الأحد, نوفمبر 9, 2025
21.4 C
Beirut

الأكثر قراءة

إصدارات أسبوعية

لبنان بين الانقسامات الداخلية والاشتباك الإقليمي

جريدة الحرة

بقلم : طوني القزي

لبنان بين الانقسامات الداخلية والاشتباك الإقليمي

يبدو أن لبنان اليوم يعيش مرحلة سياسية وأمنية صعبة، تتقاطع عندها التهديدات الداخلية والخارجية في مشهد متشابك يهدد وجود الدولة نفسها. فبين الانقسام الداخلي العميق، وانكشاف الحدود أمام النزاعات الإقليمية، يقف الأمن القومي اللبناني في مواجهة أخطر اختباراته منذ نهاية الحرب الأهلية.

التهديد الأكثر رسوخًا ينبع من الداخل، من ضعف مؤسسات الدولة  وانقسام القوى السياسية، وشلل المؤسسات، حولت لبنان إلى ساحة مفتوحة أمام الفوضى والتجاذبات الخارجية. ضعف الدولة يعني بالضرورة ضعف قدرتها على ضبط الأمن ومراقبة الحدود والسيطرة على السلاح المنفلت، وهو ما يجعل أي اضطراب سياسي أو أمني قابلًا للتحول إلى أزمة وجودية. لبنان

أما خطر الجماعات المسلحة خارج إطار الدولة ، الذي باتت تمتلك ترسانة عسكرية تهدد  قدرات الجيش الوطني، وتتحرك ضمن أجندة دولية وإقليمية لا تخضع بالضرورة لأولويات الدولة اللبنانية. هذا الواقع يخلق ازدواجية في القرار الأمني والسيادي، ويعرّض لبنان لخطر الانزلاق في صراعات لا طاقة له بها، خصوصًا في ظل التوتر المتصاعد بين إسرائيل ومحور “المقاومة”.

إلى جانب ذلك، يشكل الانهيار الاقتصادي والمالي تهديدًا أمنيًا لا يقل خطورة عن السلاح. فالفقر المدقع، وتدهور العملة، وتآكل الثقة بالمؤسسات، كلها عوامل تهيئ بيئة خصبة للفوضى، ولعودة الجماعات المتطرفة أو شبكات الجريمة المنظمة التي تبحث عن ملاذ في بلد هش ومأزوم. لبنان

إن الأمن القومي لا يُقاس فقط بقدرة الجيش على الردع، بل أيضًا بقدرة الدولة على تأمين الاستقرار الاجتماعي والمعيشي لشعبها.

ولا يمكن إغفال البعد الخارجي للتهديدات، فلبنان عالق بين حسابات القوى الإقليمية والدولية، من طهران إلى تل أبيب، ومن دمشق إلى واشنطن وباريس. هذه التدخلات المتشابكة تجعل من لبنان ساحة لتصفية الحسابات، بدل أن يكون طرفًا فاعلًا يحمي مصالحه الوطنية. كما أن اللاجئين السوريين بات يشكل تحديًا ديموغرافيًا واقتصاديًا وأمنيًا، مع تزايد الاحتكاكات في المناطق الفقيرة، وتصاعد الخطاب الشعبوي المعادي للاجئين.

لبنان اليوم لا يحتاج إلى حلول ترقيعية أو تسويات ظرفية، بل إلى مشروع وطني جامع يعيد الاعتبار للدولة كمصدر وحيد للشرعية والسلاح والقرار. فكل تأخير في إصلاح المنظومة السياسية والأمنية سيعني مزيدًا من الانكشاف والفوضى. لبنان

إن التهديد الحقيقي للأمن القومي اللبناني ليس فقط ما يأتي من الخارج، بل ما يتغلغل في الداخل: غياب الدولة، واستقواء الطوائف، وانهيار الثقة بالمؤسسات. وإذا لم يتحرك اللبنانيون لإنقاذ دولتهم من الداخل، فلن يستطيع أي دعم خارجي أن يمنع سقوطها من جديد في فوضى مفتوحة.

https://hura7.com/?p=67895&preview_id=67895

 

الأكثر قراءة