول قائل: “إنّ بعض الجهات السياسية سترى في قانون الانتخاب ذي المعايير العِلمية استِهدافاً لها”. نعم، هذا صحيح، وحينَئذٍ نكون قد مارسنا إبداعاً سياسياً. فعندما نطرح بوضوح وبصوتٍ عالٍ، قانون انتِخاب بمعايير علمية، لن يكون مِن مصلحة أي جهة سياسية لبنانية أن تتجرَّأ على رفضه، وإلا ستبدو أمام الرأي العام وكأنها تدين نفسَها بنفسِها قائلة: “أريد الخير لنفسي لا لِلوطن، وأريد التسلّط أكثر مِمّا أريد المشاركة في إدارة البِلاد”.

علينا كتغييريين في لبنان، إذا كنا فعلاً نتحلى بالوعي السياسي، أن نتحلق حولَ أربع “لاءات”، تساعدُنا في تحديد ملامِح قانون انتخاب ذي روح وطنية، ويستوفي المعايير والشروط العِلمية.

اللاءات الأربع وشرحها:

لا للقيد الطائفي

يعزز القيد الطائفي النعرات المذهبية في المجتمع، وبدلاً من أن يخلق القانون سلوكاً حميداً لدى اللبنانيين ويذكّرهم بأنهم أبناء وطن، نجده يخلق سلوكاً ذميماً ويذكّرهم، في لحظة سياسية ذهبية، بأنهم أبناء طائفة وأتباع مذهب.

يفتح القيد الطائفي مجالاً واسعاً للتأثير على خيارات الناخبين، ويقلل فرص فوز الكفوئين.

يلعب القيد الطائفي دور الوكزة السلبية Coup de pouce négatif إذ ينحو بخطاب المرشحين صوب شد النعرات واستثارة الغرائز، خلافاً لمبدأ أنسنة القانون.

يتسبب القيد الطائفي بضرب مبدأ المساواة في قانون الانتخاب لجهة وزن الصوت الانتخابي Poids du vote electoral ، فلطالما وجدنا صوتاً انتخابياً هنا يزن أضعافاً مِن وزن الصوت الانتخابي هناك.

إن فكرة القيد الطائفي تدل على عقلية سياسية بائدة، فحواها “تطمين الطوائف”، وهي عقلية جلبت الشرور لجميع اللبنانيين، إذ جملت شعار العيش المشترك الساذج، وأعاقت روحية العيش الواحد الضرورية لنهوض الوطن.

لا لتعدد الدوائر الانتخابية

تتيح الدائرة الواحدة، أي جعل لبنان دائرة انتخابية واحدة، تعاون المتجانسين وطنياً على مساحة الوطن، فيجتمع شملهم ويصبحوا هم الأكثرية، بعد أن كانوا في الدائرة الصغرى قلة قليلة هنا، وقلة قليلة هناك.

تتيح الدائرة الكبرى درجة أعلى من ممارسة حق التعبير، فلا يقتصر رأي الناخب على مرشحي منطقته فقط، بل يتمتد إلى جميع المرشحين على امتداد الوطن.

تتوافق الدائرة الكبرى مع مبدأ “الوفرة” الذي هو في أساس السياسات الرشيدة، خلافاً لداء “الندرة” الذي هو في أساس الكيد السياسي والمناكفات.

تضع الدائرة الكبرى حداً للعلاقات الشخصية والولاءات الضيقة، العائلية والقبلية والعرقية، وتعزز مفهوم البرامج.

بفضل الدائرة الكبرى يتكلم الكل مع الكل، أما مع الدائرة الصغرى فيتكلم هؤلاء عن أولئك، ويتقزم الفضاء العام.

مع الدائرة الكبرى تنطلق الجرأة الجماعية، ويقبل الإنسان الوطني على الترشح، متجاوزاً شعوره بالانطواء في منطقته الخاضعة لميليشيا محلية.

مع الدائرة الكبرى ينخفض دور المال الانتخابي، فيلعب حجم الدائرة دور الوكزة الإيجابية  Coup de pouce négatif لإقلاع المرشحين عن فكرة شراء الأصوات.

لا للصوت التفضيلي

الصوت التفضيلي هو بدعة انتخابية، تم اللجوء إليها في سياق تفصيل قانون انتخاب على قياس الزعماء التقليديين. وقد يقول قائل أن بعض الدول المتحضرة تطبق في قانون انتخابها الصوت التفضيلي، وهذا صحيح، لكن توجد في تلك الدول أحزاب وطنية من المفيد للبلاد ولمواطنيها تعزيز نفوذ رجالات الدولة التي تمارس سياسات رشيدة هناك، أما في لبنان فيوجد زعماء ميليشيات ومن المؤذي تعزيز نفوذهم، وإذا أردنا وصف الصوت التفضيلي بكلمتين: انتخب الزعيم.

بسبب الصوت التفضيلي يفوز خاسرون ويخسر فائزون، ما يجعل الانتخابات مهزلة.

يعيق الصوت التفضيلي تجديد الدماء في العمل السياسي، ويمنع خلق النخب الشبابية.

لا للعتبة الانتخابية المرتفعة

تتعارض العتبة الانتخابية المرتفعة مع العدالة الانتخابية، إذ تُخرج مِن السباق عدداً كبيراً مِن اللوائح التي تضمّ كفاءات.

تتسبب العتبة المرتفعة بزيادة نسب الأصوات المهدورة.

تتعارض العتبة المرتفعة مع القيم والمبادئ الأخلاقية، حيث تلجأ القوى السياسية إلى “حلف الضرورة” مع من لا تتجانس معهم، وبدلاً من وصول مجموعات متماسكة، تصل مجموعات تحمل في ذاتها بذور خلافات، تنسحب مستقبلاً على الأداء السياسي وعلى استقرار الأوضاع.

تتسبب العتبة المرتفعة بعزوف كثير من الناس عن الترشح، مما يتعارض مع مبدأ توسيع المشاركة السياسية.

هذه اللاءات لا تُعَبِّر عن كلّ تفاصيل قانون الانتِخاب المُرتَجى، لكنّها تعتبر مِن أبرز تفاصيله التي ينبغي إجلاءِ الغموض عنها، فتتحوَّل في أذهان عقلاء لبنان التغييريين إلى قناعات صلبة وبديهية، يمكن إتمام بِناء المُنتَج الفِكري التغييري عليها.

https://hura7.com/?p=51139

الأكثر قراءة