الإثنين, يناير 20, 2025
1.7 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

لبنان على حلبة الصراع بين إسرائيل وإيران

الحرة بيروت ـ خاص

يمثّل لبنان، بفعل موقعه الجغرافي الحيوي بين القوى الإقليمية، وانقساماته الداخلية، والدور المحوري فيه لـ”حزب الله”، ساحة مواجهة غير مباشرة بين إسرائيل وإيران. وفي ظل أزمة اقتصادية خانقة وتوترات اجتماعية متفاقمة، يواجه البلد تداعيات هذا الصراع الإقليمي، الذي اشتدت حدّته مع تدخل القوى الكبرى وإعادة تشكيل التحالفات الإقليمية، مثل اتفاقيات إبراهيم، التي عمّقت عزلة إيران وحلفائها وأعادت رسم خريطة النفوذ في المنطقة.

شراكة استراتيجية

يُعدّ “حزب الله” الركيزة الأساسية للنفوذ الإيراني في الشرق الأوسط. هو الذي تأسس في الثمانينيات بدعم الحرس الثوري الإيراني، وأصبح قوة سياسية وعسكرية مهيمنة في لبنان. تتجاوز العلاقة بين الطرفين التعاون العسكري لتشمل رؤية أيديولوجية قائمة على مقاومة إسرائيل ورفض الهيمنة الغربية.

هذا وتضخ إيران مئات الملايين من الدولارات سنوياً لتمويل قدرات الحزب العسكرية والبنية التحتية، إلى جانب تدخله في صراعات إقليمية مثل سوريا. إلّا أن هذا التحالف أثقل كاهل لبنان بالعقوبات الدولية، وزاد من الضغوط الإسرائيلية، حتى بات دور الحزب يثير انقساماً سياسياً داخلياً حاداً، حيث تتهمه بعض القوى اللبنانية بجرّ البلاد نحو عزلة دولية وإقحامها في صراعات لا تخدم مصالحها الوطنية.

إسرائيل: استراتيجية الاحتواء

بالمقابل، يشكّل “حزب الله” بالنسبة لإسرائيل تهديداً وجودياً نظراً لامتلاكه ترسانة عسكرية متطورة ودعمه المستمر من إيران. وتعتمد إسرائيل على تفوقها العسكري والتكنولوجي لمواجهة هذا الخطر، من خلال ضربات جوية استباقية في لبنان وسوريا تستهدف بنية الحزب التحتية وشبكات تسليحه.

ورغم نجاح إسرائيل في تعطيل بعض الأنشطة الإيرانية، فإن هذه العمليات تزيد من حدة التوترات الإقليمية، وتهدد باندلاع مواجهات أوسع قد تشمل لبنان.  وها هم المدنيون في جنوب لبنان يتحملون العبء الأكبر لهذه المواجهات، حيث يعيشون في ظل توترات مستمرة.

الحرب في سوريا: شرارة إضافية

من جهتها، أضفت الحرب السورية بُعداً جديداً للتنافس الإيراني – الإسرائيلي، ذلك لأن مشاركة “حزب الله” في الصراع السوري قد عززت قدراته العسكرية ورسخت وجود إيران الإقليمي، وجعلت سوريا نقطة عبور استراتيجية لتزويد الحزب بالأسلحة وتوسيع شبكات الدعم اللوجستي.

إسرائيل، التي ترى في هذا التوسع تهديداً مباشراً لها، كثفت غاراتها الجوية، مستهدفة قوافل الأسلحة الإيرانية ومواقع “حزب الله”. ورغم أن هذه الهجمات نجحت في إضعاف النفوذ الإيراني، إلا أنها رفعت من حدة المخاطر الإقليمية، حيث قد يتحول لبنان إلى ساحة مواجهة مباشرة. في وقت تتفاقم الأزمة الإنسانية في لبنان نتيجة تدفق اللاجئين السوريين واستمرار التوترات الاقتصادية.

اتفاقيات إبراهيم

في المقلب الآخر، غيّرت اتفاقيات إبراهيم، التي وُقّعت عام 2020، قواعد اللعبة في الشرق الأوسط، حيث قامت بتطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدة دول عربية مثل الإمارات والبحرين. تهدف هذه الاتفاقيات إلى عزل إيران وحلفائها وتعزيز التعاون العسكري والاقتصادي بين إسرائيل ودول الخليج.

تنعكس هذه التطورات بوضوح على لبنان، حيث تزيد الضغوط على “حزب الله”، وتفاقم عزلة إيران. كما تؤثر على علاقات لبنان مع الدول العربية، مثل السعودية، التي تربط دعمها بتقليص نفوذ الحزب. من جهة أخرى، أسهمت الاتفاقيات في تعزيز التعاون الأمني بين إسرائيل ودول الخليج، ما ضاعف الضغوط على لبنان، وجعله نقطة ضعف في المعادلة الإقليمية.

في الخلاصة، يبقى لبنان محوراً للتنافس الإيراني – الإسرائيلي، حيث تتشابك مصالح القوى الإقليمية والدولية، في وقت يعاني البلد من أزمة اقتصادية وسياسية خانقة، وسط محاولات للحفاظ على استقراره الهش. ومع استمرار التغيرات الإقليمية، يواجه لبنان تحدياً مزدوجاً يتمثل في الخروج من أزماته الداخلية وتجنب التحول إلى ساحة نزاع مفتوح في الصراع على النفوذ الإقليمي.

https://hura7.com/?p=40440

الأكثر قراءة