جريدة الحرة
DWـ نفّذت قوات مكافحة الجريمة في برلين مداهمات في 23 موقعًا استهدفت مشتبهًا بهم في نشر دعاية إسلاموية متطرفة عبر الإنترنت، وفق ما أفادت به النيابة العامة. وأكدت السلطات أن هدف الحملة يتجاوز الطابع الأمني، إذ تسعى إلى التحذير من خطورة هذا النوع من التحريض، لا سيّما في أوساط الشباب.
حملة أمنية واسعة للتحذير من خطاب الكراهية في صفوف الشباب
شنت أجهزة الأمن الألمانية حملة تفتيش شملت 23 موقعًا في العاصمة برلين، استهدفت أفرادًا يُشتبه في نشرهم دعاية متطرفة عبر الإنترنت. وأوضح متحدث باسم مكتب المدعي العام في برلين، يوم الإثنين (21 يوليو/تموز 2025)، أن التحقيقات تركز تحديدًا على المحتوى الإسلاموي المنتشر على شبكة الإنترنت.
وأضاف المتحدث أن السلطات تسعى، من خلال هذه الحملة، إلى لفت الانتباه إلى خطورة تصاعد خطاب الكراهية بين الشباب في السنوات الأخيرة، وما يحمله ذلك من تداعيات على النسيج الاجتماعي والأمن الداخلي.
“يوم الأناشيد”: عملية منسّقة واعتقالات محتملة
أُطلق على الحملة الأمنية اسم “يوم أنشطة الأناشيد”، في إشارة إلى “النشيد” بوصفه ترنيمة دينية في العقيدة الإسلامية. وقد نُفذت العملية من قبل مكتب الشرطة الجنائية الإقليمي في ولاية برلين بالتعاون مع مكتب الادعاء العام، في سياق تحقيقات متعددة ومنسّقة.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة برلينر مورغن بوست الألمانية، تخللت الحملة أيضًا بعض الاعتقالات، إلا أن مكتب المدعي العام لم يؤكد ذلك رسميًا حتى الآن، كما لم تُكشف تفاصيل دقيقة حول المواقع التي جرت مداهمتها.
تحذيرات من استغلال منصّات الألعاب لتجنيد الأطفال
في موازاة ذلك، تتصاعد المخاوف من استخدام الجماعات المتطرفة، بما في ذلك الإسلامويون، منصات الألعاب الإلكترونية لاستقطاب الأطفال والمراهقين. وأكدت وزارة داخلية ولاية بادن-فورتمبيرغ، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (DPA)، أن ظاهرة “التطرف الرقمي” بين الأطفال تُشكّل تهديدًا متناميًا.
وتعتزم الولاية طرح سلسلة من الإجراءات لمكافحة هذه الظاهرة خلال مؤتمر وزراء الداخلية المزمع عقده في بريمرهافن، مع التركيز على المنصات الرقمية التي باتت أرضًا خصبة للدعاية والتجنيد غير المرئي.
أساليب خفية تعيق الكشف والتدخل
وفقًا للوزارة، تعتمد الجماعات المتطرفة – سواء اليمينية أو الإسلاموية أو مروّجو نظريات المؤامرة – على أساليب تواصل خفية عبر الإنترنت، تجعل من الصعب رصدها أو التدخل لوقفها. وغالبًا ما تتم هذه الأنشطة عبر المحادثات الصوتية، أو المجموعات المغلقة، أو من خلال محتوى مموّه يصعب تمييزه.
وبينما تُشكّل بعض منتديات الألعاب فضاءً آمناً لترويج الأيديولوجيات المتطرفة، تُعيق التقنيات المستخدمة، وإخفاء الهوية، تدخل الجهات الأمنية والمعنيين في المؤسسات التربوية.
الخوارزميات تُعزّز التطرف: دائرة رقمية مغلقة
وفي وقت سابق، عبّر وزير داخلية ولاية بادن-فورتمبيرغ، توماس ستروبل، عن قلقه حيال تصاعد نفوذ المتطرفين على المنصات الرقمية، مؤكداً أن الأطفال والمراهقين باتوا يقضون جزءًا كبيرًا من وقتهم على الإنترنت، سواء في الألعاب أو وسائل التواصل الاجتماعي أو المنتديات، مما يجعلهم أهدافًا سهلة للاستقطاب.
وأوضح ستروبل أن الجماعات المتطرفة تستغل سهولة الوصول إلى هؤلاء الشباب لكسب ثقتهم، وتغذية أفكار أيديولوجية متشددة في أذهانهم، وذلك غالبًا من دون علم الأهل أو الكادر التربوي.
وأضاف أن الخوارزميات الرقمية تُفاقم من خطورة هذا الواقع، إذ يكفي أن يتفاعل المستخدم لمرة واحدة مع محتوى متطرف حتى تبدأ المنصات بعرض مزيد من المحتوى المماثل تلقائيًا، مما يُدخل المستخدم في دائرة مغلقة تعزّز الانغلاق الفكري، وتُبعده عن القيم الديمقراطية، وتقوده نحو عوالم أيديولوجية مغلقة شديدة الخطورة.


