الأربعاء, أبريل 23, 2025
18 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

محمد سعد عبد اللطيف ـ هوامش على دفتر النكبة… وصدى صرخات مظفر وقباني في سوريا والعراق ولبنان

الحرة بيروت ـ بقلم: محمد سعد عبد اللطيف، كاتب وباحث مصري

حين صرخ نزار قباني في هوامش على دفتر النكبة، كان يحاكم العجز العربي أمام النكسة، تمامًا كما فعل مظفر النواب حين مزق أوهام العروبة الكاذبة في القدس عروبتكم صائحًا: “القدسُ عروسُ عروبتِكم، فلماذا أدخلتم كلَّ زناةِ الليلِ إلى حجرتها؟”

وما بين نزار والنواب، وبين فلسطين وسوريا والعراق ولبنان، ثمة نكبات تتكرر، وحروب أهلية تُعيد إنتاج نفسها، والقاتل دائمًا هو الهوية، والضحية دائمًا هو الإنسان.

سوريا: حرب النكبات والدماء

كما كانت نكبة 1948 لحظة سقوط في الوعي العربي، فإن ما حدث في سوريا منذ 2011 هو إعادة إنتاج لمأساة لا تقل بشاعة. لم تكن البداية طائفية، بل انتفاضة للحرية والكرامة، لكن سرعان ما تحولت البلاد إلى ساحة صراع بين طوائف وجماعات، بين محاور إقليمية ودولية، حتى أصبح القتل على الهوية جزءًا من المشهد اليومي.

في القدس عروبتكم!، صرخ مظفر النواب ضد الحكام العرب الذين باعوا فلسطين، واليوم، لو كان حيًا، لأطلق ذات الصرخة ضد من دمروا سوريا، ومن خذلوا شعبها، ومن جعلوا الثورة حربًا، والحرب سوقًا، والدماء تجارة.

العراق: من الديكتاتورية إلى الطائفية

العراق، الذي عرف مظفر النواب سجونه ومنافيه، لم يكن بعيدًا عن المأساة. فمنذ الاحتلال الأميركي عام 2003، تحولت البلاد إلى ساحة اقتتال طائفي. كان النواب يرى في بغداد قلب العروبة، لكنه شهد كيف أصبحت ممزقة بين ميليشيات وتدخلات أجنبية، تمامًا كما حدث في سوريا ولبنان.

“أتسكعُ في هذه الأمة… لا حزناً… أو طرباً… لكن قرفاً”

صرخة النواب هنا تبدو وكأنها كتبت لكل العواصم التي احترقت بنيران الطائفية، لكل الجثث التي ملأت دجلة والفرات، ولكل الأمهات اللاتي انتظرن أبناءً لن يعودوا أبدًا.

لبنان: حرب أهلية لا تنتهي

في سبعينيات القرن الماضي، كان لبنان مسرحًا لحرب أهلية طاحنة، حيث باتت الهوية سببًا للموت، والاختلاف مبررًا للذبح. وكما كانت بيروت مركز الثقافة والفكر، صارت نموذجًا للدول التي تفشل في بناء وطن يتسع للجميع.

حين كتب النواب عن القدس عروبتكم!، كان يفضح تواطؤ الأنظمة العربية، ولو أنه عاش ليرى سوريا والعراق ولبنان اليوم، لكان صوته أشد غضبًا، وأكثر مرارة.

نزار والنواب: بين الهجاء والحزن

كان نزار قباني يهجو بطريقته، يسخر ويبكي في آن واحد، بينما كان مظفر النواب أكثر عنفًا في كلماته، لا يهادن ولا يجامل. لكن كلاهما صرخ، وكلاهما رأى الهزيمة تتكرر، وكلاهما لو عاش حتى اليوم، لرأى كيف أصبحت “عروبتكم” مجرد شعارات، وكيف أن النكبة لم تعد حدثًا، بل مصيرًا متكررًا في كل بلد عربي.

ربما لا تزال صرخاتهما تتردد في شوارع العرب، لكن السؤال الأهم: هل من يسمع؟

https://hura7.com/?p=48258

 

الأكثر قراءة