dwـ أعرب المستشار الألماني شولتس عن تأييده من حيث المبدأ للتدابير التي اقترحها الرئيس الفرنسي لجعل قارة أوروبا قوية اقتصاديا وآمنة. ماكرون ألقى خطاب مبادئ دعا فيه الأوربيين إلى اليقظة قبل فوات الآوان.
كتب المستشار الألماني أولاف شولتس على منصة إكس، معلقا على خطاب مبادئ ألقاه الرئيس الفرنسي، قائلا إن الهدف المشترك لفرنسا وألمانيا هو أن “تبقى أوروبا قوية”.
وأضاف شولتس مخاطبا ماكرون: “خطابك يحوي محفزات جيدة تتعلق بالكيفية التي يمكن لنا بها أن ننجح في هذا”.
وكان ماكرون حذر، في كلمته التي ألقاها في جامعة السوربون في باريس، من أن أوروبا تواجه خطرا كبيرا “لإضعافها أو حتى التقليل من مرتبتها” خلال العقود المقبلة.
وطالب ماكرون بوضع استراتيجية دفاعية أوروبية تعتمد على صناعة أسلحة مشتركة وتسريع إعادة التسلح بتمويل من أموال الاتحاد الأوروبي من أجل التعامل مع التهديد الروسي.
كما رأى ماكرون أنه يجب إعادة النظر في السياسة التجارية في ضوء الإعانات الضخمة التي تقدمها الصين والولايات المتحدة لصناعاتهما، وطالب بمنح مزايا تفضيلية للمنتجات الأوروبية في مجال التكنولوجيات الرئيسية في الاتحاد الأوروبي.
وأضاف شولتس المنتمي إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي: “معا ندفع الاتحاد الأوروبي إلى الأمام: سياسيا واقتصاديا”.
يشار إلى أن العلاقة بين شولتس وماكرون كانت تميل إلى الفتور منذ بداية فترة ولاية شولتس كمستشار، غير أن شولتس حاول التصدي لهذا الانطباع في آذار/مارس عندما قال: “إيمانويل ماكرون وأنا لدينا علاقة شخصية جيدة للغاية – وأود أن أصفها بأنها ودية للغاية”.
ماكرون يقرع ناقوس الخطر: “أوروبا مهددة بالموت”
ورسم الرئيس الفرنسي، الخميس (25 أبريل/نيسان 2024)، صورة مثيرة للقلق لأوروبا، مؤكدا أنها “مهددة بالموت” و”مطوّقة” وتواجه خطر “التراجع” في مواجهة منافسة القوى الكبرى الأخرى، داعيا إلى قوة دفع جديدة للمشروع الأوروبي بحلول عام 2030.
وقال ماكرون في خطاب بشأن مستقبل أوروبا “يجب أن نكون واضحين اليوم بشأن حقيقة أن أوروبا مهددة بالموت، ويمكن أن تموت”. وأضاف أمام 500 ضيف من بينهم سفراء الدول الـ26 الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وطلاب وباحثون وأعضاء حكومته، “الأمر يعتمد فقط على خياراتنا، لكن هذه الاختيارات يجب أن نتخذها الآن” لأنه “في أفق العقد المقبل (…) هناك خطر كبير يتمثل في إمكان أن نضعف أو حتى نتراجع”.
وتحدث الرئيس الفرنسي عن أوروبا “المطوّقة” في مواجهة قوى إقليمية كبرى، واعتبر أن قيم “الديموقراطية الليبرالية” الأوروبية “تتعرض لانتقادات وتحديات متزايدة”. وحذّر من أن “الخطر هو أن تشهد أوروبا تراجعا، وقد بدأنا بالفعل في رؤية ذلك على الرغم من كل جهودنا”، داعيا إلى “أوروبا قوية” قادرة على “فرض احترامها” و”ضمان أمنها” واستعادة “استقلالها الاستراتيجي”.
وفي سياق جيوسياسي تطغى عليه الحرب في أوكرانيا، دعا إيمانويل ماكرون الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز دفاعاته داخل حلف شمال الأطلسي (ناتو)، مشيرا بشكل عابر إلى إمكانية تجهيز التكتل بدرع مضادة للصواريخ. ووصف سلوك روسيا بعد غزوها لأوكرانيا بأنه “جامح” وقال إنه لم يعد من الواضح أين تكمن “حدود” موسكو. وأضاف أن “الشرط الذي لا غنى عنه” للأمن الأوروبي هو “ألا تنتصر روسيا في الحرب العدوانية في أوكرانيا”. وقال “لقد تغيرت قواعد اللعبة” بسبب قوى مثل روسيا وإيران، معربا عن أسفه لـ”الصحوة التي لا تزال ضعيفة للغاية في مواجهة إعادة التسلح الواسعة في العالم”.
وأعلن الرئيس الفرنسي في هذا الصدد أنه سيدعو الأوروبيين إلى بناء “مفهوم استراتيجي” لـ”دفاع أوروبي”. كذلك، دعا أوروبا إلى تعزيز صناعتها الدفاعية والحصول على “قرض أوروبي” للاستثمار في التسلح. ودافع إيمانويل ماكرون أيضا عن “إعطاء الأولوية للموردين الأوروبيين في شراء المعدات العسكرية”.
التنافس التجاري
وعلى الصعيد التجاري، دعا ماكرون إلى “مراجعة” السياسة التجارية الأوروبية “من خلال الدفاع عن مصالحنا” في مواجهة الممارسات التجارية الصينية والأمريكية وقال: “لا يمكن أن ينجح الأمر إذا كنا الوحيدين في العالم الذين يحترمون قواعد التجارة كما كتبت قبل 15 عاما، إذا لم يعد الصينيون والأمريكيون يحترمونها من خلال دعم القطاعات الحيوية”.
ويُنظر إلى هذا الخطاب على نطاق واسع على أنه بداية للحملة الانتخابية في ظل تراجع معسكر الرئيس في استطلاعات الرأي قبل ستة أسابيع من الانتخابات الأوروبية المقررة في التاسع من حزيران/يونيو والتي يتصدر حزب التجمع الوطني (يمين متطرف) توقعاتها إلى حد كبير.
ووفق استطلاع رأي أجرته مؤسسة “أوبينين واي”، فإن قائمة الغالبية الرئاسية حصلت على 19% من نوايا التصويت، أي أنها متخلفة كثيرا عن قائمة حزب التجمع الوطني (29%)، لكنها حافظت على تقدم واضح على قائمة الاشتراكيين ( 12%).
من جانبه، نفى قصر الإليزيه أن يكون للخطاب أي نوايا انتخابية، مؤكدا أن ماكرون يريد “التأثير” على جدول أعمال المفوضية الأوروبية المقبلة بعد انتخابات حزيران/يونيو.