حذّرت لجنة كفرحزير البيئية في بيان شديد اللهجة، رئيس الحكومة نواف سلام ووزيرة البيئة تامارا الزين، وسائر الوزراء والمعنيين الذين استقبلوا مؤخرًا وفودًا من أصحاب شركات الترابة، من مغبّة “إعادة تشغيل مقالع شركات الترابة الخارجة على القانون”، معتبرة أنّ هذه الخطوة تشكّل “جريمة بيئية وصحية ومالية كبرى ترتكبها الحكومة الحالية، كما تورّطت بها الحكومة السابقة قبل أن يوقفها القضاء اللبناني”.
وأكدت اللجنة أنّ هذه المقالع، المتوقفة حاليًا، “تعمل خلافًا لغالبية القوانين اللبنانية”، مشيرة إلى أنّ شركات الترابة تستورد حاليًا مادة الكلينكر لتشغيل مصانعها. ولفتت إلى أنّ المقالع تقع في أراضٍ مصنّفة للسكن (40/20) ضمن نطاق بلدة كفرحزير، وفوق المياه الجوفية في بدبهون، وعلى مقربة من القرى والبيوت والأملاك العامة، ومجرى نهر العصفور، والوديان الكورانية، إضافة إلى مواقع تراثية وثقافية حساسة، ما يمنع حصولها على تراخيص قانونية من المجلس الوطني للمقالع والكسارات.
وأوضحت اللجنة أن هذه المقالع “ليست كباقي المقالع التقليدية”، إذ تحتوي الصخور الكلسية في الكورة على نسب عالية من مادة الكبريت ومعادن ثقيلة خطرة. وأكدت أنّ إعادة تشغيلها تعني “عودة الأفران إلى العمل، وإحراق الصخور الكلسية بالفحم الحجري والبترولي عالي الكبريت”، ما يشكّل تهديدًا مباشرًا لصحة السكان ويعيد مشهد “الإبادة الجماعية التي سبّبتها هذه الشركات في السابق، من خلال تفشي السرطان وأمراض القلب والجهاز التنفسي”.
وانتقد البيان “التواطؤ الصامت حيال استنزاف صحة أهالي الكورة”، مشيرًا إلى أنّ شركات الترابة “جنت مليارات الدولارات على حساب آلاف الضحايا والمرضى”، متسائلًا عن جدوى إعادة تشغيل هذه المصانع في حال كانت هناك نية فعلية لإعادة إعمار لبنان، “لا لتهريب الإسمنت إلى سوريا كما حصل قبل أسابيع”، معتبرًا أنّ “البديل الأنسب هو استيراد الإسمنت من مناطق صحراوية بكلفة أقل وبلا أثمان بيئية أو بشرية”.
ودعت اللجنة إلى نقل مصانع الإسمنت ومقالعها إلى السلسلة الشرقية تطبيقًا للقوانين البيئية الدولية، وإلزام الشركات بدفع تعويضات للمتضررين من المجازر الصحية والبيئية في الكورة، فضلًا عن سداد الرسوم البلدية والمالية وغرامات التعدي البيئي.
وختم البيان بدعوة صريحة إلى “محاكمة أصحاب شركات الترابة ومديريها كمجرمي حرب إبادة جماعية ومرتكبي جرائم دمار شامل”، محذّرة من “محاولات أحد الموظفين الفاسدين في وزارة البيئة إعادة تشغيل هذه الشركات بغطاء غير قانوني، بعد أن كان سمح لها سابقًا باستيراد الفحم الحجري والبترولي بنسبة 6% من الكبريت، في وقت منعت فيه دول مجاورة، كالأردن، استخدام هذا النوع من الوقود منذ عام 2004”.
وأكدت اللجنة احتفاظها بحق الادعاء على الموظف المذكور وعلى جميع المتورطين في “قتل أهالي القرى وتدمير بيئتهم، وتهديد أراضيهم السكنية والزراعية والسياحية، والمساهمة في تفاقم التغيرات المناخية وانتشار الأوبئة الزراعية”.