الإثنين, يناير 20, 2025
1.7 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

لميا المبيّض بساط وسوزان أبو شقرا ـ إقتصاد الرعاية لتعزيز التنمية والعدالة الجندرية

الحرة بيروت ـ بقلم:

  • لميا المبيّض بساط، رئيسة معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي ونائبة رئيس لجنة خبراء الأمم المتحدة للخدمة العامة (UNCEPA)
  •  سوزان أبو شقرا، أخصائية تعلّم وتطوير رئيسية، معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي

لماذا كل هذا الاهتمام باقتصاد الرعاية؟

تحظى الرعاية اليوم باهتمام كبير من الناشطين والباحثين والجهات الفاعلة في مجال السياسات العامة مقارنةً بما كانت عليه قبل 20 سنة مضت. وبعيداً عن أهمّيتها القصوى لناحية تعزيز المساواة بين الجنسين، فإنًّ الرعاية هي أيضاً قضية ذات أبعاد اجتماعية واقتصادية تساهم في الحدّ من الفقر وتعزز الشمولية والنمو والتنمية المستدامة. وبالرغم من أنَّ اقتصاد الرعاية يستلزم إنتاج واستهلاك السلع والخدمات الضرورية للمجموعات التي تعتمد على الرعاية، مثل الأطفال والمسنين والمرضى وذوي الحاجات الخاصة، وكذلك البالغين والأصّحاء في سن العمل، إلا أنّه نادراً ما يُصار الى تقدير القيمة السوقية لأعمال الرعاية، خاصةً غير مدفوعة الأجر، وإلى احتساب مساهمتها في تحريك العجلة الاقتصادية.

تشكّل الرعاية جزءاً لا يتجّزأ من نسيج المجتمع وهي عنصر أساسي لرفاهية الإنسان. يعرّفها الاقتصاديون باعتبارها ذات “منفعة عامة” مما يعني أنَّ فوائدها تمتد إلى ما هو أبعد من أولئك الذين تقدَّم لهم هذه الرعاية بشكل مباشر: فرعاية الأطفال الصغار مثلاً تُعتبر استثماراً بالغ الأهمية في الصحة والتعليم والإنتاجية للأجيال القادمة، كما تدعم أنشطة الرعاية العاملين في جميع المجالات مما يؤثر على القوى العاملة وبالتالي على الاقتصاد.

أثّر النمو السكاني والتغيّرات الديموغرافية وارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض، والصراعات والاضطرابات الأمنية على زيادة الحاجة للرعاية ليس فقط في لبنان، بل على مستوى العالم كلّه؛ حيث توقعت منظمة العمل الدولية أن يصل عدد متلقي الرعاية بحلول عام 2030 الى 2.3 مليار فرد أي بزيادة نسبتها 10%. هذا الأمر يستدعي زيادة في الإنفاق قدرَّتها المنظمة بحوالي 238 مليار دولار أميركي بحلول عام 2030، و109 مليارات دولار إضافية بحلول عام 2035.

إلا أنَّ هذا التزايد في الطلب لم يرافقه أي تغيير جوهري إن كان في البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية ذات الصلة، أو في السياسات الحكومية، ولا في تحسين ظروف العمل في مجال الرعاية. يضاف إلى ذلك الانخفاض الكبير للعمالة في القطاع الصحي لا سيّما بعد جائجة كوفيد – 19، مما سيؤثر على إنتاجية القوى العاملة ككل وقد يبطء القدرة على النمو؛ إذ تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى عجز متوقع بـ10 ملايين عامل صحي بحلول عام 2030، معظمهم في البلدان منخفضة الدخل والبلدان ذات الدخل المتوسط.

إقتصاد الرعاية وتقاطعه مع أهداف التنمية المستدامة

إضافةً إلى أهمّية اقتصاد الرعاية في تحقيق الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة وهو المساواة بين الجنسين، يساهم بعدد من الاهداف الأخرى للتنمية المستدامة، أهمها:

  • الهدف 1: القضاء على جميع أشكال الفقر
  • الهدف 3: التمتع بحياة صحية وتعزيز الرفاهية للجميع
  • الهدف 4: التعليم الشامل والجيد للجميع
  • الهدف 8: العمل اللائق والنمو الاقتصادي
  • الهدف 10: تعزيز النمو الشامل والحد من عدم المساواة

وتيرة شيخوخة السكان في تنامي ومعدلات الإعالة في تزايد

أثّر التحول الديموغرافي اللافت في معدّلات الخصوبة والوفيات إلى تسارع ظاهرة الشيخوخة حيث أشارت لجنة شؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة، قسم السكان، (Undesa) في تقرير أصدرته عام 2019 حول الشيخوخة والسكان أنَّ عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 80 عاماً وما فوق سيتضاعف ثلاث مرات في الثلاثين سنة القادمة؛ وأنَّ متوسط العمر العالمي المتوقع بعد الـ65 عاماً سيزيد بمقدار 19 عاماً.

تطرح هذه الوتيرة المتسارعة لشيخوخة السكان تحدّيات كبيرة على الدول لا سيّما على البلدان الفقيرة التي تتسم بانخفاض مستويات رأس المال المادي والبشري، كونها تساهم بشكل مباشر في تشكيل احتياجات الرعاية وتوزيع أعمال الرعاية المدفوعة وغير مدفوعة الأجر، كما تدفع الدول بشكل خاص إلى استدراك الحاجة إلى تفعيل أنظمتها الصحية وإلى تعزيز قدرتها للتعامل بشكل مناسب مع آثارها الاجتماعية والاقتصادية.

تشكّل نسبة الإعالة العمرية من ناحية أخرى، مقياساً اقتصادياً يتمّ احتسابه عن طريق قسمة عدد المنتجين على عدد المعالين وعادة ما يستخدم لفهم العبء الاقتصادي النسبي للقوى العاملة والتداعيات العميقة والمتعددة الأوجه التي تترتب عنه لا سيّما على الصعيدين المالي والضريبي. وبالرغم من أنَّ المنطقة العربية تشهد انخفاضاً في نسبة إعالة الشباب بسبب المتغيّرات التي تشهدها معدلات الخصوبة، وتتمتع بأدنى نسب إعالة لكبار السن؛ إلا أنَّه من المتوقع أن تتضاعف هذه النسبة بحسب الاسكوا من 8% إلى 16.5% بمتوسط فترة انتقال قُدّرت بـ36 عاماً وهي فترة تُعتبر قصيرة لمواجهة المتغيّرات الديموغرافية واتخاد التدابير اللازمة بشأنها.

مما لا شك فيه، أنَّ التغير الديموغرافي سيؤدّي حتماً إلى تغيير تركيبة السكان المعالين وطبيعة احتياجات الرعاية لكبار السن خاصةً وأنه يتزامن مع متغيرّات عدة ناجمة عن الهجرة والنزوح والتغيير في البنية الاجتماعية والاضطرابات وغيرها من العوامل التي تؤدي إلى انخفاض معدلات الرعاية غير الرسمية، هذا فضلاً عن تمازجه مع الفوارق الاجتماعية والاقتصادية القائمة في المنطقة.

إلتزمت العديد من الدول العربية تطبيق خطة مدريد للشيخوخة وأطلقت إستراتيجيات وطنية تسعى من خلالها إلى تعزيز آليات لتناول القضايا الصحية والاجتماعية لكبار السن؛ إلا أنَّ القدرة على تلبية هذه الاحتياجات تشترط أولاً توفير بيانات أكثر دقة وتطوير إستراتيجيات وسياسات وبرامج قائمة على الأدلّة تستجيب لحاجات وتعزز البيئة التمكينية لكبار السن.

أقرَّ لبنان عام 2020 الإستراتيجية الوطنية 2020-2023 وصدر القرار رقم 109 بتاريخ 2-8-2016 المتعلق بتعديل التغطية الصحية لمن تجاوز الـ64 من العمر لكي تصبح 100% بدلاً من 85%.

الرعاية غير مدفوعة الأجر تقع على كاهل النساء وتحدّ إمكانيات التمكين الاقتصادي للمرأة

تساهم أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر إلى حدٍّ كبير في رفاهية الانسان، إلا أنَّ توزيعها بحسب الجنس والطبقات الاجتماعية يبقى بشكل عام غير متوازن. 42% من نساء العالم (منظمة العمل الدولية) لا تستطعن الحصول على وظائف لأنهنَّ مسؤولات عن تقديم الرعاية بالكامل، مقارنة بـ6% فقط من الرجال. تقع مسؤولية أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر مثل تربية الأطفال والمهام المنزلية والاعتناء بأفراد العائلة في جميع أنحاء العالم بشكل خاص على عاتق النساء والفتيات، مما يترك لهنَّ وقتاً أقل للتعليم وللترفيه وللمشاركة السياسية وللعمل مدفوع الأجر وغير ذلك من الأنشطة الاقتصادية.

إنَّ حجم أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر هائل وغالباً ما يعِّوض عن نقص الإنفاق العام على خدمات الرعاية والبنية التحتية. وبالرغم من أنَّ النساء يؤدّين 12.5 مليار ساعة من أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر كل يوم وتوازي مساهمتهن، إذا ما تمّ احتسابها مقارنةً بالحدّ الأدنى بحسب منظمة “اوكسفام”، بما لا يقل عن 10.8 تريليون دولار سنوياً، أي أكثر من ثلاثة أضعاف حجم صناعة التكنولوجيا العالمية. إلا أنّه نادراً ما يتم احتساب هذه المساهمة في الناتج المحلي للدول.

من ناحية أخرى، تشكلّ أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر عائقاً رئيسياً أمام التمكين الاقتصادي للمرأة، فكلَّما زاد عدم المساواة في توزيع مسؤوليات أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر بين النساء والرجال، زادت فجوة المساواة  بين الجنسين وانخفض معها معدّل مشاركة المرأة في القوى العاملة. سجلت إحصاءات المنتدى الاقتصادي العالمي انخفاضاً في معدّل مشاركة المرأة في القوى العاملة العالمية بنسبة 3.4%، مقارنةً بنحو 2.4% للرجال بين عامي 2019 و2020، وأشارت الى أن ارتفاع التكافؤ ما بين عامي 2022 و2023 من 63% إلى 64% لا يزال أقل من معدّله في عام 2006 وأقل بكثير من الذروة التي بلغها في عام 2009 والتي بلغت 69%.

تثير هذه المساءلة أيضاً قلقاً في الدول العربية التي تتسّم بمعدلات متدنية لمشاركة المرأة في سوق العمل تتراوح بين 11-25%. والتي لا تزال، بالرغم من تقلص فجوة التعليم بين الجنسين، تشهد ركوداً على مدى العقود الماضية، وتنحدر في بعض البلدان العربية بسبب الاضطرابات السياسية والاقتصادية. إضافةً إلى ذلك، تشهد المنطقة فجوات كبيرة بين الجنسين في معدلات البطالة وفي الدخل، حيث تحصل المرأة العربية على 12.5% فقط من الدخل الذي يحصل عليه الرجل العربي، وهي أدنى نسبة في العالم بحسب منظمة العمل الدولية.

إنَّ هذا العبء غير المتكافئ بين الجنسين في أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر هو نتاج الأعراف الاجتماعية وكذلك سياسات الإنفاق وسياسات الرعاية وسوق العمل. تلعب التشريعات والسياسات الاقتصادية والمالية والاجتماعية دوراً رئيسياً لناحية تخصيص الموارد وإعادة التوزيع والحدّ من أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر؛ حيث تشير التقديرات إلى أن انخفاض أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر يزيد من فرص وقدرة المرأة على المشاركة في القوى العاملة بنسبة 10% فضلاً عما ينتجه من فوائد اقتصادية واجتماعية للعائلات، والأفراد، والمجتمعات. وبحسب تقديرات منظمة العمل الدولية فإنَّ كل دولار أميركي يتم استثماره في سد الفجوة في سياسات رعاية الأطفال مثلاً سيؤدي إلى زيادة متوسطها 3 دولارات أميركية في الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035.

لا تزال الدول العربية، كما لبنان، تواجه تحدّيات وثغرات عدة على الصعيد التشريعي كما على الصعيد السياساتي لإزالة الحواجز التي تمنع النساء من المساهمة بشكل كامل في الأنشطة الإنتاجية. إنَّ زيادة الاستثمار في خدمات الرعاية لا سيّما الطفولة المبكرة والتعليم، تمكّن وتعزز من قدرة الأشخاص الذين هم بحاجة لها، كما أنها تسهّل مشاركة المرأة في القوى العاملة، وتوفر فرصة عمل إضافية في قطاع الرعاية مدفوعة الأجر.

  1. %24 من الدول العربية تستوفي المعيار العالمي للاتفاقية رقم 183 لمنظمة العمل الدولية بشأن رفع مدة إجازة الأمومة مدفوعة الأجر إلى 14 أسبوعاً وتغطيتها بأنظمة الضمان الاجتماعي.
  2. 8 دول من أصل 17 دولة فقط تسمح للموظفين لا سّيما النساء الحصول على إجازة إضافية غير مدفوعة الأجر لرعاية الأطفال تحت سن معينة. وتختلف الشروط وفقاً لقوانين العمل في كل بلد.
  3. لا يوجد أي دولة عربية توفر إجازة لرعاية اعضاء الأسرة البالغين.
  4. إجازة الأبوة لم تقرّ في العديد من الدول.
  5. لا يوجد حق قانوني في الحصول على إجازة مدفوعة الأجر لإجراء الفحوصات الطبية السابقة للولادة.

الفئات الأكثر حاجة للرعاية لا تزال مهمشة والأكثر هشاشة خارج نطاق أي تغطية

دراسات عدّة تسلّط الضوء على فعالية أنظمة الحماية الاجتماعية والصحّية والرعاية طويلة الأمد في درء مخاطر الفقر والتقليل من معدلاته؛ وعلى الدور الذي تلعبه في هيكلة سوق العمل، وتعزيز القدرة على الصمود في مواجهة الصدمات الاقتصادية.

تنفق الدول العربية ما متوسطه 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي على الحماية الاجتماعية (باستثناء الصحة)، ويبلغ معدل الإنفاق على الصحة 8.5%، وهو معدل منخفض مقارنة بـ12.3% لأميركا اللاتينية و13.8% كمتوسط عالمي. بالإضافة إلى ذلك، تشكّل القدرة على تحمل التكاليف وسهولة الوصول إلى الخدمات الصحية أحد التحديات الرئيسية التي تواجهها السياسات والبرامج الصحية في الدول العربية بشكل عام.

تتعرض المنطقة لضغوطات هائلة لتوفير أنظمة رسمية لحماية الناس من المخاطر الاجتماعية والاقتصادية وضمان التمويل اللازم لتغطية كلفتها، بما في ذلك الحماية الاجتماعية والرعاية طويلة الأجل. يبلغ متوسط التغطية القانونية لأنظمة التقاعد حوالي 46%، مقابل 34.8% للنساء. مجموعات كبيرة من السكان في البلدان العربية لا تزال ايضاً خارج نطاق التغطية، لاسيّما العاملين لحسابهم الخاص والعاملين في الزراعة والقطاع غير الرسمي. وتعتمد الدول العربية على برامج الدعم والبرامج الاجتماعية لتعويض النقص الحاصل وتوفير المساعدة المالية أو العينية للأكثر حاجة.

تتصف معظم أنظمة التقاعد في المنطقة بأنها غير مستدامة، وتتراكم عليها التزامات مرتفعة، كما أنَّها لم تشهد منذ نشأتها إلا القليل من الإصلاحات الجوهرية. إنَّ نجاح أنظمة الضمان الاجتماعي ترتبط أيضاً بمراعاة خصوصية الفئات المستهدفة في تصميم البرامج والخدمات واحتساب الكلفة واستدامتها لتلبية حاجاتهم الفعلية على مدى دورة الحياة ولتقليل العبء الكبير الذي تتحمّله أسَرهم.

تتزايد أهمية الرعاية طويلة الأجل ليس فقط لكبار السن، ولكن أيضاً للفئات المهّمشة وللأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة وحاجات خاصة. تُعّرف الرعاية طويلة الأجل بأنها مجموعة متنوعة من الخدمات التي تساعد على تلبية الاحتياجات الطبية وغير الطبية للذين لا يستطيعون رعاية أنفسهم لفترات طويلة. تركز الرعاية طويلة الأجل على الخدمات الفردية والمنسقة التي تعزز الاستقلال، وتحسن جودة الحياة، وتلبي احتياجات الفرد على مدى فترة زمنية طويلة.

لعبت الرعاية طويلة الأجل دوراً هاماً في أوروبا في نهاية القرن العشرين وساهمت في تشكيل سياسات المساعدة الشخصية لتوفير خدمات العيش المستقل. كما سعت العديد من الدول الأوروبية حينها إلى تعديل قوانينها لتلبية الحاجات وصولاً إلى توفير فرص العمل لتمكين الأشخاص وأفراد أسرهم من الانخراط في القوى العاملة.

خمسة دول عربية فقط تمتلك إطاراً قانونياً لخدمات الرعاية العامة طويلة الأجل لكبار السن، إلا أنَّ أنظمة الرعاية في المنطقة بشكل عام لا تزال تعتمد بشكل كبير على الدعم الاجتماعي الأسري والمجتمعي لأداء أبسط أنشطة الحياة اليومية؛ مما يترك الفئات الأكثر حاجة إلى رعاية طويلة الأجل أمام تحدّي توفير الخدمات وتأكيد جودتها وتحمل تكاليفها.

وفي ظل غياب أنظمة الرعاية طويلة الأمد وغياب الإنفاق على هذا النوع من الخدمات التي غالباً ما تقترن بمعاشات تقاعدية محدودة نسبياً، يتأثر تقديم الرعاية الأسرية أيضاً بتكاليف يومية إضافية تتعلق بالنقل، والأدوية وتأمين اللوازم الطبية، والمعدات والتأهيل الهندسي للمنازل مما يؤثر على الموازنة المالية للأسرة، خاصة وإنَّ معظم هذه التكاليف لا تغطّيها برامج التأمين. وبالتوازي مع ذلك، لا تزال الرعاية المنزلية الرسمية مكلفة وتزداد كلفتها مع شدّة الاحتياجات ووتيرتها لا سيّما تلك التي تنطوي على ساعات طويلة من الرعاية اليومية او الأسبوعية.

طلب متزايد على وظائف الرعاية وشروط العمل تحتاج إلى تحسين

يشمل قطاع الرعاية العاملين في مجال الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية، ويقدر حجم العمالة في هذا القطاع في العالم بـ11.5%، أي 381 مليون عامل، 249 مليون منهم من النساء. يعتبر هذا القطاع مصدراً مهماً للتوظيف، وبعد جائحة كوفيد – 19 نمت وظائف الرعاية الصحية والاجتماعية بوتيرة أسرع من غيرها لتظهر الحاجة إلى 475 وظيفة (منظمة العمل الدولية) إضافية للرد على الطلب المتزايد على خدمات الرعاية بحلول عام 2030.

بالرغم من أهمية وظائف الرعاية على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي وما تتطلبُه من جهدٍ ومستويات عالية من المهارات التواصلية والمعرفة المتخصصة إلا إنّه لا يتم دائماً الاعتراف بالمهارات وتقديرها بشكلٍ كامل؛ حيث تشير الدراسات المتعلقة بالمهن الصحية في 20 دولة أوروبية إلى حصول الأطباء على أعلى الأجور، والعاملين في مجال الرعاية الشخصية على أقل الأجور، في حين أنَّ مجموعات التمريض والقبالة تحتل مرتبة متوسطة الأجور، والتي لا يمكن أن تعزى إلى الاختلافات في المهارات أو الخبرة أو مؤهلات الاعتماد.

إنَّ العديد من العاملين في هذا المجال لا يزالون أيضاً يعملون ضمن ظروف عمل سيئة كالعقود المؤقتة، وعبء العمل المضاعف، وساعات العمل الطويلة. كما أنهم يعانون من نقص في التدريب والموارد ويتقاضون أجوراً زهيدة، وكثيراً ما يتم إشراكهم لتعويض النقص من العاملين. تؤدّي المعدلات المنخفضة للأجور أيضاً إلى تقويض قدرة العاملين في مجال الرعاية على الحصول على الرعاية لأفراد أسرهم، مما يزيد من مسؤوليات الرعاية الملقاة على عاتقهم.

تختار النساء بالمجمل العمل في القطاع غير الرسمي للرعاية بسبب المرونة التي يوفّرها وتدنّي الشروط لدخول سوق العمل فضلاً على ترتيبات العمل التي تسمح لهن الوفاء بمسؤوليات الرعاية لأسرهن. 80% من 67 مليون عامل منزلي في العالم هم من النساء، وتشير الإحصاءات إلى أن 90% منهنَّ لا يحصلن على الضمان الاجتماعي، وأكثر من النصف ليس لديهن حدود لساعات عملهن الأسبوعية. ناهيك عن غياب أي نوع من أنواع الحماية الاجتماعية والتعرّض للممارسات التمييزية. يجذب قطاع الرعاية غير الرسمي أيضاً المهاجرين من النساء إلى البلدان ذات الدخل المرتفع (ومعظمهم من النساء) ويحصلن على أجر أقل بنسبة 19.6 % من العامل غير المهاجر مما يزيد من فجوة الأجور وحدّتها.

ختاماً، تشكّل الرعاية محرّكاً رئيسياً للاقتصاد إذ تؤّثر على الناتج المحلي الإجمالي، ومشاركة القوى العاملة وخلق فرص العمل. للاستثمار في الرعاية أيضاً عوائد اقتصادية واجتماعية كبيرة للعائلات وللأفراد وللمجتمعات، تلخّص بالنقاط التالية:

  • تعزيز صحة الأفراد ورفاههم وقدراتهم وحقوقهم، لا سيما بالنسبة للفئات الأكثر تضرراً والمحرومين.
  • تسهيل مشاركة المرأة في القوى العاملة، وتحسين الدخل، وبالتالي تساهم في تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات.
  • توسيع خدمات الرعاية الصحية والاجتماعية وتوليد فرص عمل لائقة في قطاع الرعاية الرسمي والقطاعات الاخرى.

المصدر: مجلة الجيش

https://hura7.com/?p=40780

الأكثر قراءة